البث المباشر
وزيرة التنمية الاجتماعية تستقبل وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية والوفد الرسمي المرافق "إرادة والوطني الإسلامي النيابية" تدين الاعتداء على الصحفي فارس الحباشنة وتدعو لمحاسبة الجناة انهيار مبنى في مدينة اربد " وحسبة الجورة" … البورصة المصرية تعلق التداول بعد حريق بمركز بيانات رئيسي غزة تُهندَس والضفة تُبتلع.. سردية الأمن الصهيوني تخفي التهجير القسري الصفدي: لقاء شباب العواصم العربية منصة حيوية لتعزيز التعاون وتمكين الشباب والمرأة اقتصادياً متى تتحرر القضية الفلسطينية من قبضة المشاريع الكبرى؟ الاستشهاد عبر الثقافات والأديان المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا والاتحاد الأوروبي يوقعان اتفاقية تمديد العمل ببرنامج "بريما" البنك الإسلامي الأردني يطلق"برنامج أجيال" للأطفال واليافعين اغتيال محرر اليهود والعبيد في إيران وإحراق رباعيات الخيام وزير المياه والري يستقبل اللجنة الفنية الاردنية السورية للمياه يعد شريانا اقتصاديا لدول المنطقة الحاج توفيق يجدد دعوته للاسراع بإعادة فتح معبر باب الهوى لجنة العمل والتنمية الاجتماعية والسكان تزور سلطة إقليم البترا الأونروا: غزة تحتضر ويجب وقف إطلاق النار الآن طائرات سلاح الجو الملكي تواصل إخماد الحرائق في سوريا الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 5 جنود وإصابة 14 بحادث في غزة انهيار مبنى من أربعة طوابق بعد إخلاء مسبق لسكانه في اربد شهداء وجرحى جراء القصف الإسرائيلي عدة مناطق في غزة 3099 طنا من الخضار والفواكه وردت للسوق المركزي اليوم

معالي الذكاء الاصطناعي: حين يُستوزر المستقبل

معالي الذكاء الاصطناعي حين يُستوزر المستقبل
الأنباط -

صالح سليم الحموري

مستشار التدريب والتطوير

كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

في خطوة غير مسبوقة على مستوى الحكومات العالمية، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن تعيين منظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية عضوًا استشاريًا في مجلس الوزراء، بدءًا من يناير 2026. لحظةٌ مفصلية تعكس تحوّلًا جذريًا في فلسفة الحكم؛ فلم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقنية خلف الشاشات، بل بات شريكًا في اتخاذ القرار، ومكوّنًا فاعلًا في المشهد السياسي والإداري.

لقد دخل "معالي الذكاء الاصطناعي" القاعة، لا كخيال مستقبلي، بل كواقع تُجسّده حكومة قررت أن تُستثمر في المستقبل، وتمنحه صلاحية الجلوس على طاولة السياسات العليا.

عندما عيّنت الإمارات أول وزير دولة للذكاء الاصطناعي عام 2017، ظنّ البعض أن التعيين رمزي، أو خطوة علاقات عامة. لكن السنوات أثبتت أن الرؤية الإماراتية لا تعبث بالرموز، بل تصوغ من كل قرار منصة استراتيجية للمستقبل. واليوم، تتوَّج هذه الرؤية بضمّ الذكاء الاصطناعي نفسه – لا ممثليه – إلى قلب دائرة القرار، كشخصية اعتبارية تُستشار، وتُحلل، وتُوصي.

لم يكن هذا الإنجاز ليتحقق لولا البنية التقنية الوطنية المتقدمة التي أرستها دولة الإمارات، وفي قلبها يبرز النموذج اللغوي الضخم "فالكون" النموذج العربي الذي طوّره معهد الابتكار التكنولوجي في أبوظبي.

لقد أصبح "فالكون" أحد أقوى نماذج الذكاء الاصطناعي عالميًا: مفتوح المصدر، متعدد اللغات، ذكيّ الأداء. لكنه قبل كل شيء إماراتي الصنع والهوية، فمع "فالكون"، لم تكتف الإمارات بامتلاك التقنية، بل صمّمتها بإرادتها، وأحكمت السيطرة عليها، ومنحتها سيادة وطنية، لتُطلقها بثقة نحو المستقبل.

فهي لا تملك النموذج فحسب، بل تملك البيانات التي يتغذى عليها، وتتحكم بمنطق اتخاذ القرار الذكي داخله وهذا هو جوهر "السيادة الرقمية" في عالم تتصارع فيه الدول على ملكية البيانات لا على الحدود.

عندما يجلس المستقبل على الطاولة اليوم، تُطرح تساؤلات جديدة وجوهرية:
هل ما زال الذكاء "صناعيًا" حين يتجاوز كونه أداة ليصبح شريكًا في السياسات؟
كيف نُعرّف المسؤولية حين تكون الآلة جزءًا من عملية اتخاذ القرار؟
وماذا يعني أن تبدأ الحكومات – لأول مرة في التاريخ – بترتيب مقعد لغير البشر في الصف الأول للحكم؟

هذا ليس خيالًا علميًا، بل واقع يتشكّل بخطوات محسوبة، في منظومة ثلاثية محكمة:

  • وزير بشري يقود السياسة التكنولوجية (عمر سلطان العلماء).
  • منظومة ذكية تحلل، وتستشرف، وتوصي.
  • نموذج لغوي وطني (فالكون) يفهم السياق، ويتفاعل بلغة أهل الدار.

بهذا التوجه، تتحول الحكومة إلى كيان ذي عقلين:

  • عقل بشري يحمل القيم، والحس السياسي، والرؤية الإنسانية.
  • وعقل اصطناعي يحلل بلا تحيّز، يرصد بلا كلل، ويقترح بلا مصلحة.

والمعادلة ليست صراعًا بين الطرفين، بل تكامل عبقريحيث يحتفظ الإنسان بالحُكم، ويكسب الذكاء الاصطناعي الثقة ليضيء الطريق.

في الإمارات، لم يعد المستقبل يُنتظر… بل يُستدعى، ويُستوزر، ويُمنح مقعدًا في مجلس القرار.
"
معالي الذكاء الاصطناعي" ليس تعبيرًا أدبيًا، بل توصيفًا دقيقًا لعصر جديد تتشكل معالمه اليوم، حيث لا تُدار الحكومات بالماضي فقط، بل بما تعرفه عن المستقبل، وما تستطيع استشرافه، وتحليله، والاستعداد له.

وكما صنع النفط دولًا في القرن العشرين، فإن الذكاء الاصطناعي سيصنع نماذج حكم جديدة في القرن الحادي والعشرينوالإمارات لا تراقب هذا التحول، بل تقوده.

 

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير