يوم ثقافي لتعزيز الحوار بين الثقافات في الجامعة الأردنية للحفاظ على حدة العقل .. 8 عادات يجب توديعها عيد ميلاد الأمير علي بن الحسين اليوم أكثر من مجرد انتعاش.. شرب الماء وأثره على الصحة رئيس الوزراء يضيء شجرة عيد الميلاد في أم الجمال اليوم طفرة تجارية مرتقبة مع سوريا والاستعدادات على قدم وساق التغيرات المناخية ومدى تأثيرها على أمطار بلاد الشام هل يكفي الحد الجديد للأجور لمواجهة تحديات المعيشة؟ عزاء فتحية وسقوط نظام الاسد أحمد الضرابعة يكتب : الشارع السياسي الأردني: مقدمات ونتائج إسناد القرار السياسي بمنظومة علمية مرصد الزلازل الأردني: لا أحداث زلزالية خلال الساعات الماضية الأمن العام ينفذ حملة تبرع بالدم للمرضى الراقدين على أسرة الشفاء علاج الصداع من دون أدوية إصابة 3 جنود إسرائيليين في غزة الهاشميون رعاة لكرامة الأردنيين وحفظ حقوقهم وتأصيلا لبث روح المحبة والتسامح تشكيل لجنة مؤقتة لاتحاد الكيك بوكسينغ نتائج الليغا والبرميرليغ.. ريال مدريد يقتنص الوصافة وبورنموث يفجر مفاجأة كبرى رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسَّان يهنِّئ المسيحيين بعيد الميلاد المجيد ورأس السَّنة الميلاديَّة اسرة جريدة الانباط تنعى والدة احمد عبد الكريم

غزة إذ تشق بصمودها جدران منظومة قيم الديمقراطية

غزة إذ تشق بصمودها جدران منظومة قيم الديمقراطية
الأنباط -

 

زيد العطاري

إن ما أحدثه طوفان الأقصى وما تلاه من عدوانٍ إسرائيلي على قطاع غزة، يبعثُ على الحاجة الماسة لإعادة التفكير واستذكار الجذور الأولى لنمو شجرة مفهوم الديمقراطية ذلك لأن ردود الفعل الغاضبة والتي ملأت الأرض والفضاء داخل ما يسمى المجتمعات الديمقراطية الغربية، لم تنعكس على سياسات ومواقف ممثليهم داخل السلطة، انطلاقاً من القاعدة الديمقراطية التي تقول "الشعوب تمارس السلطة بواسطة ممثليها"، فما شهدناه من غضب في الرأي العام العالمي لم يجد صداه لدى الممثلين، وهنا علينا أن نتساءل هل صادرت الديمقراطية مفهوم الحرية وتقدمت عليه بفعل اعتباراتٍ أخرى ضيقة حتى باتت الديمقراطية هي الأصل والحرية هي الفرع؟، "علماً بأن العكس هو الصحيح"، وما هي العوامل التي حرفت مسارات الديمقراطية بموجاتها المتعاقبة؟؟

كثيرٌ هي التساؤلات التي أثارتها غزة الصامدة، تساؤلاتٍ سياسية وفلسفية لابد من طرحها حتى لا تبقى الشعوب الحرة حبيسة وهمها سياسياً وفلسفياً.

تاريخياً جاءت الديمقراطية لتنظم حق الحرية، هذا الحق الذي تضافرت جهود الفلاسفة والمنظرين لتظهيره في مواجهة سلطة الكنيسة فنضجت نظريات أبرزها العقد الاجتماعي التي بدأت بالحديث عن اختيار السلطة من جانب الشعب لأن لهم مطلق الحرية في ذلك، ثم جاءت الإضافة على حق هؤلاء الممثلين في تصحيح مسار السلطة وأن لا تبقى مستبد’، وبمرور العقود والسنوات أخذت مفاهيم أخرى كالمجال العام، الجندر، المجتمع المدني وغيرها من المفاهيم التي باتت إما غير مؤثرة بشكلٍ إيجابي بالقيمة الأساسية وهي الحرية التي انجبت النظم الديمقراطية، أو تم توظيفها لصالحٍ بنٍ وتكوينات اجتماعية عابرة للمجتمعات، تستخدم ممثلي الشعوب ومن هم في السلطة لصالحها، وهو ما نشهده اليوم في مجتمعاتٍ يُفترض أن قيم الحرية والديمقراطية تحكمها.

لقد كشف العدوان على غزة ذلك الخلل الذي تشهده المجتمعات في بنيتها فقد تسللت اليها فئات ضيقة ولاؤها ليس لإرادة شعوبها، ولعل أحد أسباب هذا التسلل هو تلك الرأسمالية واللبرالية في الاقتصاد التي ظنوا أنها ستدفع باتجاه السلام والرفاه، وإذ بها تّذكي الحروب وتدعم الاحتلال، فبالأدوات الاقتصادية وما يسمى الشركات متعددة الجنسيات تغولت تلك الفئات الضيقة وضربت عضد المجتمعات حتى باتت السلطة لا تمثل رغبات شعوبها وهذا يطرح أسئلة مشروعة هل نحن أمام شكلٍ جديد من اشكال الاستعمار؟، وهل بتنا بحاجة للتفكير بإطارٍ ثالث يجمع شمل الأمم التي باتت أسيرة لأطرٍ لها برامجها المعزولة عن الشعوب، والتي تقيدها شعارات التمايز والتخصص والمؤسسية الوظيفية التي روج لها التحديثيون قبل أن يُساء استخدامها اليوم.

لقد فتحت غزة وفلسطين بصمودهما ونضالهما الطويل الباب لإعادة التفكير وتعلم الكثر من الدروس في السياسة وفلسفتها، لمن يرغب ويشاء فهناك الكثيرون ممن لا يرغبون ولا يريدون. إن دعوة التعلم وإعادة التفكر موجهةٌ لشعوب الأرض قاطبةً إن هي أرادت مستقبلاً أكثر صدقاً تعمه الحرية الحقيقية وتعود أولوية الأجيال لإنتاج أنماطٍ جديدة من السلوك الديمقراطي البعيد عن الانتهازية والحقيقي في التمثيل، فدون ذلك ستغرق الأجيال في بحور التطرف والكراهية، وما رشح وتطاير من تصريحاتٍ ومقالاتٍ لساسةٍ وزعماء تنظيمات يدق ناقوس خطرٍ بدخول مرحلة جديدة من مراحل الصدام الحضاري الذي إن حصل فسببه فئاتٌ ضللت من اختارها بديمقراطية وحرية مخدوشة.

 

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير