محليات

تزايد لافت في جرائم العنف الاسري خلال " جائحة كورونا"

{clean_title}
الأنباط -
- سالي الصبيحات
تحولت بعض البيوت الى مكان خطير لضحايا العنف الاسري خلال جائحة كورونا ولم تكن "كورونا" سهلة بالنسبة للاردنيين ولا سيما النساء، وسجلت نسب العنف خلال الجائجة ضد المرأة ارتفاعا ملحوظا، وقالت ادارة حماية الاسرة ان نسبة ارتفاع العنف المنزلي وصلت الى 33% خلال الجائحة مع استمرار إجراءات الحجر المنزلي ونتيجة بقاء الناس داخل منازلهم لفترات طويلة، إضافة لسوء الأحوال الاقتصادية لكثيرين منهم، وما يتولد عن ذلك من ضغوط نفسية، كل ذلك أدى إلى تفاقم ظاهرة العنف الأسري.
قضايا كثيرة وقعت تحت مسمى "جرائم عنف"، ومنها جريمة نجت منها إبنة وزوجة طعنتا في حادثتين منفصلتين على يد الأب والزوج، فيما أقدم أب على قتل طفلتيه (سنتان و 3 سنوات) بواسطة اداة حادة، وطعنت (عشرينية) على يد والدها، وقتلت زوجة طعناً على يد شقيق زوجها، كما أقدم إبن (أربعيني) على قتل والدته (ثمانينية) طعناً، وأصيبت زوجة (ثلاثينية) بعدة طعنات على يد زوجها فيما طعن أبناء والدهم قبل فراره، وقتلت جامعية (21 عاماً) على يد والدها نتيجة ضربها بسلك كهربائي، وأقدم أخ على قتل شقيقته حرقاً بالكاز، وزوج يقتلع عيني زوجته أمام أطفالهما,وغيرها من جرائم وقعت منها معلنة واخرى غير معلنة .
وحول العنف الاسري، وقالت الاخصائية الاجتماعية انعام العشا من معهد "تضامن" ان اوضاع كورونا والعزلة التي افرضت وعدم اعتياد الازواج او الرجال بشكل عام على الجلوس في المنزل مما جعل الاحتكاك لحظي وبالاضافة الى طبيعة الالتزامات التي ترتبة على العائلة والاوضاع الاقتصادية الصعبة والحركة المعدومة.. كل هذه الاسباب تدفع اتجاه العنف وعدم معرفة تحويل المحنة الى منحة.
واوضحت العشا في "تضامن" كانت الخلافات الزوجية هي الاكثر لعوامل البعد الاقتصادي والضغوط النفسية التي سببتها الجائحة واضافت، ان اكثر قضايا العنف لدى الاسر التي لديها اعتلال في طبيعية العلاقات بين افرادها وفي تفاصيلها بشكل عام وغالبا الاسر السوية تكون متضامنة عند الازمات.
وبينت هناك منظمات مجتمع مدني لها اخصاصات مختلفة ومنها مؤسسات مختصة في جانب دعم النساء في الجانب القانوني ويوجد مختصة في جانب التمكين الاقتصادي اذا كانت هناك مشكلة منبثقة عن جانب اقتصادي حيث يتم تأمين مصدر دخل يساعد العائلة للحد من الضغوط عليها واذ وجدت مشاكل قانونية هناك منظمات تقدم دعم قانوني واستشارات قضائية خاصة لذوات الدخل القليل، وفي تضامن نقدم المساعدات القانونية في شقيها الاستشاري والتمثيل امام القضاء للسيدات مجانا، موضحة ان القانون عالج جميع مشاكل العنف سواء لفظي او جسدي او جنسي وبالتالي عليهم التوجه للجهات ذات العلاقة والاختصاص لكن في البداية يجب التوجه لاستشارة قانونية ثم اللجوء الى القضاء .
العشا اوضحت ان بعض وسائل الاعلام تتناول قضايا العنف بشكل موسمي في المناسبات الدولية او الوطنية ويتم المسارعة في فتح الملف او اذا حدثت جريمة قتل لامرأة وان غايتهم فقط غايات نشر اخبار وجذب القارئ والمتابع.
وقال دكتور علم الاجتماع حسين الخزاعي ان هناك اثار كثيرة على من مورس العنف الاسري في حقه ومنه ان يتسبب العنف في نشوء عقد نفسية من الممكن ان تتطور الى حالات مرضية وزيادة احتمال انتهاج هذا الشخص الذي عانى من العنف النهج ذاته الذي مورس في حقه. وهناك ايضا اثار العنف على الاسرة ومنها تفكك الروابط الاسرية وانعدام الثقة وتلاشي الاحساس بالامان وربما نصل الى درجة تلاشي اسري. وبالاضافة الى ان هناك ايضا اثار على المجتمع نظرا لكون الاسرة نواة المجتمع فاي تهديد سيوجه نحوها من خلال العنف الاسري سيقود بالنهاية الى تهديد كيان بأسره.
وبين د. خزاعي ان اهم طريقة لمعالجة العنف الاسري هي الالتزام في الحقوق والواجبات الموجودة على الاسرة والمودة والرحمة بين الزوجين وعدم الصمت عن العنف الاسري ومواجهته ووضع حلول له، مبينا انه قد تكون هناك اسباب خفية ومنها الادمان على الكحول والمخدرات ومن المهم التوعية والارشاد للمقبلين على الزواج لأهمية الحوار والتعاون والمحبة بين الازواج .
بدوره، أكد امين عام المجلس الوطني لشؤون الاسرة محمد مقدادي ان زيادة العنف الاسري يزيد من التكلفة المترتبة على الدولة وعند بدء التجربة الاردنية في حماية الاسرة عام 1997 والذي بدأ في انشاء قسم ثم توسيعه الى 17 قسم في مختلف المحافظات ولو نظرنا الى ادارتها واقسامها فقط نرى التكلفة وهذا على مستوى مؤسسة واحدة متمثلة في مديرية الامن العام كإدارة حماية الاسرة وما يتبع هذه الخدمة من اجتماعيين واطباء شرعيين واخصائيين نفسيين هذا من جانب حكومي.
وايضا من دور الرعاية المتعلقة سواء بالنساء او الاطفال المعنفين وكلما زاد العنف زاد الطلب على هذه الخدمة كما وان مؤسسات المجتمع المدني دائمة البحث عن التمويل لغايات التعامل مع قضايا العنف الاسري من حيث الوقاية او من حيث التدخل (اعادة التأهيل)ولو لم يكون عنف اسري لاستغلت هذه الاموال والوقت لغايات تنموية افضل .
واضاف ان قانون العقوبات من القوانين الجيدة التي تعاقب كل مرتكب جريمة سواء جناية او جنحة وبغض النظر اذا كانت داخل الاطار الاسري او خارجه وبالتالي فان قانون العقوبات متشدد في الجنح، والجنايات في قضية تتعلق في اسقاط الحق الشخصي عندما تكون بعض هذه المخالفات ترتكب من داخل الاسرة ولكن لا يعني ان لا يكون هنالك عقوبة, واكثر تحديدا قانون الحماية من العنف الاسري الذي صدر عام 2017 غايته اصلاحية وتسوية للنزاعات لكثير من اشكال العنف التي تحدث داخل الاسرة .
وقال مقدادي ان تشريعات الدول الغربية المتقدمة متطورة في معالجة قضايا العنف المنزلي مقارنة مع التشريعات الاردنية خاصة فيما يتعلق بالخدمات والايواء وتوفير الحماية ومافي ذلك. مبينا ان القوانين لم تساهم  في الحد من العنف هناك ارقام كبيرة للعنف الذي يمارس في المنزل خصوصا ضد النساء والاطفال وهم اكثر الضحايا تعرضا للعنف.
وبين ان التشريعات والاجراءات الوطنية جيدة جدا لكننا بحاجة الى التنبه لتطبيق تلك القوانين والسياسات والاجراءات المعتمدة والكوادر بحاجة الى تدريب مستمر وكوادر مقدمي الخدمة بحاجة لتغيير اتجاهاتهم لنشكل لديهم اتجاهات ايجابية نحو الضحايا او الناجيين والناجيات من العنف الاسري وتوفير البنية التحتية لمقدمي الخدمة والعدد المناسب منهم وزيادة انتشار الخدمة في مختلف محافظات المملكة .
ولدينا في الاردن منظومة الحماية من العنف الاسري متمثلة في ادارة حماية الاسرة والتي تتبع للامن العام ولدينا الباحثيين الاجتماعيين التابعين لوزارة التنمية الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني والاخصائيين النفسيين والاطباء الشرعيين المتواجدين في مكان واحد لتقديم هذه الخدمة كما ان العديد من مؤسسات المجتمع المدني تلعب دورا مهما في التعامل مع قضايا العنف الاسري من النواحي الارشادية والعلاجية والايوائية واضافة الى المؤسسات الحكومية التي تتعامل مع العنف الاسري
واشار الى ان القضايا التي نراها على مواقع التواصل الاجتماعي تمثل جزء من الواقع وتمثل قضايا متواجدة وممارسات موجودة في المجتمع مبينا ان ان قضايا الرأي العام تثار عندما تكون جريمة قتل وقعت داخل المحيط الاسري، لكن الكثير من القضايا تحدث في الاسر ولا تصل الى حد القتل، موضحا ان هنالك تخوف من التبليغ من الافراد ممن يتعرضوا للعنف او المحيط المقرب للحالة ونحن بحاجة لتشجيع الناس بأن يقوموا بالتبليغ لادارة حماية الاسرة للحد من هذا العنف وان السكوت عن العنف والتمادي به يؤدي الى حالات قتل فالتبليغ بوقت مبكر جيد يعمل على وقاية من حدوث جرائم .
بدوره، اوضح المحامي الدكتور محمد بشير عربيات أن قضايا العنف الأسري من المسائل المنتشرة في العديد من الدول وهي من المسائل التي تنبه إليها المشرع الأردني من خلال تنظيم قانون الحماية من العنف الأسري رقم ١٥ لسنة ٢٠١٧ والذي استحدث نصوصا قانونية من شأنها حماية المعتدى عليه بما يكفل لهؤلاء الحماية القانونية التي تتلاءم مع ظروف الاعتداء. فقد كفل القانون وأوجب على إدارة حماية الأسرة توفير مكان آمن إذا اقتضت الضرورة وبالتنسيق مع وزارة التنمية الاجتماعية.
كما أوجب القانون على كل من مقدمي الخدمات الصحية أو التعليمية أو الاجتماعية في القطاعين العام والخاص التبليغ عن أي حالة عنف أسري واقعة على فاقد الأهلية أو ناقصها حال علمه أو إبلاغه، وبخلاف ذلك فإن من شأنه تعريض كل هؤلاء إلى العقوبة بالحبس مدة لا تزيد على أسبوع أو بغرامة لا تتجاوز خمسين دينارا أو بكلتا هاتين العقوبتين وذلك في المادة ٤ من القانون المذكور.
كما أن القانون أوجب على إدارة حماية الأسرة الاستجابة لكل شكوى بالسرعة القصوى واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها. كما أن القانون المذكور رسم آلية التعاون فيما بين المحاكم الشرعية وإدارة حماية الأسرة في بعض الأمور التي تتطلب ذلك.
كما قرر القانون المذكور الجزاءات المترتبة على من يرتكب مثل هذه الجرائم ومنها ما يضمن عدم التعرض للمتضرر أو حتى الاقتراب من المكان الذي يقيم فيه أو أي من أفراد الأسرة بالإضافة إلى حبس المعتدي والتي تختلف المدة فيها باختلاف الفعل المرتكب وقرر أيضا تغليظ العقوبة في حالة التكرار

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )