الأنباط -
حشدت وزارة الصحة أمس كل طاقاتها في سبيل تبرئة نفسها من التقصير الذي يلمسه كل الأردنيون في التعامل مع وباء كورونا، وضعف الامكانيات الصحية من كوادر طبية وتمريضية وعدم قدرت فرق التقصي على مجاراة الزيادة المضطردة في الاصابات بالفيروس أو عند المخالطين للمصابين.
بدأت الوزارة صباح أمس باصدار بيان تستعرض فيه امكانياتها من أعداد فرق التقصي، والكوادر الصحية، والتجهيزات الطبية، واختتمت يوما بمؤتمر صحفي استفاض فيه وزير الصحة شرحا، حتى شعرنا بأننا دولة تفوق امكانياتها الجميع.
ما تحدث به وزير الصحة نرجو أن يكون واقعا وحقيقة، فلا يهمنا سوى أن نشعر بالأمان الصحي، وأن تكون مستشفياتنا قادرة على التعامل مع كورونا، وأعداد الاصابات، ولا أحد يتمنى لدولته إلا هذا التفوق والتميز، لكن قبل الاقتناع بما يقوله الدكتور سعد جابر عليه ان يجيب على أسئلة عديدة، منها لماذا هناك تقصير في علاج مرضى من غير المصابين في كورونا.
أضف إلى ذلك، لماذا باتت صروحنا الطبية تتأخر في إعلان نتائج فحوصات الفيروس، كما تتأخر في تلبية نداء الراغبين بإجراء الفحص من المخالطين ومخالطي المخالطين، ولماذا تم تخفيض سعر إجراء الفحص في المراكز الطبية الخاصة من 45 إلى 35 دينارا، ومع أنها خطوة مهمة من شأنها أن تنقذ المواطنين من طابور الانتظار ونشر العدوة، إلا أن في ذلك رسالة لا شك أنها واضحة مفادها تحفيز الناس على التوجه إلى هذه المراكز لإجراء الفحص، بدلا من القطاع العام الذي يواجه ضغطا غير مسبوقا بذلك.
لا أريد التشكيك، حتى لا يسجل علي بأنني من دعاة السلبية وبث روح الانهزامية في المجتمع، لكن التجربة تثبت أن ما يقال ليس هو ذاته الموجود على أرض الواقع، ومنذ نحو أشهر ثلاثة لم نلمس تطبيق فعلي لشعارات الحكومة في كافة القطاعات الصحية والاقتصادية والاجتماعية، حتى بات التوهان يسيطر على المواطن الأردني ويذهب به بعيدا عن الأمل بغد أفضل له ولأولاده.
لا نريد الحديث أكثر في هذا الاتجاه، فالحكومة اليوم ما هي إلا لتصريف الأعمال، وبقائها مرتبط بأيام معدودة، لكن إذ نرجو أن تكون الحكومة القادمة أكثر اتزانا وعلما ونفعا ودراية ببواطن الأمور، وفوق كل ذلك أكثر شفافية مع الناس الذين باتوا اليوم لا يأبهون لتصريحات فضفاضة لا تسمن ولا تغني من جوع.
على الحكومة القادمة مهما كان رئيسها أو فريقها الوزاري، أن تتعظ جيدا من الأخطاء الكثيرة التي ارتكبتها حكومة الرزاز طيلة أكثر من عامين، خصوصا وأن البلد لا تحتمل مزيد من الاجتهادات غير القائمة على علم ودراسة واستراتيجية، وقرارات استعراضية ومتسرعة ولا تأتي بجديد على كافة الأصعدة.