بلال العبويني
يكابد غالبية الأردنيين وتحديدا في المدن مشاق الازدحام المروري يوميا، حتى بات الأمر يضغط على الأعصاب، ويتسبب بمشاكل مختلفة ومتعددة منها زيادة مصروف وقود السيارات وتأخر الموظفين عن أعمالهم وما إلى ذلك.
الشوارع تكاد تتفجر من شدة ضغط السيارات، في مقابل ذلك لا يبدو في الأفق أن ثمة حلولا لحل تلك الإشكالية المؤرقة، وما يبدو أنها خطط لا يتوقع أن تخفف الضغط على الطرقات وتقلل من منسوب السيارات في الشوارع.
تعاني الطرقات في المدن من إشكاليات هندسية، ولست في وارد الحديث في ذلك، بيد أن ثمة أفكارا من الممكن أن تكون مدخلا لحل أزمة الطرقات وإشكاليات النقل العام في المملكة.
أولا: إن واحدة من إشكاليات وسائط النقل هي السماح بالترخيص الفردي لسيارات التاكسي الأصفر والكوستر والحافلات، وفي هذه الحالة من الصعب بمكان التحكم بكل مفاصل القطاع وتنظيمه بشكل عصري يحفظ كرامة ووقت المواطنين.
وحل هذه الإشكالية يكمن في إجبار المشغلين الفرديين الاندماج في شركات كبرى يوضع لها نظام عصري بحيث نتخلص فيها من العشوائية والمزاجية والوصول إلى قناعة أن النقل خدمة وما دامت واسطة النقل داخل الخدمة وتعمل فهي ملك للمواطن لا لمزاجية المشغل في تحميل هذا ومنع الخدمة عن ذاك.
ثانيا: أن يشمل النظام العصري المقصود عدم التحرك العشوائي لوسائط النقل في الشوارع كيفما تشاء ودون برنامج معد مسبقا، بل يجب أن يتطور ليصل وتحديدا للكوستر والحافلات بين المحافظات ضمن نظام التردد السريع مع تصميم محطات توقف على الطرقات، حتى لا يستغل السائق الأماكن الفارغة داخل مركبته للتحميل والتنزيل على الطرقات ما يؤخر وصول واسطة النقل إلى وجهتها النهائية في الوقت المحدد.
ثالثا، أن يسبق ذلك كله دورات تثقيفية للسائقين في كيفية التعامل مع الركاب والطرقات وأن يشمل أيضا إلزام السائقين بزي موحدليعطي انطباعا وصورة إيجابية للمشتغلين في القطاع على غير تلك الصورة المعتادة.
رابعا: أن يتطور قطاع النقل بما يتواءم مع تطور التكنولوجيا، وتحديدا فيما يتعلق بقطاع التاكسي الأصفر إذ ليس من المعقول أن يظل يجوب الشوارع هكذا ودون تخطيط ولا يجب أن يظل متروكا لمزاجية سائق التاكسي في التعامل مع الركاب وفقا لمزاجيته من حيث الوجهة والتعرفة، وهنا لا بد من تعميم فكرة تطبيقات النقل إلى كافة سيارات الأجرة الصفراء في المملكة كافة.
ذلك ما يتعلق بالمشغلين، إلا أن ثمة دورا على الحكومة في المساهمة في ذلك ويكمن ذلك في تشجيع الاستثمار في القطاع عبر تقديم الدعم اللازم له، إذ لا يعقل أن نتمكن من الوصول إلى مرحلة التردد السريع دون أن تقدم الحكومة دعما للشركة المشغلة تضمن عدم تعرضها للخسارة وبالتالي الخروج من السوق وانهيار القطاع كما هو اليوم.
دعم الحكومة يكمن أن تبيع المحروقات لهؤلاء المشغلين بأسعار تمنع من تعرضهم للخسائر، إذ لا يعقل أن يستمر الأمر في بيع المحروقات لـ "المفحطين" بذات السعر الذي يباع فيها لمشغلي قطاع النقل، كما لا يجب أن يظل شعور المواطنين أن تنقلهم بسياراتهم الخاصة أقل كلفة من تنقلهم بوسائط النقل العام.
النقل واجب على الدولة توفيره لمواطنيها وبالتالي فإن كانت قد تخلت عنه لصالح القطاع الخاص، فالواجب عليها توفير الدعم للقطاع الخاص باعتباره يحمل كتفا ثقيلا عن كاهلها.
إن تم العمل على مثل تلك الأفكار بالإضافة إلى ما قيل عن الباص السريع في العاصمة وبين المحافظات، فإننا نكون قد وضعنا أنفسنا على أول السلم للتخفيف من شدة الازدحامات على الطرقات ووفرنا قطاع نقل عصريا يحترم وقت وجهد وكرامة المواطن.//