الأنباط -
عيسى عبدالرحيم الحياري يكتب
لم يتعافى المواطن الأردني من أثر أضرار تعديل قانون ضريبة الدخل في العام 2018 و ما تبعه من تعليمات و أنظمة و إجراءات أرهقته حتى تقرر مؤخراً التعديل على الضريبة الخاصة على المبيعات أو التي تسمى بالضريبة الانتقائية في دول أخرى و هي نوع من الضرائب التي تفرضها الحكومة على سلع معينة تعتبر ضارة أو غير ضرورية، مثل التبغ، والمشروبات الغازية، والطاقة، والمشروبات الكحولية ، حيث تهدف هذه الضريبة إلى تقليل استهلاك السلع الضارة على الصحة أو البيئة، وتحفيز المستهلكين على التوجه نحو الخيارات الصحية، وفي الوقت نفسه توفير إيرادات إضافية للدولة ، و تعد هذه الضريبة أيضًا وسيلة لتوجيه سلوك المستهلكين عن طريق رفع أسعار المنتجات التي تؤثر سلبًا على الصحة العامة أو البيئة.
قامت المملكة الأردنية الهاشمية بالتوقيع على اتفاقية باريس للمناخ 2015 و كذلك هناك تعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) و طرحت أمانة عمان الكبرى مؤخراً عطاء DBOT لتصميم، بناء، تشغيل ونقل لمشروع عمان مدينة ذكية الحزمة الأولى و كما نعلم معظم الاتفاقيات الدولية تشجع على اقتناء السيارات الكهربائية بحيث تتضمن سياسات وتدابير حكومية تهدف إلى تعزيز استخدام السيارات الكهربائية عبر تقديم حوافز مالية وإعفاءات ضريبية. هذه الاتفاقيات تأتي في إطار الجهود الرامية إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز التحول نحو الطاقة النظيفة.
و على نقيض قرارات مجلس الوزراء و تبعاتها قامت معظم الدول في أبرز السياسات التي تتبناها لتشجيع السيارات الكهربائية عندها و دون ضرائب بحيث شملت :
-إعفاءات ضريبية:
إعفاء السيارات الكهربائية من الضرائب على القيمة المضافة (VAT) أو تخفيض نسبتها ، إلغاء أو تخفيض الضرائب السنوية أو رسوم التسجيل للسيارات الكهربائية.
-حوافز مالية:
تقديم دعم مالي مباشر أو منح نقدية لمشتري السيارات الكهربائية لتقليل تكلفة الشراء و تقديم قروض بفوائد منخفضة أو معدومة لشراء هذه السيارات.
-تطوير البنية التحتية:
توفير محطات شحن مجانية أو بأسعار مخفضة وتخصيص مواقف مجانية للسيارات الكهربائية في الأماكن العامة.
-دعم الشركات المصنعة:
تقديم حوافز ضريبية أو دعم مالي للشركات التي تستثمر في تصنيع السيارات الكهربائية أو تطوير التكنولوجيا المتعلقة بها.
-برامج تجديد أسطول السيارات:
تشجيع استبدال السيارات القديمة التي تعمل بالوقود بسيارات كهربائية، وذلك عبر تقديم خصومات أو دعم مالي مقابل تسليم السيارة القديمة.
الاتفاقيات عادةً ما تكون جزءاً من استراتيجيات أكبر لمكافحة التغير المناخي وتحسين جودة الهواء في المدن في ظل الاختناقات المرورية التي تعاني منها مدن الأردن الرئيسية ، و في تفاصيل أوفى أود التطرق الى الاتفاقيات المبادرات التي تتبعها الدول و التي تشجع اقتناء السيارات الكهربائية وتقديم الحوافز لها و تتنوع من دولة لأخرى، وتشمل مجموعة من المعاهدات، التشريعات، والسياسات المحلية والإقليمية والدولية و فيما يلي بعض الأمثلة البارزة:
1. اتفاقية باريس للمناخ (2015):
هذه الاتفاقية الدولية تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون والحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الأرض أقل من درجتين مئويتين. تعتبر السيارات الكهربائية جزءًا مهمًا من الخطط الوطنية للدول لتحقيق أهدافها المناخية، حيث تشجع الدول على تبني التكنولوجيا النظيفة ومنها السيارات الكهربائية.
2. المبادرة العالمية لوسائل النقل الكهربائية:
تضم هذه المبادرة عددًا من الدول التي تسعى لتعزيز النقل الكهربائي كجزء من جهود تقليل الانبعاثات الكربونية. تسعى المبادرة إلى مضاعفة مبيعات السيارات الكهربائية بحلول 2030 كجزء من التزامات الدول تجاه المناخ.
3. الاتفاقيات الثنائية والإقليمية:
كثير من الدول توقع اتفاقيات ثنائية أو إقليمية لدعم تكنولوجيا السيارات الكهربائية وتطوير البنية التحتية للشحن. على سبيل المثال، هناك اتفاقيات في الاتحاد الأوروبي لدعم السيارات الكهربائية عبر خفض الضرائب وتقديم دعم مالي مباشر للمصنعين والمشترين.
4. السياسات الوطنية لدعم السيارات الكهربائية:
النرويج: النرويج من الدول الرائدة في تشجيع السيارات الكهربائية، حيث تقدم إعفاءات ضريبية شاملة، بما في ذلك الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة وضريبة الاستيراد. كما تقدم الحكومة تسهيلات في مواقف السيارات والشحن المجاني.
الصين: الصين لديها برامج دعم ضخمة للسيارات الكهربائية، مع تقديم إعانات مالية وإعفاءات ضريبية. الصين تسعى لتصبح رائدة في صناعة السيارات الكهربائية.
5. السياسات الأمريكية:
في الولايات المتحدة، العديد من الولايات مثل كاليفورنيا تقدم حوافز لشراء السيارات الكهربائية، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية والائتمانات الفيدرالية. كما تعمل على توسيع شبكة محطات الشحن الكهربائي.
6. الاتحاد الأوروبي – الاتفاقية الخضراء الأوروبية:
تهدف هذه الاتفاقية إلى جعل أوروبا قارة خالية من الكربون بحلول عام 2050، ومن بين أهدافها تعزيز استخدام السيارات الكهربائية عبر تخفيض الضرائب على المركبات الصديقة للبيئة وزيادة الاستثمار في تطوير شبكات الشحن الكهربائي.
7. سياسة "صفر انبعاثات":
بعض الدول، مثل المملكة المتحدة، تخطط لحظر بيع السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي بحلول عام 2030 أو 2035، مع تقديم حوافز لشراء السيارات الكهربائية.
تسهم هذه الاتفاقيات والسياسات في تحفيز التحول إلى السيارات الكهربائية وتسهيل اقتنائها كجزء من الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي وتحسين جودة الهواء.
حسبما نتابعه الأردن سعى بداية لتعزيز استخدام السيارات الكهربائية كجزء من التزامه بتقليل الانبعاثات الكربونية والتحول نحو الطاقة النظيفة لكن ليس بشكل كامل بل بقيم لم تكن ملموسة في البداية و كذلك الأمر كان على السيارات الهجينة ، وقد اتخذت الحكومات الأردنية عدة خطوات لدعم هذا التوجه و رغم ذلك يوجد تحديات كثيرة تواجه ذلك و منها :
-تطوير البنية التحتية:
الأردن يعمل على تطوير البنية التحتية اللازمة لشحن السيارات الكهربائية، ويشجع الشركات الخاصة والمستثمرين على بناء محطات شحن في مناطق متعددة.
-مشاريع الطاقة المتجددة:
الأردن لديه مشاريع متعددة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يساعد في توليد الطاقة اللازمة لتشغيل السيارات الكهربائية بشكل مستدام لكنه عدل مؤخراً عدة تشريعات طبق فيها ما يناقض ذلك و منها على سبيل المثال لا الحصر التعديلات التي طالت استيراد و بيع لوازم تركيب انظمة الطاقة الشمسية .
التحديات والمستقبل:
رغم هذه الخطوات، لا يزال التوسع في استخدام السيارات الكهربائية في الأردن يواجه بعض التحديات مثل البنية التحتية المحدودة للشحن وارتفاع تكلفة السيارات الكهربائية و الهجينة مقارنةً بالسيارات التقليدية، و وجود ما يناقض التوجهات فمنها الضرائب على استيراد بطاريات المركبات الليثيوم و النيكل المستخدمة في عمل المركبات الهجينة و الكهربائية .
و بناءً على ما تطرقت إليه سابقاً يوجد سؤال برسم الإجابة "هل وضع الاردن رسوم وضرائب على المركبات الكهربائية يعد انتهاك للعهود و المواثيق الدولية؟"
للأسف وضعت الحكومة الأردنية رسوماً وضرائب على المركبات الكهربائية و تعتبر انتهاكاً للعهود والمواثيق الدولية، لكن بعض المسؤولين لا يرون ذلك بالضرورة طالما أن هذه الإجراءات تأتي في إطار السياسات الوطنية والمبادرات المحلية التي تهدف إلى تحقيق الأهداف البيئية والتنموية للدولة.
و عودة إلى التشريعات التي يتم اقرارها سريعاً و التفكير فقط يكون فيها لمرحلة قصيرة لا تتجاوز عمر كرسي المنصب و الخوف من فقدانه و سعياً للتمديد بحيث تعد الضرائب والرسوم التي تتغير ازديادا و تتعلق بتوفير ايرادات للخزينة لتحديد المقاصد المختلفة و دون مراعاة أن التطور حاصل لا محالة ، فإن المركبات و السجائر أصبحت إلكترونية و عوائدها الضريبية تناقصت بشكل ملحوظ و على مدخلاتها كالتبغ و المحروقات و حيث أن العالم أيضا يتوجه لخدمات الانترنت و الإتصال العالمي كالتي توفرها شركة ستار لينك Star Link ستخفض عوائد الضريبة حيث أن الأفق لها مفتوح ما لم يتم التفاهم مع هذه الشركات بحيث تستفيد منها .
و عودة للمركبات يتعين على الأردن أن يوازن بين تشجيع استخدام المركبات الكهربائية واحتياجات الإيرادات والتطوير ،و من المهم أن تكون الرسوم عادلة وموجهة بحيث تشجع الإنتقال إلى السيارات الكهربائية بدلاً من تثبيط استخدامها و إن فرض رسوم أو ضرائب على المركبات الكهربائية قد يكون جزءاً من سياسة مالية تستهدف تحقيق أهداف متعددة، وقد يكون مقبولاً طالما أنه لا يتعارض بشكل مباشر مع الالتزامات الدولية للبيئة ويهدف إلى تحقيق توازن بين مختلف القطاعات المحلية كالمستثمرين في قطاع تجارة المركبات و لوازمها و النقل و كل من له علاقة مباشرة في الأثر المترتب عليهم جميعاً .
و على النقيض حيث انه تم مؤخراً تخفيض الضريبة الخاصة على المركبات التي تعمل بالبنزين و في الوقت نفسه تفرض الحكومة رفعاً مستفزاً على المركبات الكهربائية أساء بشكل مباشر على المستثمرين في تجارتها و أوقعهم بمشاكل مع زبائنهم رغم التحديات التي تحيط بهذا القطاع و بالأخص تجار المنطقة الحرة و الذين كانوا قد اخذوا العهود و المواثيق و التطمينات على مدار عقود من مدراء المناطق الحرة و الاستثمار و أنه لا توجد ضرائب عليهم و لكن فوجئوا منذ ثلاثة اعوام بالعودة عليهم و محاسبتهم على التنازل بالمركبات للسوق المحلي و ليعودوا عليهم بالضرائب و الغرامات و اجراء التسويات لاحقاً و التذرع بوجوب قيامهم بتقديم اقرارات ضريبية بموجب تعميم قديم يتعلق بالسنوات ٢٠١٠ - ٤/٢٠١٤ خلافاً للتشريعات دون مراعاة أن التجار قد حسبوا ارباحهم مسبقاً و دون اي حساب لأي ضرائب في حينها !
عودة إلى قرار تخفيض الضريبة الخاصة على المركبات التي تعمل بالبنزين و كونه يثير هذا الأمر تساؤلات حول كيفية تأثير هذه السياسات على التحول إلى السيارات الكهربائية:
- ألا يتناقض تخفيض الرسوم على المركبات التي تعمل بالوقود مع جهود تشجيع استخدام المركبات الكهربائية ؟!
. أليس على الحكومة توضيح كيف توازن بين دعم المركبات الكهربائية والضرائب على المركبات التقليدية؟
- ألم تؤثر تلك القرارات سلباً على أهداف خفض الانبعاثات أو التحول إلى الطاقة النظيفة، فقد يكون هناك ضغط دولي لتعديل هذه السياسات لضمان التزام الدولة بالاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية باريس؟
- ألا يتوجب على الحكومة التوقف عن تعويض النقص في الإيرادات الناتج عن انخفاض الضرائب على الوقود بأخرى لا تستهدف و لا تنهك جيوب المواطنين و الفعاليات الاقتصادية ؟