طلال أبوغزاله
في اليوم الدولي السابع والأربعين للتضامن مع الشعب الفلسطيني، نواجه فرصة لمراجعة تاريخ طويل من النضال والظلم الذي يجعل من قضيتنا رمزًا للصمود أمام أعتى أشكال الاحتلال والفصل العنصري خاصة أن قضية فلسطين ظلت لعقود شاهدة على تقصير عالمي في تحقيق العدالة واحترام القانون الدولي.
عام 1947 اغتصبت العصابات الصهيونية الأرض الفلسطينية، وشردت شعب بأكمله بالتنكيل الممنهج، وبعد مرور 8 عقود، ما زالت فلسطين تئن تحت وطأة الاحتلال، بينما العالم يكتفي بالصمت وفي أفضل الأحوال بالإدانة.
رونالد لامولا وزير العدل والخدمات الإصلاحية في جنوب أفريقيا، والذي ترأس وفد بلاده أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في قطاع غزة، جاءت كلمته في اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، كتذكير بأن الحرية لا تكتمل إلا عندما تتحقق العدالة للفلسطينيين معبّرًا عن عمق الترابط بين كفاح جنوب أفريقيا ضد الفصل العنصري والنضال الفلسطيني ضد الصهيونية.
لقد تمكنت جنوب أفريقيا من إسقاط نظام الفصل العنصري بفضل النضال الشعبي والدعم الدولي، ويحق لفلسطين، التي تواجه استعمارًا حديثًا بوجه مختلف، أن تتطلع لنفس الدعم، خاصة أن نضال الشعب الفلسطيني يتجاوز الأرض؛ إنه كفاح من أجل الكرامة الإنسانية والوجود.
واللافت أن الحرب الوحشية الدائرة حاليا كشفت فصولًا جديدة من المحنة الفلسطينية، بينما يواصل الاحتلال سياسة تسمين المغتصبات "المستوطنات"، في الضفة الغربية، متحديا القوانين الدولية والإرادة الإنسانية.
السردية العربية عن فلسطين ليست فقط دفاعًا عن حقوق فقط، بل دعوة إلى احترام الكرامة الإنسانية، لكن محاولات تصوير انتقاد الصهيونية كمعاداة للسامية هي جزء من التضليل الذي يهدف لإسكات الأصوات المدافعة عن الحق الفلسطيني.
وعلى المجتمع الدولي أن يثبت جديته في الوقوف مع فلسطين، صحيح أن قرارات الأمم المتحدة، والدعوات لمقاطعة الشركات الداعمة للاستيطان، تُعد خطوات مهمة لكنها لا تكفي، والمطلوب اتخاذ إجراءات حازمة تُلزم الكيان الغاصب إنهاء الاحتلال واحترام القانون الدولي.
وصحيح أيضا أن المحكمة الجنائية الدولية بدأت تتحرك بمذكرات توقيف ضد قيادات صهيونية مسؤولة عن جرائم حرب، لكنها بحاجة إلى دعم أكبر لتحقق العدالة الكاملة، فالتضامن مع فلسطين لا يمكن أن يظل شعارًا؛ يجب أن يتحول إلى أفعال ملموسة.
ومع ذلك ورغم كل ما يمر به الفلسطينيون، تظل الوحدة الوطنية أملًا قائمًا، والحوار بين الفصائل الفلسطينية إشارة واضحة بأن هذا الشعب لا يزال يؤمن بأن التكاتف هو مفتاح الحرية.
وكما قال الزعيم الراحل نيلسون مانديلا: "يجب أن يُسمح للفلسطينيين بتحديد مستقبلهم في أرضهم بعيدًا عن القمع"، وهي كلمات تحمل رسالة عالمية للوقوف مع الحق الفلسطيني، وعليه فإن القضية الفلسطينية هي أكثر من قضية عربية؛ بل إنها اختبار لضمير العالم، فهي ليست أرضًا مغتصبة فقط ، بل قضية إنسانية تُجسد النضال من أجل الكرامة والحرية والوجود.