أكثر من عشرين يوما مرّ على إعلان الحكومة العمل بقانون الدفاع لمواجهة فيروس كورونا، إلا أنه ورغم ضرورته، لا يمكن استمرار العمل به بعد زال الأزمة، لأثره على عجلة الانتاج التي توقفت في عديد القطاعات الاقتصادية.
الأردن، تبدو أنها الدولة الأسرع في إعلان شفائها من المرض، بما اتخذته من إجراءات استباقية، وبما تظهره أرقام الإصابات من تناقص مع ارتفاع أرقام حالات الشفاء، وهو ما يدعو إلى التفكير العميق في اليوم التالي لإعلان الشفاء التام من فيروس كورونا، بما يسمح التفرغ لمعالجة ما أصاب الاقتصاد من مرض باتجاه إيجاد العلاج الناجع سريع الفاعلية.
أخطر ما في الأزمة، عالميا بالمناسبة، أنها ستترك ندوبا كبيرة على قوائم الفقر والبطالة، وهي الأرقام التي ستشكل التحدي الأكبر لدولة مثل الأردن كافحت قبل الأزمة للتخفيف منها عبر مشاريع التوظيف والتشغيل الذاتي وعبر ايجاد بيئة استثمارية تسمح برفع مستوى النمو.
التفكير في اليوم التالي لإعلان الشفاء التام من فيروس كورونا يجب أن يكون ضمن مخطط واقعي قابل للتطبيق، حتى لا يكون مجرد كلام في الهواء سرعان ما تنكشف عدم فاعليته ما قد يدخل الأردنيين مرة أخرى في حالة انعدام الثقة بقدرة الحكومة على إيجاد الحلول الناجعة والقابلة للتطبيق.
ذلك إن كان لأزمة كورونا من إيجابية على الواقع الأردني فإنها في حالة الثقة بالحكومة وأجهزتها بما اتخذته من إجراءات لحماية الصحة العامة والمجتمع من الوصول إلى مرحلة الانهيار سواء الصحي أو حتى الاقتصادي.
هذه الثقة يجب أن تستثمرها الحكومة خلال المرحلة المقبلة، بإثبات قدرتها على التخطيط الواقعي وإيجاد حلول تساهم في التخفيف من أثر الأزمة على الأردنيين وتحديدا أولئك الذين يعملون بالقطاع الخاص المنظم وغير المنظم باعتبارهم متضررين مباشرين من الأزمة.
قانون الدفاع رقم 6 تحديدا، وإن جاء في ظرف استثنائي، إلا أنه لا يمكن استمرار العمل به طويلا بعد انتهاء الأزمة لعدم كفاءته في تنظيم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، وهو ما يدعو الحكومة إلى ضرورة التفكير السريع باتجاه ضرورة تطوير قانون العمل ذاته عبر إيجاد حالة التوازن المطلوبة بين مصالح أصحاب العمل والعمال.
هذا فضلا عن أن الحاجة ستكون ماسة باتجاه تنظيم بعض المهن عبر "أردنتها"، بما يسمح للأردنيين العمل بها ضمن ظروف إنسانية تمكنهم من الشعور بجدواها، مثل مهنة "حراسة العمارات"، و"غسل السيارات"، والإنشاءات والزراعة، وغير ذلك الكثير من المهن.
بل إن الحاجة باتت ماسة في ضرورة التفكير في شكل الاقتصاد الأردني، باتجاه تعزيز مقدرته الانتاجية سواء ما تعلق بالزراعة والتصنيع الغذائي، أو بغير ذلك من صناعات خفيفة وتحويلة، وهو ما يستدعي تحفيزا من نوع آخر يجعل منها أكثر جدوى وقدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية من حيث السعر والجودة.
لذا، فإن اليوم التالي لإعلان انتهاء أزمة كورونا ربما يكون أصعب من الأزمة ذاتها، وهو ما يتطلب قدرة على التخطيط الإبداعي لكيفة تفكيك تداعياتها على الاقتصاد، لكن دون أن يكون ذلك على حساب المواطن عبر استسهال الحلول بفرض زيادة على الأسعار والرسوم أو مزيد من الضرائب، لأن ذلك سيكون تأثيره أكثر سلبية من تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد والناس.
هذا المقال تناول الجانب الاقتصادي، وسنتناول غدا في الجزء الثاني الجانب السياسي الذي لا بد من التفكير فيه، باعتبار أن أزمة كورونا فاصلة لما كان قبلها وما يجب أن يكون بعدها.