قال المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان (مستقل مقره الرئيس جنيف)، الأحد، إنه "وبعد مرور 48 ساعة على صدور قرار محكمة العدل الدولية الذي ألزم إسرائيل باتخاذ تدابير لمنع ارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وثق مواصلة الجيش الإسرائيلي بالوتيرة ذاتها قتل المدنيين وتهجيرهم قسرا وتجويعهم".
وأضاف المرصد، أنه "وثق قتل الجيش الإسرائيلي لأكثر من 373 فلسطينيا، منهم 345 مدنيا، إضافة إلى أكثر من 643 إصابة، منذ صدور قرار المحكمة".
وأشار إلى أن "إسرائيل تواصل تجاهل قرار المحكمة الأعلى في العالم، وانتهاك التزاماتها الدولية، بما في ذلك قواعد ومبادئ القانون الدولي، بإصرارها على الاستمرار في ارتكاب انتهاكات جسيمة ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين".
وأوضح "الأورمتوسطي، أنه "إلى جانب عمليات القصف الإسرائيلي التي لا تتوقف، بما فيها تدمير منازل سكنية على رؤوس ساكنيها وقتل النازحين قسرا بعد ترويعهم واستجابتهم لأوامر إخلاء إسرائيلية غير قانونية، فإن إسرائيل تواصل هجومها على ما تبقى من النظام الصحي في غزة، وتحاصر المستشفيات التي بقيت تعمل جزئيًّا في خانيونس جنوبي قطاع غزة وتستهدفها بشكل مباشر، حيث يقترب كل من مستشفى ناصر الحكومي ومستشفى الأمل التابع للهلال الأحمر من التوقف التام نتيجة الحصار والاستهداف المتكرر".
وبيّن أن "خزانات المياه في مجمع ناصر الطبي تعرضت للتلف والأعطال نتيجة الشظايا ونيران المسيرات الإسرائيلية، دون توفر إمكانية فعلية لإصلاح أي من الأضرار نتيجة الحصار والاستهداف". إلى جانب ذلك، "بدأ العد التنازلي لإطفاء المولدات في المجمع الطبي خلال 3 أيام، فيما نفد مخزون الأوكسجين الخاص بـمستشفى الأمل؛ بسبب حصار الجيش الإسرائيلي للمستشفى، مع استمرار استهدافه ومحيطه".
وأكد المرصد، أن "قوات الجيش الإسرائيلي لم تلتزم بتنفيذ أي من هذه التدابير، حيث استمرت بعمليات القتل العمد واستهداف المدنيين على نحو واسع ودون ضرورة عسكرية أو تناسب في عشرات الحالات، كما استمرت في عملية التدمير المنهجي وواسع النطاق للأعيان المدنية، بما في ذلك المنازل والتجمعات السكنية والأحياء، ومناطق معينة شهدت جرائم مروعة لها، لافتة إلى أن ذلك يأتي في إطار تدمير الأدلة على اقتراف جريمة الإبادة الجماعية".
ولفت إلى أنه "خلال اليومين الماضيين دُفن المزيد من القتلى والأموات في ساحة مستشفى ناصر في خانيونس لتعذر نقلهم إلى المقبرة التي تتمركز فيها القوات الإسرائيلية، مؤكدًا توثيقه ما لا يقل عن 4 مواقع دفن جماعية وعشوائية أخرى في ساحات ومدارس وشوارع خانيونس".
وقال إن "إسرائيل ما تزال تتعمد عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل عام، ووضع قيود أكثر تشددًا على دخولها إلى شمال وادي غزة خاصة، حيث تتفاقم حالة المجاعة بعد 114 يومًا من بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة".
وأردف أن "المستوطنين عرقلوا خلال الأيام الماضية إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر كرم أبو سالم شرقي رفح، بموافقة من الشرطة الإسرائيلية، بناءً على تعليمات من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير"، مشددا على أن "تلك الممارسات ستزيد من عمق وتدهور الأزمة الإنسانية في القطاع".
وتابع أن "عدد شاحنات المساعدات تراجعت إلى 87 شاحنة فقط خلال اليومين الماضيين مقارنة بالأيام السابقة، التي كانت تشهد ما معدله 100 شاحنة يوميًّا، وهو الذي كانت توجه له انتقادات لأنه لا يلبي سوى أقل من 10بالمئة من احتياجات السكان؛ ما يعكس الإصرار الإسرائيلي على انتهاك قرار محكمة العدل الدولية".
كما أكد المرصد، أن "الجيش الإسرائيلي يواصل استهداف مئات الفلسطينيين خلال تجمعهم على شارع صلاح الدين جنوبي غزة لانتظار الشاحنات التي تحمل المساعدات، آخرهم كان بالأمس عندما قتل 3 مدنيين وأصيب آخرون".
وتكرر ذلك هذا اليوم، حيث سجل المزيد من الشهداء والعديد من الإصابات في صفوف المدنيين.
كما أصيب عشرات النازحين في مركز إيواء مقامة في مدرسة في حي الأمل بعد اشتعال النيران في الخيام جراء القصف الإسرائيلي، ومايزال الجيش الإسرائيلي يمنع الإسعافات وطواقم الإنقاذ من الوصول للمكان.
يأتي ذلك في وقت وثق فيه "الأورومتوسطي" المعاناة الشديدة لآلاف السكان خلال نزوحهم القسري من مخيم خانيونس للاجئين ومناطق عدة أخرى في المحافظة إلى المناطق الساحلية الغربية منها، وسط أجواء ماطرة وباردة وإجراءات ترويع وتنكيل إسرائيلية، دون توفر أي مأوى بديل أو آمن يفي بالحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية.
وأصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة في عدد جديد من مناطق خانيونس، بمساحة إجمالية بأكثر من 4 كيلومترات مربعة، ونشر هذه الأوامر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، رغم الانقطاع المستمر للكهرباء والاتصالات وخدمات الانترنت في القطاع.
وشدد "الأورومتوسطي"، على أن "قرار محكمة العدل الصادر للتو بشأن وجود -شك معقول- بأن إسرائيل تنتهك التزاماتها المترتبة على عاتقها كدولة طرف في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، والممارسات الحاصلة على الأرض تتطلب ضغطًا دوليًّا حاسمًا وفوريًّا بالأشكال كافة لوقف الجرائم المستمرة بحق المدنيين الفلسطينيين، وحمايتهم من خطر الإبادة الجماعية".
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أميركية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 26 ألفا و422 شهيدا، وإصابة 65 ألفا و87 شخصا، إلى جانب نزوح أكثر من 85 بالمئة (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب سلطات القطاع وهيئات ومنظمات أممية.