كان الجنرال الفرنسي، أبان احتلال فرنسا للمغرب العربي، لويس مورين، من المعجبين بالممثل الأمريكي أريسون ويلز، بطل فيلم(الزهرة السوداء)، الأمر عادي حتى الآن...لكن غير العادي ، أن الجنرال الفرنسي وخلال عمليات تصوير الفيلم في المناطق التي تسيطر عليها فرنسا في المغرب، أهدى الجنرال مخرج الفيلم، تقديرا لبطل الفيلم، هدية ..لا أعرف بماذا أنعتها.
تم اخراج الفيلم عام 1950 وقد احتاج مخرج الفيلم ، في أحد المشاهد، الى مرور البطل قرب شخصين مشنوقين على شجرة. في العادة يحلّون هذه القصة بوضع دمى مشنوقة، لكن الجنرال الفرنسي قام بشنق اثنين من الوطنيين المغاربة على الشجرة، ليتم استخدام المشنوقين في المشهد...تخيّلوا!.
ليس الغريب ان يشنق الجنرال الفرنسي الوطنيين المغاربة، لكن الغريب أن يقبل المخرج والممثل، وإدارة الفيلم، هذه الهدية بامتنان، ويتعاملون مع الأمر في منتهى العادية، لكأنها ممارسة يومية عادية لا تستحق الانتباه أو التعليق.
وفي حادثة أكثر بؤسا، لكنها من ذات المستوى الإنساني المتدني، كنت قبل سنوات اكتب نصوصا قصيرة للوحات تمثيلية، وأقدم مخرج احدى هذه اللوحات على خنق خروف ليبدو ميتا في المشهد. وقد حضرت اللوحة على (المونيتور) خلال عملة الإعداد، وقال المخرج انه قام بخنق الخروف، حتى لا يظهر بخار تنفسه على الشاشة..يا للهول!.
لم استطع استيعاب ألأمر، فقلت للمخرج اني رأيت الكثير من الجثث في الكثير من الأفلام، فهل كانوا يقتلون الممثلين؟؟؟؟ لكني رأيتهم يقتلون اكثر من مرة في اكثر من فيلم....
الغريب ان المخرج لم يفهم سبب ما قلته، ولم يستوعب غضبي وخروجي من الغرفة.....من ذلك الوقت لم اعد أكتب لوحات تمثيلية.
أنا لا اشبه هول الحادثة الأولى ببؤس الحالة الثانية، لكني أحاول القول بأن الدناءة البشرية في الحالتين ..ذات الدناءة.
الدستور