ماذا يحدث لجسمك عند تناول التين يوميا؟ الارصاد : طقس حار نسبيا غدا مع انخفاض طفيف على الحرارة الاربعاء. ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية الأردن يشارك بفعاليات نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي حسين الجغبير يكتب:نسب تصويت عمان.. العاصمة الغائبة "عمان الغربية" النسبة الاقل مشاركة بالانتخابات البرلمانية!!! لماذا؟؟؟ الحركة الشرائية.. نشاط ظاهري وأزمة كامنة اربد.. محال تجارية وبسطات متحركة تعتدي على الأرصفة الحنيطي يستقبل عدداً من السفراء المعتمدين لدى المملكة الأردن يدين قرار الكنيست الإسرائيلي بتصنيف الأونروا منظمة إرهابية الإحصاءات: إعلان نتائج نشاط الاقتصاد غير الرسمي في الربع الأول 2025 أورنج الشرق الأوسط وإفريقيا تصدر تقرير أنشطة المسؤولية المجتمعية لعام 2023 "بذور التغيير" الهناندة : الأردن ليس في وضع سيئ بالتحول الرقمي د. مكاحلة يفتتح فعاليات حملة الكشف عن خلع الورك الولادي بمركز صحي المفرق الشامل. ارتفاع عدد شهداء القصف العشوائي على خان يونس إلى 57 شهيدا "المناصير للباطون الجاهز" تحصل على جائزة الضمان الاجتماعي للتميز في الصحة والسلامة المهنية الحنيطي يستقبل قائد القوات الفرنسية البحرية في منطقة المحيط الهندي "الأراضي" تطلق غدا خدمة الاعتراض الإلكتروني على القيمة الإدارية الملك يهنئ الرئيس المصري بذكرى ثورة 23 تموز "عائلة سيمبسون".. توقع مثير للجدل بشأن مستقبل هاريس
مقالات مختارة

جولة في أرشيف المستقبل

{clean_title}
الأنباط -
سعيد الصالحي

لقد وقعت قبل أشهر على مجموعة من المخطوطات والمؤلفات القديمة، كنت أقرأ هذه الكتب باحثًا عن بعض التفاصيل لعمل أدبي شرعت في كتابته منذ أكثر من عام، وبدأت ألتهم هذه الكتب والوثائق والمخطوطات بنهم الجائع للفهم، وكنت كلما تعمقت في هذه المراجع أزداد بعدًا عن ذاتي وأصير أكثر ارتباطا بالفترات الماضية التي حملت إليها برغبتي، ودون الحاجة لتذكرة طائرة أو جواز سفر، وعندما عدت إلى الماضي لم أعد إلى الجنات التي تجري من تحتها الأنهار، ولم تستقبلني الحسناوات بالقرب من عين الماء بجرارهن الفخارية لتبددن عطشي وتشعلن نار الحب في قلبي، ولم أجد جدي هناك يلهو في بيارته، وكذلك لم أحظى بحبة بطيخ تطعم أربعين شخصًا وقشرها يكفي مواشي حظيرة جارنا، لم أعثر هناك إلا على واقعنا الذي نعيشه كل يوم، فهناك من يموت دهسًا أو تفتك به بالكوليرا، وهناك من فروا من الخوف أو الجوع، وهناك وجدت من أتخمتهم مواقفهم قبل تجارتهم وصناعتهم، كل ما كان هناك ما زال هنا، ولكن ما اختلف علينا أننا استبدلنا السراج بالكهرباء، وتركنا عربتنا المكشوفة التي تجرها البغال وركبنا سياراتنا الفارهة التي لم تعد تؤمن بأن قيادة المركبة فن وذوق وأخلاق كما كان يلزم نفسه العربجي في ذلك الزمان.
في رحلة البحث هذه اكتشفت أنني لا أعرف شيئًا، وأن كل ما كنت أتفلسف به فيما مضى كان ظلًا للمعرفة أو صورتها التي تعكسها صفحة جدول حقلنا الحزين الذي يعبر في كل مكان سائرًا بثقة نحو حتفه الذي ظل طوال عمره ورحلته يظنه النهاية السعيدة وحياة النعيم التي لن تزول، كنت تمامًا كقطرة ماء شبه عذبة في محيط ماء مالح، لم استسغ ما قرأت ولم أهضم ما عرفت وفي النهاية استسلمت لقدري ولمن يمتلكون مفاتيح خزائن الكتب وأسرارها.
مئات الكتب تطبع كل يوم، وعشرات الصحف تنشر وتوزع، وتتناثر الكلمات عبر الأثير، كل هذا الفضاء المشغول بالكلمات والمطرز بالحروف العربية واللاتينية سيغدو بعد غد ماض وأرث يوثق أحداث وأراء ونظريات وأفكار وافتراءات، والحقيقة تستتر في ركن ما في ثوب الفضاء أو سطر هنا أو فقرة هناك، وبت أسأل نفسي هل ما وجدته في مخطوطات الأمس كالذي نكتبه اليوم؟ وفي محاولة مني للهروب من الإجابة عدت مسرعًا إلى كتبي القديمة لعل الحقائق تفر منها أمام عيني، قرأت وقرأت حتى ضمرت حدقة العين وأزدادت الغشاوة واتسعت الفجوة وتصلبت الأطراف وتكسرت الأجنحة!!!!
فمنذ أن عدت من رحلة البحث في المخطوطات قررت ألا أقرأ إلا ما تصنعه يدي وتمشي به قدمي، فكتابة الأفعال لا تحتاج مفردات كثيرة، وفهمها لا يتطلب من القارئ عشرات القواميس والمعاجم والتفاسير والمراجع، والأعمال في الغالب تقرأ بالعين قبل أن تسمع بها الآذان، وقبل أن نتحسس كلماتها فوق شاشات أجهزتنا الرقمية أو فوق صفحات الجرائد، ما أحوجنا هذه الأيام إلى أفلام السينما القديمة التي كانت باللون الأبيض والأسود وكنا نرى فيها ولا نسمع، كان يفرحنا سوادها وصمتها أكثر مما تفرحنا اليوم الألوان الزاهية وأصوات الضحكات التي تأتي من خلف الشاشة.
أكتب دائمًا عن الفرح وعن الكلام، فالأول نفتقده كثيرًا هذه الأيام وأما الثاني فأصبح كالهم على القلب ليتنا نفتقده هو الآخر حتى يتردد الفرح في قلوبنا ويرفرف في سمائنا، ولعلنا نفرد له مسربًا خاصًا في طرقاتنا كما فعلنا لحضرة باصنا سريع التردد.