ما يجري في المنطقه والدور الأيراني فيه/العراق اولاً
مروان العمد
منذ ايام وانا تلوح في خاطري أفكار كثيره اريد ان اكتب حولها ، وكلما فكرت في موضوع معين لأكتب عنه وأخذت ارتب افكاري بشأنه تقفز امامي أحداث اخرى تجري في مكان آخر وتستحق ان تكون موضع اهتمامي وكتابتي فأنصرف اليه ليبرز لي موضوع آخر وكلها لها أهميتها وخطورتها .
لكني ومن خلال تنقلي من فكرة لفكرة أخرى اجد ان هناك خيوطاً تربط هذه الأحداث ببعضها البعض وكلٍ منها تُنفِذ الى الأخرى بحيث يبدو السيناريو واحداً ولكن المسارح والشخوص مختلفه وان جميع هذه الخيوط والسيناريوهات تؤدي الى طهران . ولهذا قررت ان تكون كتابتي متداخلة متحركة من منطقه لمنطقه محاولاً كشف خيوطها ومستكشفاً مسارها والى أين ستؤدي وما هو الدور الإيراني بها
والبدايه ستكون من نقطه البدايه وعلى أثر قيام الثوره الخمينيه والتي في حقيقتها ليست الا أجنده امريكيه فرنسيه مشتركه بعد ان تخلت أميركا عن شاه ايران وحركت الشارع ضده ثم قامت فرنسا بنقل الخميني بالطائرة من باريس الى طهران حيث تم إسقاط نظام الشاه واقامة نظام الملالي الشيعي والذي رفع من لحظته الاولى شعار تصدير الثوره الى دول الجوار والتي هي ليست الا الدول ألعربيه السنيه .
وما قضيه حجز الرهائن في السفارة الامريكيه في طهران وموضوع الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر الا المصيدة التي تم اعدادها لشعوبنا ألتي أخذت تهلل لهذه الثوره وللشعارات التي رفعتها ولتحريرها للسفارة الصهيونيه في طهران ومنحها للفلسطينيين وطناً لهم تحت اسم السفارة الفلسطينيه وان هذا الشيء الوحيد الذي عملته ثوره الملالي للقضيه الفلسطينيه من يوم انطلاقتها حتى الآن ، بأستثناء توقيع الفتن والخلاف داخل الشعب الفلسطيني التي لم يستفد منها غير عدونا الصهيوني .
ثم كانت الخطوه الثانية عندما أخذت الثوره الايرانيه تضع النظام في العراق على رأس سلم أولوياتها في محاوله منها لنشر ثورتها فيه ، مما دفع الرئيس الراحل صدام حسين للقيام بألغاء اتفاق للجزائر معها واستعادة المناطق التي تنازل عنها بموجب هذه الاتفاقيه في شط للعرب لتكون بدايه لحرب الخليج الاولى التي انطلقت في شهر أيلول عام ١٩٨٠ والتي استمرت ثماني سنوات ألزمت فيها أمريكا الدول ألعربيه وخاصه الخليجيه على تغطيه نفقاتها الماليه وعلى شكل ديون على العراق . فيما كانت امريكا تزود العراق بالاسلحه حتى المحرمه منها دولياً لاستعمالها في هذه الحرب .
وبنفس الوقت كانت تزود نظام الملالي بالاسلحه للمحافظة على توازن الرعب ولأطاله امد هذه الحرب بقدر المستطاع ومن ذلك ما اقدمت عليه اداره الرئيس الامريكي آنذاك رونالد ريغان من عقد اتفاق مع ايران بتزويدها بأنواع متطوره من الاسلحه عن طريق الملياردير السعودي عدنان خاشقجي والمتضمنه تزويدها بثلاثه ألآف صاروخ تاو المضاد للدروع والذي كان سلاحاً حديثاً في ذلك الوقت ، بالاضافه الى صواريخ ارض جو مضاده للطائرات مقابل إخلاء سبيل خمسه من الأمريكان المحتجزين في لبنان من قبل مليشيات شيعيه مواليه لإيران . ولأستخدام ثمن هذه الاسلحه في تمويل حركات الكونترا التي كانت تسعى لاسقاط نظام الحكم الشيوعي في نيكاراوغوا فيما عرف باسم ايران جيت أو كنترا جيت. وقد تم توقيع اتفاقية هذه الاسلحه في باريس ووقعها عن الجانب الامريكي جورج بوش نائب الرئيس الامريكي وأبو الحسن بني صدر رئيس وزراء ايران وبحضور مندوب عن الموساد الأسرائيلي والتي تولت عمليه نقل هذه الاسلحه بطريقه سريه الى طهران .
المهم في هذه الحرب التي وقفت فيها الحكومات ألعربيه الى جوار العراق ان نسبه كبيره من الشعب ألعربي وللأسف كان يتعاطف مع ايران مصدقاً انها ثوره اسلاميه لدحر أميركا والصهيونيه وحزب البعث الكافر . الا ان انكشاف قضيه ايران جيت ساعد في دعم الموقف للعراقي بالاضافه الى صمود الشعب العراقي بسنته وشيعته ومن خلفه القياده العراقيه الى ان تم ايقاف هذه الحرب العبثيه في شهر آب عام ١٩٨٨ وأن كان دون تغيير على اوضاع اطرافها على الارض ودون ان يحقق اَي طرف غايته منها ولكن مع تكبيدهما الكثير من الخسائر البشرية والماليه .
وفي الفتره التاليه شهدت المنطقه نزاعاً عراقياً كويتياً على انتاج النفط واتهام العراق للكويت انها تحفر للتنقيب عن النفط بشكل مائل ومن داخل أراضيها وانها لا تلتزم بحصتها في انتاج النفط مما ادى الى انخفاض سعره وبالتالي انخفاض الدخل العراقي وعجزه عن سداد ديونه نتيجه حربه مع ايران بالاضافه الى مطالبة العراق بشطب ديون الدول الخليجيه عنه بحجه انها ترتبت عليه اثناء حمايته للبوابه الشرقيه لهذه الدول من الخطر الشيعي . وقد تطور هذا الخلاف الى ان قامت القوات العراقيه بأجتياح الكويت كلها وهروب اميرها الى السعوديه والاعلان عن قيام الجمهوريه الكويتيه ثم الاعلان عن ضم الكويت للأراضي العراقيه وأعتبارها المحافظه رقم ١٩ في الجمهوريه العراقيه
وقد لعبت الولايات المتحده دوراً رئيسياً بتشجيع الرئيس صدام حسين على القيام بهذه الخطوه وذلك عن طريق السفيره الامريكيه في العراق ابريل غلاسبي حيث انه وفِي عده لقاءات بينها وبين صدام حسين تحدث فيها عن الصعوبات التي يعاني منها العراق متهماً الكويت بأنها تسرق نفطه وتتآمر عليه مهدداً باستخدام ألقوه ضدها وكان رد السفيره ان أمريكا لن تتدخل بهذا الشأن العربي الخاص . وقد فهم صدام حسين من ذلك انها لن تعارض اَي خطوه يتخذها بحق الكويت مما شجعه على اجتياحها وضمهما للعراق .
الا ان الأحداث التي تبعت ذلك من قيام الولايات المتحده بحشد تحالف دولي مكون من ثلاث وثلاثين دوله بغطاء دولي بهدف تحرير الكويت من الاحتلال العراقي وبهدف آخر وهو القضاء على ألقوه العسكريه للعراق وعلى نظام صدام حسين وخاصه بعد سلسله من تهديداته بقصف الدوله الصهيونيه بالصواريخ ولزياده قوته ونفوذه في المنطقه بحيث اصبح رجل الخليج القوي .ولهذا تم الإيحاء له بموافقتهم على اجتياحه للكويت لأستخدام ذلك ذريعه لمهاجمته والقضاء عليه واحتلال العراق لاستبدال هيمنته بالهيمنة الايرانيه على منطقه الخليج . ومن هنا نفهم لماذا وقفت سوريه الى جانب هذا التحالف بالرغم من الشعارات الثوريه المعاديه لأمريكا التي كانت ترفعها والذي لم نعرف تفسيراً واضحاً له في ذلك الوقت الا وهو تقديم خدمه لنظام ايران الشيعي وتحقيق انتقامه من العراق .
هذا وقد قامت القوات الامريكيه وبتاريخ الثاني من آب عام ١٩٩٠ بالتعاون مع دول التحالف بمهاجمه القوات العراقيه في الكويت في عمليه عسكريه اطلق عليها أولاً درع الصحراء ثم اصبح اسمها عاصفه الصحراء وطرد القوات العراقيه منه، ثم ملاحقتها داخل الاراضي العراقيه لمسافه كبيره الى ان أصبحت طريقها مفتوحه نحو بغداد الا من الآليات العسكريه العراقيه المدمره عندما أعلن جورج بوش وبشكل مفاجئ وقفا لإطلاق النار وذلك بتاريخ الثاني والعشرين من شهر شباط عام ١٩٩١ وفرض حصاراً صارماً على العراق بالاضافه الى اقامه مناطق حظر للطيران فوق مساحات شاسعة في جنوب وشمال العراق . وذلك في حرب عرفت باسم حرب الخليج الثانية .
بعد ذلك قامت أمريكا بعمليه درع الفرات والتي كانت متمثله بنشر قواتها في عده دول خليجيه بحيث أصبحت تسيطر على منابع النفط بحجه حمايه هذه المناطق من نظام صدام حسين . ومن هنا يفهم سبب توقف القوات الامريكيه دون ان تواصل مسيرها نحو بغداد عندنا كان الطريق مفتوحاً أمامها لتستعمل من بقاء هذا النظام وسيله لتبرير بقائها في دول المنطقه وابتزازها .
هذا وقد استغلت ايران اوضاع العراق لدفع بعض الشيعه في الجنوب للتمرد على نظام صدام حسين الذي قام بقمع هذا التمرد دون اعتراض أمريكي لأنها لم تكن تريد انهيار النظام العراقي في ذلك الوقت . كما ان ايران امتنعت عن أعاده الطائرات العراقيه التي كانت قد ذهبت الى ايران في بدايه الحرب اليها وصادرتها . كما فتحت حدودها ومعسكراتها لتدريب الأحزاب الشيعيه التي تمردت على النظام العراقي مثل حزب الدعوه وفيلق بدر في انتظار لليوم الموعود والذي كان بتاريخ التاسع عشر من آذار عام ٢٠٠٣ عندما اجتاحت القوات الامريكيه والقوات الحليفه لها العراق بمسانده من قوات البشمركه في شمال العراق والتنظيمات الشيعيه من الجنوب الى ان استولت على مدينه بغداد في الثالث من نيسان من نفس العام بعد سنين من الحصار والضربات العسكريه . ودخل معها زعماء المعارضه العراقيه والذين دخلوا على ظهر الدبابات الامريكيه مثل احمد الجلبي . في حرب عرفت بأسم حرب الخليج الثالثة .
وقد قام الحاكم العسكري الامريكي للعراق بول برايمر بحل حزب البعث والجيش العراقي وفتح الباب واسعاً امام المليشيات الشيعيه العراقيه القادمه من ايران بالدخول للعراق ودخل معهم الآلاف من الإيرانيين . كما مكنهم من الامساك بمفاصل الحكم في بغداد . وعندما أخذت تظهر مقاومه سنيه مسلحه ضد التواجد الامريكي في العراق ، عملت ايران على ادخال أعضاء تنظيم القاعده الذين لجأوا اليها بعد الأحتلال الامريكي لأفغانستان ومن ضمنهم ابو مصعب الزرقاوي واللذين أخذوا في ارتكاب مجازر وحشيه في العراق أدت الى الأسائه للمكون السني فيه . وقد تطور تنظيم القاعده في العراق ليصبح تنظيم الدوله الاسلاميه / داعش وسط موقف أمريكي يشوبه للغموض بالرغم من تشكيلها تحالفاً دولياً برآستها لمحاربه هذا التنظيم الذي تمكن من احتلال جميع أماكن تواجد السنه تقريباً بعد ان تم تسليمها له من قبل للقوات العراقيه التي أصبحت تخضع للسيطره الشيعه وليرتكب فيها هذا التنظيم ابشع المذابح والارهاب بأسم الدين الاسلامي .
ثم حشدت القوات العراقيه مليشيات الحشد الشيعي التي شكلتها مختلف الأحزاب الشيعيه في العراق مدعومه بمتطوعين أيرانين ومن أعضاء الحرس الثوري الإيراني وسرايا فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني و قامت بالاشتراك مع الجيش العراقي بتحرير المناطق التي سيطرت عليها داعش عن طريق تدميرها واستباحتها وإخضاعها لسيطرتها وليختفي أعضاء تنظيم داعش من أمامها بحيث أصبحت هذ المليشيات تسيطر على كامل الاراضي العراقيه .
وبهذا فقد سقطت الورقه العراقيه في الحضن الإيراني وأعلن أكثر من مسؤول إيراني ان العراق اصبح امتداداً للدوله الايرانيه التي أصبحت هي شرطي للخليج دون اَي محاوله للتصدي لها ولمنعها من القيام بهذا الدور . ولَم يبق من الاراضي العراقيه خارج عن سيطرة ايران والمليشيات الشيعيه الا منطقه كردستان العراق . ولذا فقد تم ممارسه اُسلوب الخداع على رئيس هذا الإقليم مسعود البرزاني لكي يجري استفتاء الاستقلال والذي كانت نتيجته تدخل قاسم سليماني بشؤون الإقليم من خلال محافظه السليمانه الذي نجح المذكور بالإيقاع مابين قسماً من قياديها وأحزابها وبين بقيه اقليم كردستان ومما مكن مليشيات الحشد الشيعي والجيش العراقي من السيطره على محافظه كركوك وجميع المناطق المتنازع عليها خارج حدود محافظات الإقليم . ولا يزال مصير باقي محافظات اقليم كردستان غير واضح ولا زالت المليشيات الشيعيه تحيط به تمهيداً لأقتحامها وأخضاعها لسلطه ولايه الفقيه الايرانيه .
والى لقاء في محطه أخرى// .