مقالات مختارة

المقالة الجامعة / الحلقة الاولى

{clean_title}
الأنباط -
المقالة الجامعة / الحلقة الاولى 
                سوف استعير جملة ( في فمي ماء )  والتي وردت على لسان دولة رئيس الوزراء الاسبق ، رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية دولة السيد سمير الرفاعي ، واعدل عليها لتصبح ( ان فمي مليئ بالماء ) . ولكثرة الاحداث التي وقعت خلال الشهرين الماضيين ، ولما اثارته هذه الاحداث  من ردود افعال متناقضة ، فقد آثرت الصمت والاكتفاء بمراقبة الاحدات . وعندما عجزت عن متابعة الصمت وكدت اختنق بما في فمي من ماء ، قررت تفريغ بعض ما فيه بمقالة اخترت لها عنوان ( المقالة الجامعة )  وفي ظني انها ستجمع كل ما اود ان اقوله . ولكنها طالت كثيراً ، مما جعلني اقسمها الى حلقات تجاوزت العشر .
          — وستكون البداية عن الحكومة التي لا زالت تعيش خارج نطاق التغطية وفي برجها العاجي ، لا نعرف ماذا فعلت وماذا تفعل ، وهي لا تريد ان تقول لنا ماذا فعلت وماذا تفعل  . قد تكون فعلت وقد تكون تفعل  ، ولكننا نريد منها ان تحدثنا عن ما فعلت وعن ما تفعل ، وان تدافع عن ما فعلت وعن ما تفعل  ، لعل ذلك يجعلنا ندافع عن ما فعلت و عن ما تفعل  .
       — الكورونا ما زالت تلعب في ملعبنا بحرية ، مابين قرارات حكومية وعدم التزام شعبي وتبادل الاتهامات بين الطرفين . الحكومة تصدر تعليمات مشددة لمنع انتشار الوباء ، ثم تصدر تعليمات بالسماح لانشطة تنشر الوباء  . تطلب من المواطنين الالتزام بالتعليمات وهي تقوم بخرقها . تبرر السماح للحفلات الفنية لتشجيع السياحة ، ثم تتخذ قرارات تقتل السياحة . تسمح باقامة الاعراس في الفنادق والقاعات ثم تقضي عليها بشروط تعجيزية . العديد من الدول الاجنبية منعت الاحتفالات ليلة عيد الميلاد و ليلة رأس السنة ، وفرضت الاغلاق اعتبارا من منتصف الليل في حينها ، وحكومتنا سمحت في اقامتها .
        — المواطنين يطالبون الحكومة باتخاذ اشد الإجراءات للحد من انتشار الوباء ، وبنفس الوقت يطالبونها بتخفيف القيود التي تحد من تجمعاتهم وتقيد حركتهم . يرفض الكثير منهم اخذ اللقاحات بحجة الحرية الشخصية ٠ فيما هم يرتكبون جريمة بحق انفسهم وبحق غيرهم ، مما جعل مجتمعنا بيئة رحبة لانتشار هذا الوباء . السلالة الجديدة من الوباء انتشرت في معظم دول العالم وبارقام قياسية ، وظهور بعض الحالات في الاردن وزيادة انتشارها تقصير حكومي . لا خلاف على ذلك ولكن اين دور المواطن .
        — تم توقيع اتفاقية وادي عربة بما فيها من سلبيات باعتبارها ضرورة  لا بد من اتخاذها في حينها . و قبلنا بالتعامل الحكومي الرسمي معها  ، ورفضنا  التطبيع الشعبي بموجبها ، وان فعل القلة ذلك . وقّعت الحكومة اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني ، بعد ان قام المجاهدون في سيناء بمنع وصول الغاز المصري الينا ، وبعد ان تخلى عنا الاشقاء العرب الذين يملكون الغاز ولم يفوا بوعودهم بتزويدنا به . مما ترتب عليه تراكم مليارات الدولارات علينا كديون . تم الاعلان عن اتفاق نوايا بيننا وبين هذا الكيان بتمويل اماراتي ورعاية امريكية ، لتزويدهم بالطاقة الكهربائية الشمسية المستخرجة من اراضينا ، مقابل قيامهم بتزويدنا بالمياه المحلاة من قبلهم . وذلك بعد ان تخلى العالم عن دعم مشاريعنا المائية بما فيه العالم العربي . والذي احدى دوله تسرق مياهنا وتمنع وصولها الينا . نحن كشعب اردني رفضنا ونرفض رهن مصادرنا من الطاقة والمياه والغذاء لدى غيرنا حتى لو كان  شقيق عربي ، فكيف من دولة الاحتلال . لأن ذلك يعني رهن قرارنا السياسي لديها ،  وخاصة مع ترافق ذلك مع الانبطاح التطبيعي الابراهيمي . نرفع شعار تموت الحرة ولا تأكل بثدييها ، ولكن هل نحن فعلاً على قدر تحمل نتيجة نتيجة هذا الشعار ؟ 
           — ننادي دائما بجلب الاستثمارات الخارجية وتذليل العقبات امامها ، وعندما يتم ذلك نصرخ ونقول تم بيع مقدرات الوطن ، وتنشر سيناريوهات وبنود غير مقبولة وغير معقولة يقال انها وردت في هذه الاتفاقيات كما حدث مؤخراً عند الاعلان عن الاستثمارات الاماراتية في العقبة . والحكومة تلوذ بالصمت ، لا هي تنفي ولا تؤكد ولا توضح  . 
    مصر وعندما ارادت استثمار شرم الشيخ ، باعت اراضيها لشركات استثمارية اجنبية  بنصف جنيه للفدان . وكانت النتيجة استدراج الكثير من الاستثمارات فيها وفي مناطق من سيناء  درت على مصر مبالغ طائلة ، بالاضافة لفرص عمل لمئات الالوف من المصريين . وبقيت الاراض وما استثمر عليها في مصر ، ولم يقل احد لقد تم بيع مقدرات الوطن . 
              في بداية النهضة في الامارات بعد اكتشاف البترول حضرت الكثير من الشركات الاجنبية والخبراء والعاملين الاجانب اليها ، وقد سمح لهم المرحوم الشيخ زايد بتملك الاراضي والعقارات . احتج على ذلك بعض شيوخها ، وكان رد الشيخ زايد عليهم على طريقة سقراط ، هل سوف يأخذون هذه الاراضي وهذه العقارات معهم عندما يغادرون الى بلادهم ؟
             الاستثمار ليس عملاً خيرياً ، فمن يستثمر يسعى للربح . ويجب ان نقدم له ما يغريه للقدوم والاستثمار  . المهم كيف نكون نحن اكبر الرابحين في النهاية .
   — يأخذ البعض على بعض كبار مسؤولينا السابقين بأنهم لاذوا بالصمت بعد تركهم المسؤولية ، وتم اتهامهم بأنهم لم يدافعوا عن الوطن والنظام كما يجب ، او انهم في صمتهم يحافظون على فرصة عودتهم من جديد .  وعندما خرج البعض منهم ليتحدث بعد ان تقاذفتنا الامواج ، تم التهجم عليهم لانهم تحدثوا ، وهم في حديثهم لو بقوا على صمتهم لكان افضل لهم  ولنا ، حيث لم يرضوا ولم يقنعوا . وحاول بعض مسؤولينا السابقين نفض الغبار عنهم واعادة تلميع انفسهم ، ولكن لم ينالنا منهم الا الغبار الذي ملأ لنا العيون والانوف . لعب بعضهم دور البطولة في اظهار عجز وضعف من حلوا محلهم  ، في حين انهم كانوا اكثر عجزا منهم . احدهم وعندما اتى زمان غير زمانه ، اخذنا الى اعمق اعماق الارض وبشرنا بمياه تكفينا لآلاف السنين . ولكن يعيبها انها  في حالة غليان ، وانها قد تكون غير صالحة للاستهلاك البشري لاحتوائها على مواد اشعاعية وكيماوية سامة . وآخر اشبعنا تغريدات وتصريحات في كيفية انقاذنا من الوباء والبلاء لدرجة اصبحت اتمنى على دولة الرئيس اعادته للواجهة ليس لينقذنا ، بل لننقذ انفسنا من تغريداته وتصريحاته .
  — بعض اعلامنا الرسمي والخاص  ساهم في رسم انطباع اقليمي ودولي بأن الاردن بيئة طاردة للاستثمار ، وذلك من خلال الحديث عن فساد وعجز حكومي ، ومن خلال المبالغة في ذلك . او من خلال نشر  الاشاعات التي تسيئ للأردن ولا تشجع على الاستثمار فيه . وكأني اجد ان بعض ابناء هذا الوطن هم اكثر اعدائه والساعين لتلطيخ سمعته .
    — نروج لجعل الاردن مقصدا للسياحة العلاجية ، وبعض اطبائنا وبعض مستشفياتنا وجدوا بذلك تجارة ومصدر رزق وفير وبالغوا في الفواتير ، مما ادى الى هروب المرضى الى دول اخرى . يضاف الى ذلك العمليات والفحوصات الغير ضرورية التي اجريت لهم ، والاخطاء الطبية التي ارتكبت بحقهم . ومن خلال نشر معلومات تسيئ الى  قطاعنا الصحي ، والتي اخذنا نتبارى في نشرها سواء اكانت صحيحة ام غير صحيحة . 
       — وكلما روجنا الاردن في مجال من المجالات ، يأتي من يخرب علينا ذلك . حتى انتاجنا الزراعى طعنا به مراراً وتكراراً ، عندما قلنا عنه انه غير صالح للاستهلاك البشري وملوث ، بدلاً من ان نعالج الحالات الفردية التي كانت موجودة . مما ادى الى اغلاق اسواق العالم امام منتوجاتنا الزراعية مرات عديدة ، مما تسبب بخسائر جسمية لمزارعينا واقتصادنا ، والمشكلة اننا جعلنا من بعض من فعل ذلك ابطالاً مخلدين تتغنى بما فعلوه حتى اليوم .
      يتبع في الحلقة الثانية 
    مروان العمد 
    ٢٦ / ١ / ٢٠٢٢
   ملاحظة / جميع ما ورد في هذه الحلقة ، وسيرد في بقية حلقات مقالتي هذه  يمثلني انا ، ويعبر عن رأيي الشخصي . واحترم رأي ووجهة نظر كل من يخالفني في ذلك .
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )