الأنباط -
بعد إنتهاء الإنتخابات النيابية وذهاب النواب تحت القبة لغايات تمثيل الشعب وبعد خطاب العرش السامي تبدأ العلاقة البينية بين النواب والوزراء تتبلور وعلى المحك بتنامي درجة العمل بينهما؛ فالأصل في هذه العلاقة أن تنبثق بمهنية عالية وإحترام متبادل ولها آليات مختلفة وفق بروتوكول التعامل بينهم؛ والأصل أن يكون دور النائب للتشريع والرقابة والمساءلة؛ بيد أن الواقع يقول أن العلاقة بين النائب والوزير في معظمها قوائم مشتركة وعلاقة بينية وتقاطعات لمنافع كل منهما؛ فالنائب يحتاج لخدمات لمنطقته الإنتخابية وقواعده الشعبية وناخبيه؛ بيد أن الوزير بحاجة لرضى النائب أيام الثقة والموازنة تحديداً؛ مما يجعل العلاقة البينية بينهما مبنية على مصالح مشتركة بالطبع دونما تأثير على دستىوريتها:
١. الوزير يمثل السلطة التنفيذية التي تمتلك زمام أمور إدارة العمل وتنفيذه في الحكومة وفق إستراتيجيات عمل وخطط تنفيذية لبيان وزاري معلن للشعب ومجلس الأمة بشقية الأعيان والنواب؛ بيد أن النائب جزء من السلطة التشريعية ويسعى للمشاركة بالتشريع ومساءلة الحكومة والرقابة عليها من خلال الأسئلة والإستجواب وحتى يحجب الثقة عن وزير بعينه أو الحكومة وفق العلاقة البينية بينهم.
٢. العلاقة بين الحكومة والبرلمان منضبطة بإيقاع الدستور ومبدأ فصل السلطات؛ فلا تتغوّل هبة على الأخرى لأن ذلك يخرق الدستور ويشكّل مخالفة صريحة له؛ فلا يجوز للحكومة أن تنبري بقرارات تعسفية أو فيها تطرّف دون مساءلة البرلمان لها؛ وفِي ذات الوقت لا يجوز للنواب التدخّل في قرارات الحكومة إِلَّا إذا كانت الصالح العام وليس للمصالح الشخصية.
٣. شيء طبيعي أن يُحاسَب الوزراء أمام البرلمان عن أخطائهم وإخفاقاتهم وتجاوزاتهم أو فسادهم في حال وجودها، لكن ليس مقبولاً البتة الإنتقام الشخصي والإتهام الجزاف وتضارب المصالح، فحرية التعبير مصانة لدى النواب ولكن ليس للتمادي على الوزراء أو الدخول في أمورهم الشخصية وحياتهم الخاصة.
٤. التأسيس للعمل التشريعي الحقيقي يقتضي أن يكون النائب ممثلاً للشعب وليس مجاملاً للحكومات؛ وفِي ذات الوقت يكون الوزير سادناً وخادماً للشعب ومسؤولاً في ذات الوقت أمام البرلمان من حيث المساءلة والرقابة على عمله؛ بعيداً عن العلاقات المتطرفة بين الوزير والنائب؛ ولذلك الأصل في تلك العلاقة أن تتنامى بإضطراد لتكون متناغمة ومتكاملة وتشاركية لتعظيم الإنتاج وتشريع القوانين للصالح العام .
٥. أي علاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية تحكمها جملة من المصالح الشخصية والمصالح المتبادلة والمنافع ستنعكس حتماً سلباً على الوطن والمواطن وخصوصاً محدود الدخل؛ ولذلك فالعلاقات البينية بين الحكومة ومجلس النواب واجب أن تكون تشاركية وتكاملية لضبط إيقاع المنتج التشريعي ليكون فعالاً ومتميزاً.
٦. بعض الحكومات تنشىء وزارة خاصة بالعمل البرلماني بحيث لا تصل رسالة لأي وزير من نائب سوى عّن طريق وزير الدولة للشؤون البرلمانية؛ وفِي ذلك تنظيم للعمل وبحيث لا يقوم النواب بمراجعة الوزراء في مكاتبهم سوى للضرورة لأن في ذلك تعليق للعمل وتضييع للوقت؛ وأثبتت هذه الآلية جدواها في كثير من الحكومات.
٧. مطلوب علاقة يضبطها الدستور بين النائب والوزير بحيث لا يتغول أحدهما على الآخر؛ ولا تتدخل فيها المصالح أو إغتيال الشخصيات؛ ولا تتطلب أن يحاسب النائب الوزير في الصباح ويمرر الأخطاء له بعدئذ على أمل أن يطلب بعض الخدمات لناخبيه بالمساء؛ وبالتالي فالمواطن هو الحلقة الحساسة بين الوزير والنائب.
بصراحة: العلاقة بين الوزير والنائب ليست للمصالح الشخصية بقدر ما هي خدمة للوطن والمواطن وبشفافية لغايات التشريع والرقابة والمساءلة؛ فمطلوب ضبط إيقاع هذه العلاقة وفق الدستور لتكون التشاركية والتكاملية عنوانها لا التخندق أو المناكفة أو الأنانية؛ فالوطن بحاجة لرجال مخلصين رقابهم عليه ليصب ذلك في الجهود المضنية التي يقودها جلالة الملك بإقتدار.
صباح الوطن الجميل