ترمب: ما زال هناك الكثير من الأهداف وإما أن يكون هناك سلام أو مأساة لإيران من بينها فوردو .. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران سفير الفاتيكان يرعى حفل تخريج الفوج الثالث من (سفراء الأمل) على مسرح الراهبات الوردية إيران تعلن شن هجوم كبير بالمسيرات على إسرائيل الأندية تجهز العتاد لموسم استثنائي.. تعاقدات متوازنة وحراك كبير يقلب الموازين الحسين إربد يطلق علامته التجارية الجديدة بهوية بصرية تعكس تاريخه وطموحاته تعديل مؤقت على ساعات العمل في جسر الملك حسين الأسبوع المقبل مؤشر الأداء يدعو إلى تفعيل خطة طوارئ سياحية في الأردن تحدي إقتصادي جديد ... منظومة الطاقة مستقرة نسيبا والبدائل كلفتها عالية لماذا تجاهل معهد التمويل الدولي التأثيرات الاقتصادية على الأردن في ظل الحرب الإقليمية؟ بسبب غياب منهاج متكامل.. التربية الإعلامية الحاضر الغائب في المدارس انحسار النفوذ الإيراني: هل نستطيع أن نكون نحن البديل؟ العرب في صراع المشاريع الإقليمية مندوبا عن الملك وولي العهد...العيسوي يعزي آل جابر الجامعة العربية تشدد على ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية "حرير" تطلق حملة "لوحة أمل" في جرش تلعثُم "ChatGPT" في الأردن: كواليس الأزمة تسدل الستار عن قيمة الذكاء البشري وتُسقط عري الأقنعة الرقميّة العيسوي: الأردن بقيادة الملك صوت للعقل والعدالة وسط إقليم مضطرب وثوابته راسخة مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين يقر برنامج عمل للأعوام 2025 – 2028 الايباك وحرب إيران وإسرائيل: بين النفوذ والواقع

معركة العقول: هل يُمكن للذكاء الاصطناعي التفوق على ذكاء البشر؟

معركة العقول هل يُمكن للذكاء الاصطناعي التفوق على ذكاء البشر
الأنباط -
حسام الحوراني خبير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي
في زمن تتسارع فيه وتيرة التقدم العلمي بشكل غير مسبوق، يفرض الذكاء الاصطناعي نفسه كلاعب محوري يعيد تشكيل مفاهيم المعرفة والإنتاج والابتكار. هذا التقدم يثير سؤالًا جوهريًا بات يتردد في الأوساط العلمية، الصناعية، وحتى الشعبية: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتفوق على الذكاء البشري؟ وهل نحن على أعتاب مرحلة تصبح فيها قدرات الآلات أوسع وأدق وأعمق من قدرات البشر؟ أم أن هناك حدودًا لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تجاوزها مهما تطور؟
الواقع يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد خيال علمي أو مشروع مستقبلي مؤجل، بل بات قوة حاضرة وفاعلة. لقد تطور من خوارزميات بسيطة إلى أنظمة قادرة على التعلم الذاتي، والتحليل، والتنبؤ، واتخاذ القرار. نراه اليوم في الروبوتات الجراحية التي تنفذ عمليات معقدة بدقة تتجاوز اليد البشرية، وفي الأنظمة الأمنية التي تتعرف على الأنماط وتحلل السلوك، وفي السيارات الذاتية القيادة التي تتفاعل مع محيطها لحظة بلحظة. بل إن بعض نماذج الذكاء الاصطناعي باتت تكتب الشعر، وتؤلف الموسيقى، وتصمم الأعمال الفنية.
لكن رغم هذا التقدم المذهل، يبقى الإنسان متفردًا بعقله ومشاعره وتجربته الوجودية. فالعقل البشري لا يعمل فقط من خلال جمع البيانات وتحليلها، بل ينطلق من الحدس، والتأمل، والخيال، والتجربة الشخصية، والمعرفة المتراكمة. الإنسان لا يكتفي بفهم ما هو كائن، بل يتوق لما يمكن أن يكون، ويتخيل ما لم يوجد بعد. إنه يبتكر من رحم المعاناة، ويخلق من قلب الفوضى، ويتخذ قرارات أخلاقية معقدة لا يمكن اختزالها إلى معادلات رياضية.
الذكاء الاصطناعي، مهما بلغ من تطور، يبقى مبنيًا على بيانات سابقة. هو يتعلم من الأمثلة، ويحلل الأنماط، ويُحاكي التصرفات. لكن الإبداع البشري لا يعتمد على المحاكاة، بل على القدرة على كسر النمط، وتوليد شيء جديد وغير متوقع. وهذا ما يميز العقل البشري عن أي آلة: القدرة على المفاجأة، على الخروج عن النص، على إعادة تخيل الواقع من زوايا لم تُر من قبل.
ثم هناك البعد العاطفي والوجداني، وهو ما تعجز عنه الآلات حاليًا وربما دائمًا. الإنسان لا يعيش فقط بالعقل، بل بالشعور أيضًا. نحن نحب، ونخاف، ونحزن، ونفرح، ونغفر، ونندم، وكل تلك المشاعر تشكل قراراتنا، وتوجه سلوكنا، وتعطي معنى لحياتنا. الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل نبرة الصوت، وتفسير تعبيرات الوجه، لكنه لا يشعر. لا يعرف الحنين، ولا يعاني من الشك، ولا يتردد بين الخير والشر كما نفعل نحن. وهذا ليس ضعفًا، بل هو ما يمنحنا إنسانيتنا.
ومع كل هذا، لا يجب أن نتعامل مع الذكاء الاصطناعي كخصم، بل كشريك. السؤال ليس: هل سيهزمنا؟ بل: كيف يمكن أن يساعدنا؟ كيف نحول هذه التقنية إلى أداة تمكين، لا إلى تهديد؟ كيف نستثمر قدراتها الحسابية الخارقة لتحسين جودة حياتنا، دون أن نفقد السيطرة على مصيرنا؟ هنا يكمن التحدي الأكبر.
إن الاستخدام غير المسؤول للذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى مشكلات عميقة، من فقدان الخصوصية، إلى تفشي البطالة، مرورًا بخطر التحيز والتمييز، وانتهاءً بتهديدات وجودية محتملة. لكن في المقابل، يمكن للذكاء الاصطناعي، إن حُكم بتشريعات وقيم إنسانية راسخة، أن يسهم في حل أعقد تحديات العصر، مثل التغير المناخي، والرعاية الصحية، والتعليم، ومكافحة الفقر.
المعادلة المثالية تكمن في تحقيق توازن ذكي بين القدرات البشرية والآلية، حيث نستثمر تفوق الذكاء الاصطناعي في المعالجة والتحليل، ونحافظ في الوقت ذاته على ريادة الإنسان في الإبداع، والتفكير النقدي، والقيادة الأخلاقية. نحن بحاجة إلى بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تتعلم من الإنسان لا لتقلده فقط، بل لتدعمه وتساعده على بلوغ إمكاناته القصوى.
في نهاية المطاف، الإجابة عن سؤال "هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على الإنسان؟" ليست حتمية، ولا مطلقة. هي مرهونة بوعينا، وبقراراتنا، وبالطريقة التي نختار بها توجيه هذه التكنولوجيا. فبينما تمضي الآلات في تعلمها، علينا أن نمضي نحن في تطوير ذاتنا، أخلاقيًا، وعقليًا، وإنسانيًا. الذكاء الاصطناعي قوة جبارة، ولكن العقل البشري، بروحه وفطرته وحلمه، يبقى هو السيد إذا أحسن القيادة. المعركة الحقيقية ليست مع الآلة، بل مع أنفسنا: هل نستخدمها لنرتقي، أم نسمح لها أن تقودنا حيث لا نريد؟ والجواب، كما كان دومًا، بيد الإنسان.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير