البث المباشر
“الإسكان والتطوير الحضري”: أراضٍ مدعومة ومشاريع متكاملة للمعلمين أبو رمان: العقبة تمثل ركيزة محورية في مسار التنمية الاقتصادية نقاش موسع حول مستقبل الصحف الورقية والتحول الرقمي والتحديات المهنية الدور الحزبي المأمول تجاه تحديث الإدارة المحلية عمّان عاصمة للشباب العربي 2025.. إنجاز وطني يعزز مكانة الأردن في تمكين الشباب مؤتمر التغيرات المناخية والصحة: الأردن مؤهل ليقود الابتكار في المنطقة الأنفلونسر المصري عمرو الباز يزور السفارة الأردنية في القاهرة بعد زيارة سياحية ناجحة إلى الأردن عمر العنيزات الف مبروك توقيع اتفاقيات مراكز المنصة التكنولوجي في الشمال والجنوب المناطق الحرة تحصل على شهادة " ISO 31000 " في إدارة المخاطر أكبر ميناء في أوروبا يستعد لحرب محتملة مع روسيا تهديد أوروبي لإيران: عقوبات أممية إذا لم نحصل على اتفاق نووي رئيس الوزراء الفلسطيني: استعدادات لتنسيق جهود الإغاثة في غزة والتحضير لمؤتمر الإعمار الصفدي يرعى احتفال العلوم والتكنولوجيا بتصنيفها 461 على مستوى العالم ‎"‎لجنة العمل النيابية" تزور شركة العقبة لإدارة وتشغيل المواني وفد من نقابة المقاولين يزور دمشق لبحث تعزيز التعاون وزير الخارجية يبحث ونظيره الأرميني جهود وقف إطلاق النار بغزة الخريشا: جاهزية القاعات وانضباط الكوادر يعكسان نجاح خطة الامتحانات في لواء ناعور الاقتصادي والاجتماعي يطلق دراسة بعنوان أثر فرض الرسوم الجمركية على الصادرات الأردنية مشروع "ذاكرة المكان وجمالياته".. نقلة نوعية في برامج مهرجان جرش الثقافية

بعد غبار الحرب: كيف تعيد التكنولوجيا رسم حدود القوة بين إيران وإسرائيل؟

بعد غبار الحرب كيف تعيد التكنولوجيا رسم حدود القوة بين إيران وإسرائيل
الأنباط -
بعد غبار الحرب: كيف تعيد التكنولوجيا رسم حدود القوة بين إيران وإسرائيل؟
د.مؤيد عمر
في زمن تداخل الحدود المادية والرقمية لم تعد الحروب في الوقت الحالي تحسم بالبندقية فقط ، بل دخل بعداً جديدا حاسما لكنه غير مرئي: الفضاء السيبراني . الحرب بين إيران وإسرائيل كشفت عن تحول جذري في طبيعة الصراعات التقليدية، حيث أصبحت التكنولوجيا—وليس فقط العتاد العسكري—أداة حسم رئيسية لرسم معادلات الردع وإعادة توزيع موازين القوة.

على مدار السنوات الماضية، وخصوصًا خلال ذُرى التصعيد في أعوام 2020 و2021 و2023، انخرط الطرفان في حروب سيبرانية متبادلة شملت استهداف منشآت حساسة وبُنى تحتية مدنية. من أبرز هذه الحوادث، الهجوم السيبراني الذي نفذته مجموعة "بلاك شادو" المرتبطة بإيران عام 2021، والذي استهدف شركة "سايبرسيرف" الإسرائيلية، مما أدى إلى تسريب بيانات مئات الآلاف من المواطنين الإسرائيليين، بما فيهم مرضى في مراكز صحية. في المقابل، يُشتبه في أن إسرائيل كانت وراء هجوم سيبراني تسبب في شلل منظومة توزيع الوقود في إيران في أكتوبر 2021، مما أدى إلى توقف مؤقت لمحطات الوقود في مختلف أنحاء البلاد، وأثار اضطرابات اجتماعية فورية.

في هذه المواجهة غير التقليدية، تم استخدام الذكاء الاصطناعي في توجيه وإدارة الضربات. وتُعد إسرائيل من الدول الرائدة عالميًا في دمج الذكاء الاصطناعي ضمن إدارة المعارك، حيث اعتمدت على أنظمة تحليل بيانات لحظية مدعومة بتقنيات تعلّم الآلة لتحديد أهداف الضربات الجوية، لا سيما في استهداف قواعد الطائرات المسيّرة الإيرانية ومستودعات الأسلحة داخل سوريا. كما استُخدمت الطائرات الإسرائيلية من طراز "هيرمز 900"، وهي طائرات بدون طيار قادرة على التحليق لفترات طويلة وجمع وتحليل المعلومات بشكل ذاتي، لتنفيذ مهام استطلاع وهجمات دقيقة دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر.

في المقابل، وسّعت إيران من قدراتها في الحرب بالوكالة الرقمية، عبر مجموعات مثل "APT34" و"APT42"، والتي نفذت عمليات تجسس رقمي واختراقات استهدفت شركات أمنية ومراكز أبحاث في إسرائيل. وقد اتبعت إيران استراتيجية "الضرب الناعم"، أي استهداف الأنظمة التي لا تُعد عسكرية مباشرة ولكنها تشكل عصبًا حيويًا للدولة، مثل القطاع الصحي، البنى المالية، والموانئ.

جانب آخر بالغ الأهمية تمثل في الحرب النفسية الرقمية، حيث استخدم الطرفان الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى إعلامي، فيديوهات مزيفة (deepfake)، وحسابات وهمية على مواقع التواصل لبث الشك والخوف داخل المجتمع الآخر، أو للتأثير على الرأي العام الدولي.

ولمفارقة كبيرة مع هذه الحرب هي بالفعل أن البنى التحتية المدنية تحولت إلى أهداف عسكرية رقمية. كان المواطن العادي سابقًا خارج دائرة الحرب، ولكنه أصبح ضحية محتملة لتعطيل تقني أو تسريب بياناته أو التلاعب بوعيه الإعلامي.

الحصص المتنبتة من هذا النزاع ليست أكثر من نظرية. كان الواقع كفيلًا بتحويل هذه النظرية إلى حقيقة، إذ إن امتلاك وسائل الردع التقليدية لم يعد كافيًا. فالدولة التي تمتلك صواريخ متطورة لكنها تعاني من اختراقات متكررة في شبكاتها الرقمية، ستظل دائمًا في موقع هش. التكنولوجيا لم تعد مجرد "أداة مساعدة" في الحروب، بل أصبحت السلاح الأول الذي يُستخدم غالبًا قبل إطلاق أي رصاصة.

ولما انقشع غبار هذه الحرب، برز السؤال الأخطر: من سيرسم حدود الحرب القادمة؟ الدول؟ أم خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تتخذ القرار قبل الإنسان؟ ما أصبح مؤكدًا هو أن ساحة المعركة المستقبلية لن تكون مرئية للعين المجردة، بل مخفية خلف الشاشات وداخل الخوادم... وأن المنتصر لن يكون من يملك أقوى الأسلحة التقليدية فقط.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير