الأنباط -
بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة ،،،
المتصفح لمواقع التواصل الاجتماعي يشاهد حجم الأنشطة الحزبية الهائل على الساحة الأردنية، فالأحزاب منتشرة على مساحات واسعة من المملكة الأردنية الهاشمية في سباق وتنافس محموم لنشر الثقافة الحزبية ، ولجمع أكبر عدد ممكن من الناس واستقطابهم لأحزابهم وكأننا في مرحلة الانتخابات النيابية ، فتجد الأحزاب منتشرين في المحافظات، والألوية، والقرى، والبوادي، والدواوين، والمضافات العشائرية، والأندية الشبابية، والجمعيات والمنتديات الثقافية، والفنادق وأحيانا في المطاعم ، والكل يشرح ويوضح ويشجع على الانضمام للأحزاب السياسية وأهمية المرحلة السياسية القادمة للأردن ، وأن الأحزاب هي التي سوف تشكل الحكومات، وبدأت الأحزاب كذلك بفتح المقرات الفرعية لها سواء في مركز المحافظات ، أو الألوية، وهناك تجاوب وتفاعل ملحوظ مع هذه اللقاءات، ولذلك هناك نشاط وحراك حزبي واضح ، وفي المقابل وعلى الوجه الثاني ، تشاهد كذلك نشاطات متعددة لتنسيقية المعارضة المشكلة من مختلف ألوان الطيف السياسي والإجتماعي ، تنتشر في بعض مناطق العاصمة عمان، وعلى بعض وسائل الإعلام المختلفة تطالب وتوضح مخاطر قانون الجرائم الإلكترونية ، وتناشد جلالة الملك لرد القانون كونه يقيد ويحد من حريات التعبير والرأي من وجهة نظرهم، وكان جلالة الملك هو الأمل الأخير لهم في محاولة رد القانون لإعادة النظر فيه، إلا أن هذا القانون في النهاية صدر، بعد مصادقة جلالة الملك عليه ، وصدوره في الجريدة الرسمية ، وهذه هي قواعد اللعبة الديمقراطية الحقة، وهذا يعكس حجم هامش الحريات العامة الواسع في الأردن ، مما ينعكس بالإيجاب على تعزيز الديمقراطية وترسيخها وتعمقيها لدى المجتمع الأردني ، وخصوصا لدى الشباب ، وأصبح المواطن في حيرة من أمره ، وأين يتجه، وما هو الصح، بين من يبشرهم بمستقبل الحياة الحزبية ، وأهمية المشاركه السياسيه ، ونتائجها الإيجابية على الوطن والمجتمع ، وبين التشاؤم والإحباط الذي يسمعه من معارضي قانون الجرائم الإلكترونية وأثره السلبي على منظومة التحديث السياسي ، ولذلك هنا تظهر مدى حجم قدرات الشباب الفكرية والأيدلوجية في قدرته على التمييز بين هذا التفاؤل وذاك التشاؤم ، وكيف يختار الطريق الصحيح ليتوجه إليه ،
في النهاية هذا الحراك السياسي النشط يعيد بنا الذاكرة إلى ما قبل ثلاثة عقود مع بداية عقد التسعينيات وبالأخص بعد صدور قانون الأحزاب السياسية آنذاك رقم 32 لسنة 1992 إيذانا باستئناف الحياة الحزبية وما رافقها من نشاط واسع لتأسيس الأحزاب السياسية ، وهذا النشاط السياسي والحزبي القوي يسجل لجلالة الملك عبدالله الثاني الذي دفع بمنظومة التحديث السياسي إلى الواجهة، وللحديث بقية.