الأنباط -
إبراهيم أبو حويله ...
بداية هناك حوالي ثمانية وثلاثين حزبا قد تزيد وقد تنقص ، وما يهم المواطن هو هم واحد في ظل الظروف الحالية ، بل هو لم يعد هما واحد فقط ، كان هما واحدا هو الهم الإقتصادي وهو العبء الأكبر الذي يشغل بال المواطن ، ولكن غزة قالت كلمتها ، وفرضت واقعا ليس على الأردن الذي يرتبط تاريخيا بالقضية الفلسطينية سياسيا وشعبيا ، ولكن دول العالم كله .
واصبح الهم الوطني مثقلا بالشأن السياسي تماما مثل الهم الإقتصادي ، ويبدو أن السياسة تفرض اقعها دائما ، نعم السياسة هي التي تتحكم تاريخيا بالجغرافيا والإقتصاد الحروب .
ولذلك تجد المواطن اليوم يسعى لموقف تجاه غزة يتفق مع أماله وآلامه ، ويتطلع إلى الشأن الإقتصادي بعد ذلك بحسرة شديدة ، أما بُعد التمثيل السياسي فهو وان كان مهما ، ولكن أهميته تتعلق بتلك النخبة التي تسعى إليه فقط ، وليس عاما في الأعم الأغلب .
المشاركة السياسة التي ينتهجها صاحب الجلالة ، والأصرار من قبل القيادة على أن تكون هذه الإستحقاقات دستورية وفي موعدها ، حتى وان تصادف الموعد مع احداث صعبة مثل الربيع العربي ، أو ظروف كورونا ، هذا يؤكد على أن هذه الإستحقاقات تجد اهتماما كبيرا من اعلى المستويات في الوطن .
قضية القائمة الوطنية ، هي حل لوضع قائم ، فنحن مجتمع عشائري من جهة ، ومناطقي من جهة أخرى ، وهذه القائمة تساهم في فرز مجموعة يتفق عليها ابناء الوطن كافة ، بحيث تخرج هذه القائمة الأكفأ على مستوى الوطن ، هذا مرتبط بشكل أساسي بالمواطن وقدرته على توظيف الحدث والمشاركة الفاعلة لإيصال صوته بشكل بعيد عن التحيز والمناطقية ، وبشكل حضاري مدني يجعله ممثلا في مجلس الأمة من جهة ، ويجعله مشاركا في صناعة الحدث من جهة أخرى .
طبعا قصة العدد الذي تم تحديده وهي بحدود الأربعين مقعدا قصة أخرى ، وهي تشكل حوالي الثلث من جهة ، علما بأن عدد المنتسبين للأحزاب حسب أخر اعلان حوالي المائة الف ، وهذه نسبة غير عادلة من جهة ، ولكن يبدو أن صانع القرار يراهن على أن الزيادة الطبيعة للمنتسبين سترفع النسبة أو أن الأحزاب تمثل الأغلبية حتى لو لم تمثل الأغلبية ، وهي أيضا قابلة للزيادة حسب ما اشار أكثر من مختص حيث أن القوائم الأخرى ستشمل بطبيعة الحال مجموعة حزبية وبالتالي ستزيد نسبة التمثيل الحزبي في البرلمان .
ما أقف منه موقف المتوجس مع أنه سيجد دعما كبيرا ، هو الأحزاب الدينية فمن جهة اعلم تماما ان هناك فئة صادقة تسعى لخدمة الوطن والأمة من خلال هذه الأحزاب ، ومن جهة أخرى هناك فئة متسلقة ونفعية تستغل الدين والعاطفة الدينية لتحقيق أهداف شخصية أو مادية ، وهذه ليست حصرا علينا وحدنا فهي موجودة في كل الأمم وعبر التاريخ ، ولكن الوعي والبرامجية هي الطريقة الوحيدة لتيحد تلك الفئة المتسلقة .
ومن جهة أخرى هناك توظيف لا اجده مناسبا لهذه الأحزاب ، فبعضها يظن نفسه صاحب الولاية على الأمة والوصي الشرعي عليها ، ويسعى لفرض تصوره ومفاهيمه على الأمة ، وهنا لم نترك مجال للإختلاف ، فإما أنا أو أنت ، وهذا ما لا اجده مقبولا بحال ، خاصة أن الفكر الإسلامي فكر شمولي متطور وحضاري ومدني ، ويتقبل الكثير من البرامج المختلفة ، ولكن المشكلة هي في تلك العقلية التي لا تتقبل الأخر ، وتسعى للسلطة بشكلها المجرد ، ما خلق مشكلة كبيرة للكثير من الجماعات الإسلامية حتى المعتدلة منها .
السعي إلى السلطة يخلق حالة من النزاع والتنافس ، ويلغي فرضية تقبل الأخر والخروج بتصور للتعايش والتعاون المشترك ، خاصة أننا جميعا ننطلق من قاعدة واحدة إلا فئة قليلة جدا ، وهنا أعني كلنا فمعظم المسلمين تجدهم حريصون على عدم مخالفة القواعد العامة للإسلام إلا تلك الفئة التي أشرنا إليها ، وهؤلاء تعرفهم في لحن القول وفي الولاء وفي الإنتماء .
كثرة الأحزاب ليس مشكلة كبيرة ، وهناك بعض الأحزاب بدأت تسعى لتشكيل قوى ومجموعات تضم مجموعة من الأحزاب ، التنافس في الخدمة العامة أمر حيوي ومطلوب ، وإختلاف المشارب يثري العملية الفكرية والسياسية .
نحتاج إلى عقول كبيرة لمجموعة من التحديات الإقتصادية والإجتماعية والتاريخية ، ونحتاج إلى حلول مبتكرة للأقتصاد وللأمة ، وتسعى لإيجاد قاعدة مشتركة يلتقي عليها الجميع للحفاظ على الأمة ومكتسباتها وثرواتها ، وللحفاظ على دينها وحضارتها ، ولحمايتها في ظل هذه الهجمة الغربية الهمجية الدموية على الأمة ومقدراتها وثرواتها ودينها