البث المباشر
شي وماكرون يلتقيان الصحافة بشكل مشترك "مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة

معركة العقول: هل يُمكن للذكاء الاصطناعي التفوق على ذكاء البشر؟

معركة العقول هل يُمكن للذكاء الاصطناعي التفوق على ذكاء البشر
الأنباط -
حسام الحوراني خبير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي
في زمن تتسارع فيه وتيرة التقدم العلمي بشكل غير مسبوق، يفرض الذكاء الاصطناعي نفسه كلاعب محوري يعيد تشكيل مفاهيم المعرفة والإنتاج والابتكار. هذا التقدم يثير سؤالًا جوهريًا بات يتردد في الأوساط العلمية، الصناعية، وحتى الشعبية: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتفوق على الذكاء البشري؟ وهل نحن على أعتاب مرحلة تصبح فيها قدرات الآلات أوسع وأدق وأعمق من قدرات البشر؟ أم أن هناك حدودًا لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تجاوزها مهما تطور؟
الواقع يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد خيال علمي أو مشروع مستقبلي مؤجل، بل بات قوة حاضرة وفاعلة. لقد تطور من خوارزميات بسيطة إلى أنظمة قادرة على التعلم الذاتي، والتحليل، والتنبؤ، واتخاذ القرار. نراه اليوم في الروبوتات الجراحية التي تنفذ عمليات معقدة بدقة تتجاوز اليد البشرية، وفي الأنظمة الأمنية التي تتعرف على الأنماط وتحلل السلوك، وفي السيارات الذاتية القيادة التي تتفاعل مع محيطها لحظة بلحظة. بل إن بعض نماذج الذكاء الاصطناعي باتت تكتب الشعر، وتؤلف الموسيقى، وتصمم الأعمال الفنية.
لكن رغم هذا التقدم المذهل، يبقى الإنسان متفردًا بعقله ومشاعره وتجربته الوجودية. فالعقل البشري لا يعمل فقط من خلال جمع البيانات وتحليلها، بل ينطلق من الحدس، والتأمل، والخيال، والتجربة الشخصية، والمعرفة المتراكمة. الإنسان لا يكتفي بفهم ما هو كائن، بل يتوق لما يمكن أن يكون، ويتخيل ما لم يوجد بعد. إنه يبتكر من رحم المعاناة، ويخلق من قلب الفوضى، ويتخذ قرارات أخلاقية معقدة لا يمكن اختزالها إلى معادلات رياضية.
الذكاء الاصطناعي، مهما بلغ من تطور، يبقى مبنيًا على بيانات سابقة. هو يتعلم من الأمثلة، ويحلل الأنماط، ويُحاكي التصرفات. لكن الإبداع البشري لا يعتمد على المحاكاة، بل على القدرة على كسر النمط، وتوليد شيء جديد وغير متوقع. وهذا ما يميز العقل البشري عن أي آلة: القدرة على المفاجأة، على الخروج عن النص، على إعادة تخيل الواقع من زوايا لم تُر من قبل.
ثم هناك البعد العاطفي والوجداني، وهو ما تعجز عنه الآلات حاليًا وربما دائمًا. الإنسان لا يعيش فقط بالعقل، بل بالشعور أيضًا. نحن نحب، ونخاف، ونحزن، ونفرح، ونغفر، ونندم، وكل تلك المشاعر تشكل قراراتنا، وتوجه سلوكنا، وتعطي معنى لحياتنا. الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل نبرة الصوت، وتفسير تعبيرات الوجه، لكنه لا يشعر. لا يعرف الحنين، ولا يعاني من الشك، ولا يتردد بين الخير والشر كما نفعل نحن. وهذا ليس ضعفًا، بل هو ما يمنحنا إنسانيتنا.
ومع كل هذا، لا يجب أن نتعامل مع الذكاء الاصطناعي كخصم، بل كشريك. السؤال ليس: هل سيهزمنا؟ بل: كيف يمكن أن يساعدنا؟ كيف نحول هذه التقنية إلى أداة تمكين، لا إلى تهديد؟ كيف نستثمر قدراتها الحسابية الخارقة لتحسين جودة حياتنا، دون أن نفقد السيطرة على مصيرنا؟ هنا يكمن التحدي الأكبر.
إن الاستخدام غير المسؤول للذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى مشكلات عميقة، من فقدان الخصوصية، إلى تفشي البطالة، مرورًا بخطر التحيز والتمييز، وانتهاءً بتهديدات وجودية محتملة. لكن في المقابل، يمكن للذكاء الاصطناعي، إن حُكم بتشريعات وقيم إنسانية راسخة، أن يسهم في حل أعقد تحديات العصر، مثل التغير المناخي، والرعاية الصحية، والتعليم، ومكافحة الفقر.
المعادلة المثالية تكمن في تحقيق توازن ذكي بين القدرات البشرية والآلية، حيث نستثمر تفوق الذكاء الاصطناعي في المعالجة والتحليل، ونحافظ في الوقت ذاته على ريادة الإنسان في الإبداع، والتفكير النقدي، والقيادة الأخلاقية. نحن بحاجة إلى بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تتعلم من الإنسان لا لتقلده فقط، بل لتدعمه وتساعده على بلوغ إمكاناته القصوى.
في نهاية المطاف، الإجابة عن سؤال "هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على الإنسان؟" ليست حتمية، ولا مطلقة. هي مرهونة بوعينا، وبقراراتنا، وبالطريقة التي نختار بها توجيه هذه التكنولوجيا. فبينما تمضي الآلات في تعلمها، علينا أن نمضي نحن في تطوير ذاتنا، أخلاقيًا، وعقليًا، وإنسانيًا. الذكاء الاصطناعي قوة جبارة، ولكن العقل البشري، بروحه وفطرته وحلمه، يبقى هو السيد إذا أحسن القيادة. المعركة الحقيقية ليست مع الآلة، بل مع أنفسنا: هل نستخدمها لنرتقي، أم نسمح لها أن تقودنا حيث لا نريد؟ والجواب، كما كان دومًا، بيد الإنسان.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير