الأنباط -
قال الخبير الدستوري وعضو مجلس الأعيان السابق الدكتور طلال الشرفات: إن التفسير الرغائبي والتوظيف السياسي للفهم المشوّه لنصوص الدستور قد أضحت سلعة رائجة؛ لتضليل وتحريض الرأي العام دون أساس دستوري، أو شبهة تستدعي البحث أو التحليل، وإن ذلك يؤدي إلى تقويض عمل السلطات الدستورية، ويشكّل قفزاً على صلاحيات المحكمة الدستورية التي تملك حق التفسير لنصوص الدستور دون غيرها.
وقال الدكتور رداً على سؤال لعمون: إن القول بعدم جواز تأجيل الدورة العادية لمجلس الأمة هو خرق للدستور وتجاوزاً على صلاحيات الملك قد تصل إلى إحدى جرائم الاعتداء على الدستور إن توافر فيها القصد الجرمي.
وبيّن الشرفات: إن الجواز الشرعي ينافي الضمان السياسي، وأن الفقرة الأولى من المادة(78) من الدستور أجازت للملك أن يرجئ دعوة المجلس للانعقاد لتاريخ يحدد بالإرادة الملكية لمدة لا تتجاوز شهرين، مما يعني معه أن الدستور قدر اشترط شرطين لإرجاء انعقاد الدورة العادية وهما:
١- إرادة ملكية تنشر في الجريدة الرسمية.
٢- أن لا تتجاوز مدة الإرجاء شهرين.
وهذا يعني أن الدستور لم يشترط بيان أسباب الإرجاء أو دوافعه أو ظروفه وإنما إبقاء ذلك في دائرة التقدير الذاتي للمقام السامي. إذ لا يملك شخص أو سلطة النعي عليه أو نقده أو التعليق بخصوصه ما دام النص واضحاً لا يقبل اللبس.
وأضاف الشرفات: أما بخصوص إلزام الحكومة بتقديم بيانها الوزاري خلال شهر من تأليف الحكومة فإن ذلك مشروط بوجود المجلس منعقداً أو تأليف الحكومة بعد انتهاء الدورة العادية، وهذا ما دعا المشرع إلى القول "بدورة إستثنائية" في حين أنه يتعذر دستورياً دعوة المجلس لدورة استثنائية في فترة الدورة العادية بما فيها مدة الإرجاء الجوازي التي منحها الدستور للملك، وهذا يعني بالقطع أن المدة الدستورية لتقديم البيان الوزاري من قبل الحكومة لمجلس النواب تبدأ من تأريخ 18 /11/ 2024.
وفيما يتعلق بجواز إنابة رئيس الوزراء للوزراء أو تفويضهم ببعض صلاحياته والتي يقصد منها تسهيل معاملات المواطنين فهي جوازية وطارئة ومؤقتة ولا تخالف أحكام الدستور وتستند في تبريرها الدستوري إلى المسؤولية التضامنية لمجلس الوزراء عن إدارة شؤون الدولة، وبفحص النصوص لم أجد مانعاً أو مبرراً دستورياً في ذلك، وإنما جوازاً يستند إلى القوانين والأنظمة ذات الشأن، وهذا أمر معمول به حتى في أكثر الدول الديمقراطية الملتزمة بالدستور وسيادة القانون.
وختم الشرفات حديثه بالقول: إن محاولة الخلط بين الرأي السياسي، والحكم الدستوري الذي دأبت عليه الكثير من الشخصيات السياسية التي ترنو إلى تحريض الرأي العام والشعبوية سيقوّض المسار الديمقراطي، وينتهك بالقطع حرمة الدستور والمبادئ الراسخة في سيادة القانون.