الشبكة الشرق أوسطية للصحة تعلن عن مؤتمرها الإقليمي الثامن في عمان منها الإجهاد والتوتر.. 7 أسباب وراء شيب شعر الرأس رسميا.. تحديد الكليات والتخصصات لطلبة التوجيهي “الخطة الجديدة” طقس معتدل خلال الأيام الأربعة المقبلة "المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2024" يختتم فعالياته بمشاركة 13,200 زائر من 138 دولة العوامله يهنئون الدكتور فادي البلعاوي بمناسبة تعيينه امين عام وزارة السياحة "زيارة ودية اخويه" جمعت الشيخ فيصل الحمود والسفير سنان المجالي. حسين الجغبير يكتب: لمن تترك صناديق الاقتراع؟ الداخلية تتابع التحقيقات مع سائقين أردنيين في إسرائيل على خلفية حادثة إطلاق النار الخارجية: الجهات المعنية تتابع التحقيقات في حادثة إطلاق مواطن أردني النار بالجانب الفلسطيني الحسين يفوز على العقبة بدرع الاتحاد الصفدي يلتقي المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي الصفدي يلتقي كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية في غزة إعادة فتح جسر الملك حسين غدا الاثنين أمام حركة السفر وإغلاقه أمام حركة الشحن تأثير تقلبات أسعار النفط العالمية على المحروقات في الأردن، جدل حول معادلة التسعير ونتائجها الاقتصادية دعم المرأة وتمكينها بالحياة السياسية ضرورة لتحقيق المساواة والديمقراطية توتر العلاقة بين "العمل" ونقابة مكاتب الاستقدام والسبب.. التراخيص الجديدة المنظومة الأمنية الإسرائيلية: إنهيار الثقة وفشل الإجراءات .. 6 إصابات في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان جامعة الزرقاء توقع اتفاقية تعاون بمجالات البحث الطبي
كتّاب الأنباط

شهيد الصحن الفارغ - قصة قصيرة

شهيد الصحن الفارغ - قصة قصيرة
الأنباط -


سعيد الصالحي

قال: كيف وصلت إلى هنا؟
أجاب: لقد فتك بي الصحن الفارغ.
قال: تقصد الصحن الطائر، أليس كذلك؟
أجاب: كلا، الصحن الفارغ، لقد قضيت عدة أسابيع وأنا أحاول أن أملأ هذا الصحن اللعين بأي شيء من فوم الأرض أو من منّ السماء وسلواها فلم أفلح، قضيت أيامي أتأمل نقوشه وأدعو كل يوم أن أرى شظاياه مبعثرة أمامي عندما أعود إلى بيتي، فالصحن يحل قتله عندما يعتاد على الفراغ، كانت أسابيع الجوع والصحون الفارغة صعبة جدا، وأنت كيف أتيت إلى هنا؟
قال: لقد كانت الأقدار أكثر رحمة بي منك، فقد كنت أسكن خيمة بلاستيكية كانت فيما مضى تستخدم لانتاج الخيار والبندورة المعلقة والفلفل الأحمر، وأصبحت بعد العدوان مسكنا للعشرات من النازحين، كنا نقضي الساعات بعد الطلعات الجوية للعدو واحصاء الانفجارت وتقدير مكان وقوعها، إلى أن سقطت إحدى القذائف بالقرب من بيتنا البلاستيكي، فتبخرت على الفور ولم يبق مني إلا فردة الحذاء، فانفجرت مقلتي، وتسامى جسدي نحو السماء، وبقيت فردة الحذاء الانجليزية التي ابتعتها من محل الملابس والاحذية المستعملة مطبقا مثلنا الشعبي "على قد لحافك مد رجليك" فما حاجتي لزوج من الأحذية فعكازتي لا تحتاج الفردة الأخرى، فقد فقدت ساقي اليمنى منذ اليوم للقصف وتركتها خلفي في حارتنا عندما زحفنا نحو الجنوب، وأنت هل رحلت نحو الجنوب؟
أجاب: لقد حملت بضعا من متاعي وملابسي بالإضافة إلى بعض الأواني الخزفية التي حرصت على الحفاظ عليها لأنها من جهاز جدتي عندما كانت عروسا، جدتي التي أصرت على حملها معها من اللد أيام نكبتنا الأولى، ولم تكن تعلم جدتي أنها كانت تورثنا أداة موتنا وقتلنا، حملت صحونها وفناجيلها والملاعق المذهبة وسرت نحو الجنوب، وهناك كان العطش والجوع يتربصان بنا خلف البيوت المهدمة والأسوار الساقطة ونظرات الأطفال، بدأ الجوع يتسرب إلينا  ويقتلنا بصمت وبصحن كاتم للصوت، وكلما استبد بي الجوع كنت أخجل من صوت معدتي وهي تخور كعجل صغير، وأحاول أن أكتم صوتها بالزفير والدعاء، وأنت هل صادفت الجوع في الجنوب؟
قال: لا، فأنا شهيد تقليدي شهدت رحلة الموت التدريجي وفقدان الأشلاء وأنا برسم الموت ولكن لم يصادفني الجوع الكافر، وكل ما أذكره بأن تأشيرة جسدي نحو السماء قد تأخرت قليلا، لأنهم لم يجدوا أشلائي فقد آلت إلى غبار وبخار، ولم يتمكن أحد من جمعها لأنني أول من تبخر في هذه الحرب، وبالتالي ظن البعض أن فردة الحذاء قد ألتهمتني، فتكتموا على تحليلهم حتى لا يسخر منهم سكان البيوت البلاستكية المجاورة، وبعد عدة أيام تم استصدار شهادة وفاة لي، وكانت فردة الحذاء دليل شهادتي وارتقاء روحي الوحيد، فلولا الحذاء لما عرف رفاقي في الجوار أن الرجل الأشيب صاحب العكاز قد حفر اسمه ونمرته في سجل الشهداء، دعك مني واخبرني ماذا حل بالصحن بعد وفاتك؟
أجاب: لقد رميته في البحر قبل وفاتي بساعة لعله يعود إلى طبيعته الأولى مجرد صحن وحسب، ولعل البحر يغسله ويطهره من أرواحنا التي افترسها ببياض صفحته ونقوشه الزاهية، وربما سيعيده البحر لي محملا بباقة من الأسماك والمحار كدليل على توبته، لكن الجوع داهمني قبل أن تصل معونة البحر أو قراصنته، وقبل أن يعود الصحن الفارغ بكفنه الأبيض السادة دون نقوش.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير