الأنباط -
نعم عن أي أخلاق نتكلم ، وما هي المنظمومة الأخلاقية التي يجب أن نتفق عليها ، ونسعى لها ، وما هي المحددات التي يجب أن تحدد هذه المنظمومة وما هو مقبول وما هو ليس بمقبول .
قلت لنفسي وأنا أرتشف قهوتي وأسير تلك الخطوات التي وضعتها لنفسي يوميا من انت حتى تتصدى لهذا الأمر الجلل ، ولكن سأحاول أن أضع محددات لهذه الأخلاق لي وبعد ذلك يجتمع المجتمع على ما يريد ، ويجب ان تكون في الوقت نفسه مقبولة من الجميع .
إن الإسلام لم يضع يوما منظومة اخلاقية خاصة بإبنائه فقط ، بل كانت المنظومة التي يضعها الإسلام عامة وشاملة وتصلح لكل زمان ومكان .
والأهم أنها كانت تحفظ هامش الحرية للإنسان بحيث تبقى له ذلك الهامش من الحركة التي تحفظ عليه إنسانيته أو حريته كما تشاء فلا تجسس حتى للخليفة ، ولا غيبة ، ولا كذب ولا غش ، ولا يبع احدكم على بيع أخيه ، أو يخطب على خطبة أخيه ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ، وامسك عليك لسانك ، واحسن كما احسن الله إليك ، إن الله يحب الإحسان في كل شيء .
الحياة أمانة ، وأيضا العمل أمانة فقد بعت وقتك وهو إشتراه فلا يجب أن تتصرف في هذا الوقت إلا بما أتفقتم عليه ما لم يخلف شرعا ، والشرع واضح اما المخالفات فمحدودة جدا ، ومال الأخر أمانة ، واملاك الأخر امانة ، وعلم الأخر أمانة فلا يجوز أن تأخذه لنفسك بل يجب أن تنسبه له ( ملكية فكرية قبل أن يعرفها الغرب بقرون ) .
وربما لو أطلقت لنفسي العنان فلن أقف ، ففي التربية ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف ينهي عن المنكر ، وامك ثم أمك ثم أمك ، والأب باب من ابواب الجنة ، وسنشد عضدك بإخيك ، وأنصر أخاك ظلما أو مظلوما .
وفي القتال وفي الأسر وفي أهل الكتاب والإحسان إليه وتركهم وعبادتهم وشعائرهم .
نملك منظومة أخلاقية راقية ، وتعالج كل شيء من علاقة الأمير بالرعية إلى علاقة الرعية بالأمير .
نجعل الخوف من الله فوق كل شيء ، ولكننا لا نعتزل الحياة ولا العمل ولا العلم ، بل نبني حضارة وحياة ، وندفع كل من حولنا ليكون أفضل واكثر اخلاقا وانسانية حتى في التعامل مع الحيوان وكل ذي كبد رطبة ، يعني حتى الحشرة .
نجعل الناس سواسية لا فضل لعربي على عجمي ، يقول لويس فرقان لم اعرف معنى المساواة إلا عندما دخلت الإسلام .
نقر بالحق من أين جاء ولا يجرمن أحد منا شيء على أن يعدل .
نحن وضعنا الأخلاق في الجامع وعشنا بدونها في الشارع فضعنا وأضعنا ، اضعنا الأمة اضعنا البشرية والانسان ، هذا الإنسان التائه الذي يحاول ان يشعر بالراحة والطمأنينة هو ضائع .
أتظن أن القاتل يشعر بالراحة والسعادة وهو يعلم أن ما يمارسه هو ظلم وقهر وقتل ، بل أن هذه ستعود عليه وبال .
وانت وأنت تتلقى كل هذا الظلم وتشعر بالراحة والطمأنينة لأنك تعلم تماما ما تريد وما تريده هو رضى رب العبيد ، وتعرف تماما أثر الأخلاق على الإنسان وباقي المخلوقات ، وتدرك تماما معنى ان تحمد الله بعد أن فقدت كل شيء .
اتظن هذا أمرا هينا لقد زلزلت انفسا وبشرا وخلقا كبيرا بثباتك على الحق .
أظن يا صديقي أن هذا هو معنى لا اله إلا الله ، وأنه هو حقيقة الإستخلاف في الأرض .
أن تقوم بأمر الله ولا تفعل ولا تنفعل إلا كما أراد .
عندها تكون خريطتك الإدراكية واضحة تماما .
وذكرني لاحقا يا صديقي الذي سأل عن الأخلاق أن أتكلم في هذه الخريطة ، فلقد أثرت شجوني فشكرا لك .
إبراهيم ابو حويله...