الأنباط -
أبّنت الجامعة الأردنية اليوم الثلاثاء، فقيدها الراحل الدكتور ألبرت جميل بطرس، أستاذ الأدب الإنجليزي ومؤسس قسم اللغة الإنجليزية وآدابها في الجامعة.
وفي كلمة لسمو الأمير الحسن بن طلال، ألقاها مندوبا عنه الدكتور جواد العناني "إنّنا لو تأملنا في السيرة الذاتية للدكتور ألبرت بطرس لرأينا أن الرجل عصامي بنى نفسه بنفسه ووجد عبر مسيرته من رأى فيه صفات تؤهله لمناصب متعددة، ولكنّ هذه المسيرة، لم تعكس روح الإنسان وعمقه الثقافي وحلاوة شخصيته وروح الفكاهة العالية التي كان يتمتّع بها".
وأضاف أن الدكتور ألبرت، الحاصل على شهادته الجامعية الأولى من جامعتي لندن وإكستر في المملكة المتحدة، والدكتوراه من جامعة كولومبيا في اللغة الإنجليزية، ذو بصمة واضحة لا على تدريس اللغة بأسلوب صحيح وحسب، بل بمشاركاته في لجان المناهج وامتحانات المدارس الثانوية، وتدريسه اللغة في الجامعات الأردنية والأميركية، وإدارته المتمثلة في عمادة كلّيّة الدراسات العليا والبحث العلمي في الجامعة الأردنيّة.
واستذكر مناقب الفقيد في دعم العملية التعليمية والبحث العلمي ليس فقط في مجال اللغة، وإنّما عبر الفضاء العريض للتربية والتعليم المدرسي والجامعي أيضًا، وكذلك مساهمته الفاعلة في تطوير أداء الجمعية العلمية الملكية أثناء توليه رئاستها. من جانبه، سرد رئيس الجامعة الأردنيّة الدّكتور نذير عبيدات قصّته مع ألبرت بطرس، بالقول "بعد عودتي بسنة، أكثر أو أقلّ، من سيدني في أستراليا، وكنت في بداية عملي بكلية الطّبّ ومستشفى الجامعة، تلقيت رسالةً تطلب منّي استشارةً لعلاج أستاذٍ متميّزٍ، اسمه ألبرتْ بطرس، التقيته فكان مختلفًا صاحب فكرٍ وفلسفةٍ، مريحًا رغم الهيبة والقوة، ومنذ ذلك اليوم أحسست بأنّ ألبرت بطرس أستاذٌ من طراز مختلف، رجل حكيم؛ المريض الذي يعرف ماذا يريد من طبيبه، وما عليه من واجبٍ تجاه نفسه والآخرين".
وأكّد عبيدات أن ألبرت سجّل موقفه الذي يتغنّى به كلّ أهل العلم والمعرفة حين عرضت جامعة كولومبيا عليه أن يكون أستاذًا فيها، فقال: "سأختار الجامعة الأردنيّة، وسأنحاز إليها برغم كلّ المغريات"، مضيفًا، على لسان بطرس، بأنّه إن لم يذهب للتّدريس في جامعة كولومبيا ربّما سيجدوا غيره، لكنّ الجامعة الأردنيّة ربما لن تجد من يسدّ مكانه فيها.
وأشار أيضًا إلى أن الفقيد أسّس قسم اللغة الانجليزية الذي أحبّه وبقي متميّزًا ليومنا هذا، يتغنّى فيه أهل الجامعة الأردنيّة كافّة، القسم الذي ما زالت قسمات وجه ألبرت تمنحه القوّة والثّقة والجمال. وأضاف أنّ الرّاحل اختار، بعد أن درس في القدس، عمّان؛ المدينة القريبة من روحه وفكره والتي أحبّها قبل أن يعيش فيها حتّى، ورغم تركه القدس حزينًا، فقد وجد الكثير من الجمال في عمّان، فمال قلبه لهذه المدينة الحانية، المليئة بالحبّ والخير والسّلام. بدورها قالت عميدة كلية اللغات الدكتورة ناهد عميش إننا نجتمع اليوم محتفين لا مؤبّنين، فالكبار الكبار لا يموتون وقد تركوا فينا ما تركوا من قيم وأخلاق ومعارف وذكرى طيبة وروحا ترفرف حول المكان.
وأضافت أن اجتماع اليوم يأتي لإحياء سنّة حميدة من سنن أم الجامعات في تكريم أساتذتها وكبارها وجيل التأسيس فيها، الذين حملوا على عاتقهم رعاية غرسٍ من غراس جلالة المغفور له الحسين طلال، طيب الله ثراه، حين أراد أن يكون للأردنيين جامعة، فكانت الأردنية، حلمه وغرسه الطيب الذي لا يزال يؤتي ثماره حتى اليوم.
وتابعت عميش أنه حتى عند انتدابه ليكون رئيسا للجمعية العلمية الملكية، ومستشارا خاصا لسمو الأمير الحسن بن طلال، وسفيرا لها لدى المملكة المتحدة، ظل البحث العلمي هاجسه الأول، فلم ينقطع عن كتابة الأبحاث والتأليف؛ لأن المعرفة قيمة لا تفنى ولا تبلى وتبقى خالدة على مرّ الأزمنة.
وألقى ممثل قسم اللغة الانجليزية الدكتور محمد شاهين كلمة استذكر فيها مسيرة الدكتور ألبرت بطرس الطويلة والمشرفة في الجامعة الأردنية، إذ كان واحدا من الأوائل الذين أخذوا على عاتقهم بناء لبناتها الأولى.
وذكر شاهين بعض إنجازات ألبرت بطرس في الجامعة، ومنها مساهمته في وضع التعليمات والأنظمة التي ما زال بعضها نافذا حتى الآن، وتأسيس عمادة البحث العلمي، وكذلك تأسيس مجلة دراسات، ووضع الأسس التي قامت عليها كلية الدراسات العليا، وغيرها من المشاريع التنموية النهضوية.
ونيابة عن أهل الفقيد، ألقى بكر الحياري كلمة عدّد فيها مناقب الراحل الذي أفنى حياته في العلم والتعليم وخدمته.
وتخلّل حفلُ التأبين الذي حضره رئيس مجلس أمناء الجامعة الأردنية الدكتور عدنان بدران، ونواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات وأهل الفقيد ومحبّوه، عرضَ فيديو عن الفقيد الراحل أُنتج بالتعاون مع وحدة الإعلام والعلاقات العامة والإذاعة.
وفي ختام الحفل، سلّم رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات درع الجامعة ولوحة فنية من مرسم الجامعة لابنتي الرّاحل نهاد ورغدة بطرس.
--(بترا)