الأنباط - إبراهيم أبو حويله ...
هو ما حدث بعد حرب أكتوبر 73 وعلى يد كسنجر نفسه ، فقد أنتصرت الجيوش في الحرب ، وأنهزمت السياسة بعد ذلك ، وضاعت الحقوق والمكتسبات .
ولكن هل سيذهب هذا الثبات سدى بين يدي سياسي لا يدرك ما تم إنجازه ، أو لا يخاف من ردة شعبه بقدر ما يخاف من عدوه ، ربما وهذا حصل سابقا للأسف ، وهنا إستذكر ما قامت به المقاومة الفيتنامية ( الفيت كونغ ) لقد ذكر كسنجر في مذكراته أنه شعر بالإحباط واليأس ، ووقعت الفرق الأمريكية المفاوضة في بئر عميق ، لم يستطيعوا أن يفرضوا أو أن ينتزعوا من هؤلاء موقفا ولا تنازلا ، كانت كل الحلول والطروحات التي تضعها الفرق الأمريكية المفاوضة على الطاولة تقابل بموقف ثابت صارم لا يقبل التنازل ولا حتى التفكير بالتنازل ، كان خطابهم يجب على الولايات المتحدة أن تقوم بـ ... ، يقول كسنجر شعرنا بالنصر عندما قبلوا تغيير العبارة بـ يجدر بـ بالولايات المتحدة القيام بــ ، لقد تلاعبوا بنا نفسيا وعقليا ، يقول كسنجر إن الصفات الطيبة (والكلام له ، وهذه الصفات الطيبة رأيناها جيدا في كل الدول التي تم إحتلالها من قبلهم ، ولن يكون أخرها في غزة ) التي كان يتحلى بها الأمريكان كان يقال لها إرادة خير وتسامح ، هذه صفات تدعو لإحتقارها من قبلهم ، كان طرحهم إنسحاب كامل غير مشروط وسقوط الحكومة العملية .
هل تتراكم تلك التحركات الإيجابية في الكون لتنمو مثل نبتة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، هذا حقا ما أؤمن به ، نعم لا يذهب الخير في الأرض ولا الصمود والثبات على المبدأ ولا مقاومة الظلم ولا الإنتصار للمظلوم ، كل هذه لا تذهب سدى .
ثباتك على الحق لا يعني بحال أنك ستنتصر اليوم ، ولا يعني بحال انك قد ترى أثر هذا الثبات ، ولكن الثبات على الحق يعني الكثير لمن حولك ، ويغير الكثير فيمن حولك ، ويصنع تلك المعجزات التي ستحدث لاحقا ، إن الكل يراقب حتى الجلاد والسفاح والقاتل وذلك المجرم الذي يحمل السلاح .
وهذه ليست دعوة لعدم العنف ، فأنا حقيقة لا أرى هذه الدعوة مقبولة بالنسبة لي ، ولكن أرى بأن الكل يملك أن يدافع عن نفسه بما يستطيع ، نعم بما يستطيع ، قد لا يحدث ما تستطيع اليوم شيء ، هي مجرد أداة حادة أو سلاح بسيط ، ولكن لا ترضى الظلم دافع عن نفسك ، من الممكن أن يكبر ما تملك ومن الممكن أن لا يكبر ما تملك ، لم يكبر ما تملك فيتنام ولا الجزائر ولا جنوب إفريقيا ولا حتى افغنانستان والعراق ، ولكن أصبحت الضريبة للمحتل كبيرة ، والإستنزاف كبير ، وكبرت الفاتورة البشرية والمادية ، عندها فقط يفكر المحتل بالمغادرة .
من كان يظن أن المقاومة في فلسطين ستصل إلى كل ما وصلت إليه ، ولكن كل هذا حدث بسببين برأيي ، الاول هو ما أعدت المقاومة من وسائل تدفع به الأذى عن نفسها ، ولو كانت هذه الوسائل لا تحقق ردعا حقيقيا على المستوى القتال مع هذا التحالف الذي تدعمه كل قوى الشر في العالم ، والثاني هو ثبات المقاومة والشعب وتحمل كل هذا الأذى في سبيل ما يؤمنون به ، نعم هذا ما دفع العالم ليفكر والبعض ليغير رأية ، والأخر ليتبنى ، والثالث ليدافع ، وحتى العدو ما عاد صفا واحد ، فقد أثر فيه ما رأى ، وجعله يتبنى وجهة نظر المقاومة .
يجب أن نركز على خلق وعي عام سعى جدي لتعظيم مكاسب الأمة من الحدث ، وليس كما يحدث دائما يذهب فرد برأيه وسياسته وفكره بكل هذه التضحيات ، عندها نعم سيكون الأثر سلبيا ومحبطا ، وبعض هؤلاء الساسة لا هم لهم إلا تلك المكاسب التي يحققونها بشكل شخصي ، وهذه للإسف أضاعت جهود الأمة وحكمت على الكثير من الأفعال بعد ذلك بالنتيجة الحتمية وهي الفشل ، وحتما سيعمل التحالف وعلى رأسهم الولايات المتحدة بجهود جبارة على السياسين للوصول إلى هذه المقاربة ، وربما على الشعوب في هذه الفترة أن تفوت الفرصة على الطرفين .
إبراهيم أبو حويله ...