الأنباط - أحمد الضرابعة
ما الذي يعنيه أن تتباين مواقف الأعضاء في الكتلة النيابية الحزبية الواحدة في التصويت على منح الثقة بالحكومة؟ ألا يفترض أن يكون لممثلي أي حزب سياسي في البرلمان موقف موحّد لتعزيز قوّته وتأثيره ؟
ما جرى في الجلسة النيابية للتصويت على الثقة بالحكومة، أعاد تأكيد المؤكد، وهو أن بعض الأحزاب السياسية ليست سوى هياكل وبنى شبه مؤسسية لا تملك أي إطار فكري حقيقي، والألوان السياسية التي تدعي أنها تُمثّلها، باهتة لا بريق لها، وأن حضورها في الساحة الحزبية لم يكن إلا محاولة من قبل المسيطرين عليها للتكيف مع المرحلة السياسية الراهنة.
هذا النوع من الأحزاب السياسية، سبق أن ارتكب مؤسسوه أخطاء جسيمة في مراحل التأسيس والاستقطاب والانتشار، والمشاركة في الانتخابات، وأخيراً في الأداء البرلماني تحت القبة، والذي بدا مشتتاً، ودلّ على أنها تفتقر للرؤية السياسية الواضحة، حيث انقسم ممثلو خمس كتل حزبية في الموقف التصويتي تحت القبة، فمنهم من منح الثقة للحكومة، ومنهم من حجبها عنها، في مشهد يتجلّى فيه عجز الأحزاب السياسية عن تقديم موقف حزبي في أهم محطة من محطات العمل البرلماني
أعتقد أنه من واجب الأحزاب السياسية الناشئة أن تطّلع على تجارب غيرها في العمل البرلماني، حتى لا تهدر فرصتها في التعبير عن تطلّعات منتخبيها، فما قدّمه ممثلو بعضها من خطابات إنشائية ومواقف تصويتية غير منسجمة يخصم من أرصدتها الشعبية - إن وجدت -، كونها عبّرت في أول اختبار لها تحت القبة عن مدى فشلها في تقديم مواقفها، وربما يدل تباين أصوات ممثليها على عدم وجود أي موقف لها أصلاً -
ثمة فرق كبير، بين حزب سياسي مُنظّم، يمتلك رؤية واضحة، ومدرسة حزبية حقيقية، وقدرة على تنظيم ممثليه وضبط سلوك أعضاءه، وتقديم مواقف موحدة متماسكة بشكل فعال، وحزب آخر يفتقر للرؤية والتنظيم والانسجام، والموقف الحزبي. على أي حال، هذا لا يعد أمراً مفاجئاً؛ لأن المقدمات تؤدي للنتائج، والتنظيم الذي افتقدته الأحزاب السياسية فيما سبق، لن تصل إليه وهي في عمق التجربة، طالما أنه ليس هناك وعي لديها بضرورته ودوره في نجاحها