مذكرة تفاهم بين "الأردنية" ومنتدى البركة لتعزيز التعاون بالاقتصاد الإسلامي الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس الأردن يدين اعتداء شرطة الاحتلال على المسيحيين وزارة السياحة والآثار وسلطة منطقة العقبة تنظم جولة ميدانية للدكتور زاهي حواس بمدينة العقبة البلقاء التطبيقية تفوز بجائزة الفرع الطلابي المتميز من معهد الخرسانة الأميركي 69.2 دينار سعر الذهب عيار 21 بالسوق المحلية الصفدي: يجب تنظيف المسار الوطني من كل الشوائب التي مارست التشكيك في مواقف الأردن منتخب الناشئين يخوض 3 مباريات ودية في قطر ارتفاع أسعار الذهب لأعلى مستوى على الإطلاق انخفاض أسعار النفط عالميا مع تراجع مخاوف الإمدادات الأغذية العالمي: عائلات غزة لا تعرف من أين تأتي وجبتها التالية 8 شهداء جراء قصف الاحتلال جنوب قطاع غزة العناني يستعرض تأثير قرارات الرئيس الأميركي على الاقتصاد الأردني انخفاض الحرارة اليوم واجواء خماسينية اعتبارًا من الغد حقيقة أم خدعة؟.. هل تساعد حمية الثلج في إنقاص الوزن؟ بكتيريا وتعفن في الدم.. مراهقة تصارع الموت بعد تدخين سيجارة إلكترونية وفاة عشريني في مشاجرة جماعية بالعاصمة عمان التنمية الاجتماعية توضح تفاصيل حالة المسن الذي ظهر في فيديو بمنصات التواصل الاجتماعي الحديد في جسم الإنسان ليس كماليًا.. والنقص يوصل لمضاعفات خطيرة المعلمون على منصات التواصل .. هل أصبح التعليم مهنة بمردود مزدوج؟

العفوية والسياسة لا يجتمعان

العفوية والسياسة لا يجتمعان
الأنباط -

حاتم النعيمات

بالملاحظة البسيطة، فإن المتابع يكتشف أن التفاعلات السياسية تأتي عادةً من مصدرين رئيسين: الأول، خلاف على تعريف مصطلح سياسي ما، والثاني، وهو مستوى التباين بين الواقعية والمثالية؛ وهذا التباين في الأصل مرجعه أن الواقعية ترى حركة التفكير من الواقع إلى العقل، فيما تمارس المثالية التفكير من العقل إلى الواقع، لذلك كلما زاد هذا التباين زادت حدة الخلافات السياسية.

يسود التفكير المثالي في منطقتنا، وتتفوق نتيجة لذلك كل الأحزاب والجماعات الأيديولوجية، فالأيديولوجيا هي ابنة التفكير المثالي، حيث إنها تتكون في عقل مُنظِّرها، وتتحول بعد ذلك إلى مجموعة من التعليمات المجرّدة التي يطبقها الأتباع، والحركة هنا من العقل إلى الواقع. لقد آذت هذه الأيديولوجيات المنطقة وجعلتها في مهب ريح المشاريع الإقليمية والدولية.

لذلك، تواجه الحركات السياسية الإصلاحية والتقدمية مقاومة شرسة في مجتمعاتنا، وتظفر الأيديولوجيات بشعبية واسعة جدًا دون أي تكلفة فكرية تُذكر؛ الأيديولوجيات تسوِّق فكرها باستخدام الشعارات القصيرة الرنانة دون شرح أو تفصيل، وهذا يناسب المجتمعات التي لا تضع العلم والبحث العلمي ضمن عناوينها الرئيسة.

العقل الجمعي بطبيعته غير ناقد، كما يقول علماء الاجتماع، وهو عقل انفعالي، ولو تكوّن الجمع من فلاسفة وعلماء سيتصرفون "كمجموعة” بأقل مستوى من الوعي، وهناك تجارب ونظريات في علم الاجتماع تثبت ذلك. الأيديولوجيات تخلق عقلًا جمعيًا مفرده غير ناقد من الأساس، ولك أن تتخيل نتيجة جمع عقول غير ناقدة لتكوين عقل جمعي. وهنا مربط الفرس لما يحدث في منطقتنا، ومصدر التعطُّل في الإصلاح والنهضة بشكل عام.

لجأت بعض الدول في المنطقة إلى قمع الأيديولوجيات، ولجأت أخرى إلى اللعب معها ومحاولة احتوائها، وهناك دول نجحت، وهناك دول لم تنجح بكلا الطريقتين. والأردن دولة تعيش اليوم في عين صراع بين ثلاث من هذه الأيديولوجيات؛ الجماعات السنية بقيادة تركيا من الشمال، والشيعية بقيادة إيران من الشمال الشرقي، بالإضافة إلى المشروع اليهودي الصهيوني المتمثل بكيان الاحتلال الإسرائيلي من الغرب.

نتيجة لذلك كله، فإنني أعتقد أن ما هو مطلوب بمقدار صاع من أي سياسي في العالم، يُطالب به السياسي الأردني بمقدار صاعين. لذلك فالسياسي الأردني مُطالب بأن يستخدم معايير كثيرة ودقيقة للتعامل مع الخارطة السياسية الأردنية دون تبسيط للمفاهيم والنوايا.

والتبسيط الذي أقصده يتجسد في التعامل مع تيارات مرتبطة بالخارج على أنها تيارات طبيعية ضمن وضع عادي، وفي ذلك تجاهل لمصالح الأردن، واستخدام لمعايير غير وطنية، وتغاضٍ عن تاريخ هذه التيارات في الأردن وعن سيرتها في دول المنطقة، ومن هنا نفهم ما يحدث في الأردن من تشويش على أي مشروع نهضوي، ونرى كيف تصول هذه التيارات في أروقة السياسة على مرأى من الشخصيات الوازنة في البلاد.

أعرف أن الحديث عام جدًا، ولكن هذه العمومية ضرورية -باعتقادي- لأن التوصيف يشمل المنطقة برمتها، ويُراد منه إسقاط شكل العقلية السياسية العربية على الوضع في الأردن، لأن الأردن -على ما يبدو- يمر اليوم في مخاض تاريخي لتصحيح المسار. وأردت من كل هذا القول إن اعتماد معايير وطنية محلية دون مجاملة هو المخرج، لتُصبح الخارطة السياسية متمايزة بناءً على معيار وطني محلي، وهذه هي الحالة الصحية الموجودة في معظم دول العالم.

لا نعيش ترف استكشاف هذه التيارات، ولا نحتاج إلى إعادة تعريفها، فالقضية ببساطة أن هناك خصائص تركيبية في هذه التيارات تمنعها من تعديل سلوكها، ولذلك أستغرب أن البعض من السياسيين في الأردن ما زال يتعامل معها دون إدراك خطير لخطورتها.

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير