البث المباشر
شي وماكرون يلتقيان الصحافة بشكل مشترك "مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة

حديث الروابدة الأخير: التاريخ كأداة للدفاع عن الأردن

حديث الروابدة الأخير التاريخ كأداة للدفاع عن الأردن
الأنباط -

حاتم النعيمات

منذ حوالي عشر سنوات، ومع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، بدأ الأردنيون يعبّرون عن مخاوفهم على هويتهم الوطنية، بعد أن أدركوا ما شاب تعريفها من غبن، وكان ذلك عبر عدة استدعاءات مهمة: أولها، الاستدعاء التاريخي كرد فعل على محاولات تهميشنا حضاريًا من قبل بعض التيارات السياسية بعد خمسينيات القرن الماضي. أما الاستدعاء الثاني، فكان للجغرافيا، ردًا على سريان مروية الكيان المصطنع الذي تم تجميعه من زوائد لدول مجاورة. وكان ثالث هذه الاستدعاءات للنمط الاجتماعي الأردني الأصيل، بعد أن آمن البعض -للأسف- بأن الأردنيين عبارة عن تراكيب بشرية مجمعة بلا تفاعل قادر على خلق شخصية واضحة المعالم.

لست هنا بصدد الدفاع عن كينونة الأردن، فهي كينونة راسخة تشهد لها الأركيولوجيا (علم الآثار) والأنثروبولوجيا (علم الإنسان الاجتماعي)، ولكن بلا شك، نحن اليوم بحاجة للحديث عن الأردن وهويته الوطنية كجزء من استراتيجية الدفاع ضد مشاريع مثل التهجير والتوطين، وضد أخطار متوقعة كردة فعل التنظيم العالمي للإخوان المسلمين على قرار حظر فرعهم في الأردن بعد الكشف عن مخططاتهم التي تستهدف ضرب أمن البلاد.

أقصد أن الأردن يشهد لنفسه، لكن هذا لا يعني ترك الروايات المغلوطة تسرح وتمرح بلا مواجهة وهذا هو الدافع الأكبر لهذا الحديث، خاصة أن الفضاء الإلكتروني أصبح، شئنا أم أبينا، من مؤسسات التنشئة الفردية التي تتعامل مع ما يقارب الأربعة ملايين مواطن ما دون سن الثامنة عشرة.

مناسبة هذا المقال هي ما قاله دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة، رئيس الوزراء الأسبق، في ندوة قيّمة كان هو المتحدث الرئيسي فيها. ويُعدّ الروابدة أحد أبرز السياسيين في البلاد، بسبب تجربته الطويلة، وقدرته الفريدة على تشخيص الواقع، بالإضافة إلى ذاكرته الثمينة التي عاصرت كثيرًا من الأحداث التي مرّت على الأردن.

تحدث الروابدة في الندوة بإسهاب عن أهمية البعد التاريخي في تظهير الجغرافيا الأردنية وفي إنتاج خصائص المجتمع الأردني، كجزء من مهمة الدفاع عن الهوية الوطنية. وهذا الطرح له قيمة عالية؛ إذ أن الروابدة يتحدث هنا عن التاريخ من موقع السياسي (وهذا ما نحتاجه اليوم)، معلنًا مشروعية الدوافع التي أنتجت الاستدعاءات الثلاثة المذكورة أعلاه، الدوافع التي حرّكت الكثير من الأردنيين للوقوف في وجه محاولات طمس هويتهم.

ولا أقصد أن السياسي لا يستطيع التحدث في التاريخ، بل على العكس، فالربط بين التاريخ والجغرافيا والاجتماع بات حاجة أردنية مُلحة أكثر من أي وقت مضى.

حديث الروابدة لم يكن تحيزًا ولا هجومًا ولا دعمًا لأي جهة، بل كان توصيفًا لواقع ملموس واستشعارًا لخطر محدق. فالروابدة ليس شخصية عابرة في التاريخ السياسي الأردني الحديث، ولذلك فإن ما قاله يمثل مصادقة على خطاب حماية الهوية الوطنية الذي ساد في الفضاء العام من عشرة سنوات تقريبًا، ذلك الخطاب الذي ظل تائهًا لفترة طويلة بسبب تخلي الكثير من السياسيين عنه خوفًا من التهم الجاهزة التي يكيلها البعض لكل من يتبناه.

بشكل عام، فالحديث عن الهوية الوطنية عادةً ما يشتد في أوقات الهجوم عليها، حين تنسى الشعوب في الأوضاع الطبيعية معالم هويتها رغم استمرارها بالتصرف وفقها. وللأسف، فإن هويتنا الوطنية الأردنية لا تعيش في حالة سلام مطلق، بل إنها مستهدفة من قبل الاحتلال الصهيوني، ومن قبل المشاريع العابرة للحدود التي تملك أذرعًا نشطة على الساحة السياسية الأردنية.

لعل حديث الروابدة يشجع بعض السياسيين والمثقفين الأردنيين على رفع أصواتهم دفاعًا عن هويتنا الوطنية وبيان التهديدات المحدقة بها. ومن جانب آخر، أعتقد أن كلامه يشكل دفعة معنوية مهمة للشباب الوطني الذي تكفّل بنشر خطاب الهوية الوطنية والدفاع عنها في مواجهة الهجمات الإلكترونية والإعلامية الموجهة ضد الرأي العام الأردني.

لا نعلم مستقبل المنطقة، ولا نعلم مدى جدوى التحالفات والتكتلات في قادم الأيام، لكن لا بد لنا أن نؤمن أن الارتباط عاموديًا بالأردن هو الشيء الوحيد الذي سيثبتنا لنحافظ على التوازن المتعب الصعب بين التصدي والبناء. وما حديث الروابدة صاحب الخبرة إلا تأكيد على أهمية هذا التوازن وتثمين لكل جهد يسعى إلى تطويره والمحافظة عليه.

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير