صدر مؤخراً كُتيّب يشتمل على ورقة سياسات أعدها مركز القدس للدراسات السياسية بعنوان "سيناريوهات إجراء الانتخابات النيابية في ظل جائحة كورونا والجدل الوطني بشأن حل مجلس النواب".
وتوقفت الورقة أمام حقيقة أن موضوع حل مجلس النواب كاستحقاق انتخابي أثار وما زال يثير جدلاً وطنياً واسعاً.
وفي غياب النص الصريح دستورياً على وجوب حل مجلس النواب كمقدمة لإجراء الانتخابات، تراوحت أبرز الاجتهادات الداعية لحل المجلس، بين اعتبار أن حل 15 مجلسُا من أصل 17 مجلسا منذ عام 1947، يرتقي إلى مرتبة العرف الدستوري، وبين اجتهاد يرى أننا أمام سيناريوهين فقط، فإما التمديد من سنة إلى سنتين أو حل المجلس، ويعتبر أن حل المجلس في هذه الحالة مسألة وجوبية
وحاججت ورقة السياسات ضد سيناريو حل المجلس، والذي يستند إلى مقولة "العرف الدستوري" من منطلق أن حل معظم مجالس النواب كان يتم لأسباب سياسية إقليمية أو سلطوية، وعلى مسافة بعيدة جداً من موعد الاستحقاق الانتخابي، وبالتالي لم يكن جزءاً من عملية التحضير للانتخابات، ولا يجب بالتالي التعامل معه على هذا الأساس. ومن أمثلة ذلك أن ثمانية من مجالس النواب لم تُكمل ثلاث سنوات من عمرها، ونصفها (أي أربعة مجالس) لم تكمل سنتين من عمرها. كما أن أحد المجالس أكمل مدته الدستورية، هو المجلس الخامس المنتخب في 21/10/1956، وقد تم التمديد له أيضًا لمدة عام، وأجريت انتخاباته دون أن يتعرض للحل.
كما حاججت الورقة ضد مقولة "الحل الوجوبي" لمجلس النواب من منطلق أن تفسير النص من الزاوية اللغوية لا يحتمل التعامل مع حل المجلس كمسألة وجوبية. وتختم الورقة بعدد من التوصيات أبرزها إجراء انتخابات مجلس النواب التاسع عشر في أقرب وقت يسمح به الوضع الوبائي في المملكة، وعدم اللجوء إلى تأخير هذا الاستحقاق الدستوري إلا إذا كان ذلك في خدمة إصدار قانون جديد للانتخابات يأخذ بمبدأ القائمة الوطنية النسبية لنصف مقاعد المجلس النيابي.
وأشارت الورقة إلى أن الظروف والتحديات الداخلية والخارجية التي يمر بها الأردن تحتاج إلى حاجة البلاد إلى مجلس نواب قوي، وحكومة قوية. وفي هذا الإطار، دعت الورقة، إلى أن تشرع الحكومة فوراً بعقد مؤتمر للحوار الوطني لإصلاح قانوني الانتخاب والأحزاب ونظام التمويل للأحزاب.
وشدّدت الورقة على أنه ما دام أن البلاد مقبلة على الانتخابات مجلس النواب، فإن الحكومة مطالبة بضمان حالة متقدمة من الانفراج السياسي، تُوسّع هامش الحريات العامة، وحريات الرأي والتعبير والنشاط، وبخاصة للأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، آخذين بالاعتبار أن الحكومة قد نجحت باستعادة شيء من ثقة المواطنين بتعاملها المتقدم في مكافحة جائحة كورونا، وبالتالي، فإنها مدعوة لتعزيز هذه الثقة. وحصر استخدامها لقانون الدفاع في أضيق نطاق في حدود مجابهة جائحة كورونا وتداعيات التصدي لها اقتصادياً واجتماعياً.
وبيّنت ورقة السياسات التي أُعدّت في شهر تموز الماضي أنه بات متعذراً آنذاك إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري، أي خلال الأشهر الأربعة التي سبقت انتهاء مدة ولاية مجلس النواب الثامن عشر الحالي. لكن بما أنه لم يصدر الأمر الملكي بإجراء الانتخابات ضمن الفترة الدستورية المشار إليها، فإن الأردن أصبح أمام ثلاثة سيناريوهات لإجرائها بالاستناد إلى أحكام الدستور، أولها "تمديد ولاية مجلس النواب من سنة إلى سنتين"، وهو تمديد تتيحه الفقرة الأولى من المادة (68).
ويتمثل السيناريو الثاني في "التمديد الضمني لولاية مجلس النواب"، وهذا ما تتيحه الفقرة الثانية من المادة (68)، وفحواها أنه إذا لم يكن الانتخاب قد تم عند انتهاء مدة مجلس النواب أو نأخر بسبب من الأسباب يبقى المجلس قائمًا حتى يتم انتخاب المجلس الجديد. أما السيناريو الثالث، فهو "حل مجلس النواب والتحضير الفوري لإجراء الانتخابات النيابية القادمة".