الأنباط -
74 عاما خلت من عمري
سبعة عقودٍ ونيّف بحلوها ومرها وخيرها وشرها مرّت سريعةً كنسيم الربيع احياناً وكليلِ الشتاءِ الطويل أحياناً أخرى .
ومــا الـحَـياةُ سِــوَى حُـلْـمٍ ألَــمَّ بـنا
قَــدْ مَــرَّ كَـالْـحُلْمِ سـاعاتي وأيّـامي
فـي مِـثلِ غـمضَةِ عَيْنٍ وانتباهتِها
قـد أصبحَ الطفلُ شيخاً أبيضَ الهامِ
أتأمل السنوات التي مضت، فأجد أن كل عامٍ كان بمثابةِ درسٍ جديد في مدرسة الحياة.
بعض الدروس كانت مريرةً ، لكنها صنعت مني شخصاً أقوى وأوعى ، وبعضها كان حلواً ومليئاً بالحب والفرح وتركت بصماتها العميقه في قلبي.
في هذا العمر، أشعر أنني أصبحتُ أفهمُ الحياة بشكل مختلف . لا أسعى وراء ما لا يمكن تغييره، بل أحتضن ما أملكُ من نعمةِ الصحةِ والأسرةِ والذكرياتِ الجميله ، وأدركُ أن العمر ليس مجرد ارقامٍ تتراكم بل هو تجاربُ تعيشها وارواحٌ تلتقيها وأحلامٌ ربما تحققت وربما لازالت قيد الأنتظار .
في هذا العمر يكتشفُ الإنسانُ أن السعادة ليست في كثرة الإنجازات أو السعي الدائم لتحقيق المزيد، بل في الرضا بما هو موجود، والامتنان لكل نعمة مهما كانت صغيرة ، و أن العمر يقاس بالسلام الداخلي الذي نصل إليه، وبالعلاقات التي نبنيها، وبالذكريات التي نحتفظ بها.
في هذه السنين الطويله ، مر بي الكثير ، تبسمتْ لي الحياه أحياناً وفجعتني مراراً عديده ….تلك هي سنة الحياه. فالحمد لله في السراء والضراء والحمد لله على ما أعطى والحمد لله على ما أخذ .
وخير ما يصنع الإنسان لنفسه أن يعي بأنه سيأتي اليوم الذي سيرحل فيه فيعمل لآخرته ويترك أثراً طيباً يذكره الناس فيه ويتمثل الحكمة التي تقول :
" انما المرء حديثٌ بعده
فكن حديثا حسنأ لمن وعى "
ويأتي هذ اليوم وقد أستُبدلتْ سعادتي بالحزن والالم على ما يجري في غزة والضفة الغربيه ولبنان الشقيق على أيدي الفاشيةِ الصهيونيةِ من قتلٍ وتدميرٍ وإبادةٍ جماعيه ومحاولاتٍ للتهجير أمام أعين الدول العضمى المنافقه التي ترفع كذباً شعار الحريه وحماية الديمقراطيه وحقوق الانسان . أسال الله لإخوتنا الفرج وأن يرفع عنهم هذا البلاء .
ربِّ اكتبلي النّجاح والفلاح في ما تبقى لي من العمر وأبعد عني شر عبادك وأغنني برحمتك عنهم يا ألله ……اللهم إني أسألك ظهرًا قويًا قادرًا على حمل الأعباء والهموم، وأن تكتب لقلبي السعادة ولأهلي وعائلتي وأحبتي الحفظ والصون من كل شر فأن ذلك كله عليك هّين .
اللهم اني اسالك حسن الختام
اللواء المتقاعد محمد بني فارس