إعلاميون وأكاديميون يحذرون من مخاطر التضليل الإعلامي في ظل العصر الرقمي
- تاريخ النشر :
Friday - pm 03:42 | 2024-11-15
الأنباط - شهدت العقود الأخيرة تحولًا جذريًا في المشهد الإعلامي بفعل التطورات التقنية المتسارعة، مما أثرى وسائل التواصل وأعاد تشكيل طرق التفاعل بين الأفراد. لكن هذه التحولات لم تكن خالية من المخاطر، حيث أدت إلى انتشار المعلومات المغلوطة والتضليل الإعلامي، الذي أصبح يأخذ أشكالًا متعددة ويساهم في تأجيج الصراعات وخلق الفوضى في المجتمعات.
وأبرز الأمثلة على ذلك هو التضليل الإعلامي الذي رافق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث سعت بعض وسائل الإعلام الغربية إلى تزييف الواقع وإسكات الأصوات المناهضة لهذه الحرب، مما عزز استمراريتها وتغافل عن الانتهاكات الصارخة التي تُمارس بحق المدنيين في فلسطين ولبنان.
تتسارع الدعوات من قبل خبراء وإعلاميين وأكاديميين لمواجهة هذه الظاهرة عبر تعزيز الوعي الإعلامي وتوفير معلومات موثوقة للمجتمعات والصحفيين. إذ يُعد التضليل الإعلامي أحد أكبر التحديات التي تواجه الإعلام الحديث، ويحتاج إلى استجابات فورية وفعّالة، تتمثل في الاستثمار في المعايير الأخلاقية والمهنية والتحقق من المصادر لضمان العدالة والحياد.
وبحسب خبراء وإعلاميين وأكاديميين، فإن التضليل الإعلامي يهدف إلى محاولات تزييف الواقع وقلب الحقائق لصالح طرف على آخر، إضافة إلى ضرب وخلخلة الجبهة الداخلية في بعض الدول، من خلال صناعة المحتوى أو الصورة؛ والتحريف، والتخريب، والتكسب، في ظل وجود عصابات رقمية تسعى لمكاسب مادية أو سياسية.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) اليوم، إن الحرب التي يشنها الاحتلال الصهيوني على فلسطين ولبنان تؤخذ كحالة مقارنة لتكشف مدى ممارسة التضليل الإعلامي الممنهج بازدواجية المعايير في التعامل الإعلامي مع مثل هذه القضايا، ضاربة بذلك كل القوانين والأعراف الدولية.
عميد كلية الإعلام بجامعة اليرموك، الدكتور أمجد القاضي، أوضح أنه من بين أهداف التضليل الإعلامي خدمة أهداف عسكرية وسياسية واقتصادية.
وأشار القاضي إلى أن الإعلام الغربي والأمريكي قام بتضليل الرأي العام من خلال استثمار هيمنته الإعلامية بحكم تفرده في المشهد الإعلامي، واتضح ذلك جليًا خلال الحروب العربية الإسرائيلية والعدوان الإسرائيلي على غزة.
وقال القاضي إن استفراد مؤسسات إعلامية كبرى بالمشهد الإعلامي مكنها لعقود طويلة من السيطرة على المادة الإخبارية الأساسية التي تستقيها، وتستعيد نشرها الصحف والإذاعات الغربية والعربية بالواجهة التي تريدها.
وأشار القاضي إلى أن التضليل الإعلامي ظاهرة مقلقة ومركبة للمجتمعات وللدول بما تنتجه من إشاعات وأخبار كاذبة، ساعدها على ذلك التطور التكنولوجي السريع، والذي يتجسد وبشكل صارخ بانحياز إعلامي لجهة على حساب الأخرى، واعتمادها على الرواية من مصدر واحد، والمبالغة في الكذب والتزييف وقلب الحقائق، وتعظيم بعض المخالفات والانتهاكات، كما هو الحال تمامًا في الحالة الغزية واللبنانية.
من جهته، ركز الخبير والكاتب الصحافي زياد رباعي على أهمية أن تتكيف المؤسسات الإعلامية مع المستجدات في عالم الاتصال والتواصل والتطورات الإلكترونية، وأن تستفيد من كل جديد دون تأخر أو مماطلة، وأن تستثمر هذه الفنيات والبرمجيات لخدمة الرسالة الإعلامية وتحقيق أهدافها في التأثير والتغيير، باعتبارها مهمة بشأن مكافحة التضليل الإعلامي.
ودعا الرباعي لمواجهة التضليل الإعلامي إلى توظيف الذكاء الاصطناعي وما تتيحه الفنيات المتوافرة في البرمجيات والرقميات، مع توفير العامل البشري المؤهل للوصول إلى جمهور أوسع بصرف النظر عن المكان والزمان.
إلى ذلك، أوضح المتخصص في الإعلام الإلكتروني والرقمي، الدكتور مخلد النوافعة، أهمية مكافحة التضليل الإعلامي من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والتحديات التي يشكلها التضليل الإعلامي، وتدابير التصدي له.
وحدد النوافعة ذلك بالإطار القانوني الدولي ذي الصلة، وضرورة الوصول إلى التدابير اللازمة واتخاذها من قبل المؤسسات الإعلامية والصحفيين، الكفيلة لمكافحة ذلك التضليل.
وقال النوافعة: "إن الإعلام أصبح الآن من السهل توجيهه بشتى الطرق من خلال وسائل الإعلام الحديثة ما يحتم على كل دولة أن تمتلك الإعلام الدفاعي الذي يتصدى لكل صور التشويه التي تستخدمها الدول المعادية، بالإضافة إلى الاهتمام باستطلاع الرأي، وهو حقيقة ذات أرقام واقعية من أجل الاستناد عليها في اتخاذ القرارات التي تصب في مصلحة الدولة."
--(بترا)