الأنباط -
يقاس الاداء بالانجاز ويتم تقييم النتائج على ضوءه ، والاهم هل هذه النتائج تحاكي واقع الحال أم أنها تجميل لصورة لا معنى لها. فكثيرا ما نسمع تصريحات من هنا وتحلايلات من هناك وتكاد في بعضها إستعراضات ولكن هل نزلنا الى الشارع أولا لنرى ما يحدث ؟ هل نظرنا من حولنا لنعرف أين وصلنا ؟ هل عرفنا ماذا فقدنا أم اننا نجامل انفسنا ؟
في تقرير حديث للبنك الدولي ذكر فيه أن جائحة كورونا كان لها تأثير كبيرعلى الفئات الفقيرة والأشد فقرا في عام 2021، بدءاً بتفاوت مسارات التعافي الاقتصادي إلى عدم تكافؤ فرص الحصول على اللقاحات، ومن اتساع خسائر الدخل إلى التفاوت في التعلّم ، إذ تتسبب الجائحة في انتكاسات بمسار التنمية، والجهود الرامية إلى إنهاء الفقر المدقع والحد من عدم المساواة ، وبخلاف أزمات التضخم وسلاسل التوريد وتحديات الطاقة ، وتفاوت مسارات التعافي من الجائحة ، فيضاف إلى ذلك الخسائر العميقة في دخول الأفراد والأُسر، وموجة الركود التي ضربت حركة التجارة العالمية، مع دخول العديد من اقتصادات العالم في أزمات ديون ضخمة حيث وصلت اجمالي ديون العالم 296 تريليون $ ونسبة الديون العالمية الى الناتج المحلي الاجمالي 362% ، وأيضاً زيادة غير مسبوقة في التخلف عن التعليم . وإذا لم يتم التصدي لتحديات التغير المناخي سيعيش معظم الأشخاص الأكثر فقراً بالعالم في أوضاع تتسم بالهشاشة والصراع والعنف ، فالفقر متداخل التأثر بالأخطار المتصلة بالمناخ، مثل الفيضانات، والأمراض المنقولة بالحشرات، وهو ما
يجعل تغير المناخ عائقاً رئيسا أمام تخفيف حدة الفقر المدقع ، فماذا يحدث في العالم ؟
بعد كل هذا فلا زالت معظم دول العالم تتبع نفس الاسلوب التقليدي في النظرة الى الاقتصاد ، فقد أعلن الفيدرال الامريكي عن إمكانية رفع الفائدة ثلاث مرات خلال عام 2022 ، وبنك انجلترا رفع الفائدة بواقع 15 نقطة أساس وستلحقهم الكثير من الدول الاخرى ، وأتمنى أن لا تذهب معهم الاردن ، فالواقع تغير ويتوجب علينا أن نفكر بعمق أكثر ونحاكي واقعا أهم من تطبيق ممارسات ومعادلات ونظريات لم تنقض أحدا حين ضربت الجائحة العالم وفرضت الاغلاقات ، حتى حين علقت باخرة واحدة في قناة السويس لايام إنهارات منظومات كاملة في سلاسل الامداد والتزويد وللان يعاني العالم
من آثارها ونحن منهم .
تركيا والصين خرجوا عن التقليد ، فتركيا تجاهلت ضغوط التضخم وانهيار عملتها وخفضت الفائدة بواقع 100 نقطة أساس وبذلك خفضت 500 نقطة أساس منذ سبتمبر الماضي ، والصين كذلك خفضت سعر الفائدة الأساسي لقروضها لأجل عام من 3.85٪ إلى 3.8٪ . هذا يعني أن هذه الدول تعرف تماما أن الكلف الاضافية سيتأثر بها بالنتيجة معظم المواطنين وقدرتهم على العيش وقوتهم الشرائية ، فرفع سعر الفائدة سيرفع معه كل ش ْي وسيخفض قدرة المواطن على الاستهلاك وسيزيد من الاعباء المالية عليه مما سيؤثرعلى أمنه المجتمعي وهذا هو التحدي أمام العالم اليوم ، فمعدلات
البطالة تزداد وفرص التشغيل تنخفض وتهديدات المتحورات الجديدة على الساحة تضرب من كل طرف. فلا بد من صحوة اساسها العمل حتى لا نبقى نكابر ، ولنتعامل مع الواقع الذي نحن فيه ولنخلق لأنفسنا نموذجا حتى
وإن لم يتوافق ونظريات الكثير الواهمة والتي عفى عليها الزمن ، نموذجا يأخذنا لطريق الانجاز ويكفينا عن التغني بالآمال .
حمى الله الوطن قيادة وشعبا وأدام الله علينا نعمه .