كتّاب الأنباط

قطر والاردن .. ثنائية التشابه والاشتباك

{clean_title}
الأنباط -

بهدوء

عمر كلاب

ما بين قطر والاردن اكثر من تشابه واشتباك , فرغم صُغر الجغرافيا الطبيعية الا ان البلدين نجحا في الاشتباك مع القضايا الكبرى وحازا على دور في المساحة السياسية يفوق مساحة الجغرافيا , فالاردن على اشتباك دائم مع القضية الفلسطينية بوصفها قضية داخلية وقطر نجحت بالاشتباك معها ايضا ولكن من حيث ابتعد الاردن , واقصد بالجفاء الاردني مع حركة حماس والاقتراب القطري حد التحالف مع الحركة .

بالعادة لا تنجح الدول الصغرى مساحة , في اثبات الحضور الا من خلال الاشتباك مع القضايا الكبرى وحصد تحالفات اقليمية ودولية تفيض عن حاجة الجغرافيا , وهذا ما فعلته قطر منذ اشتباكها مع الاقليم عبر قناة الجزيرة التي كانت عنوان الاشتباك والتشابك , وهذا ما فرضته القضية الفلسطينية على الاردن ايضا منذ النشأة , فلا مناص ولا خلاص , فنجحت الدولتان في تحقيق هدف الاشتباك لكن بأثمان تأخرت على قطر ودفعها الاردن مبكرا .

جَور الجيرة , او غيرة الجار الاكبر , هي المعاناة الابرز للاردن وقطر على السواء , فالجيرة فرضت على الاردن حصارا يتقلص احيانا ويتمدد احايين , فالاردن بمنفذ واحد ونصف رئة طوال عقود , فهو اما بخير مع دمشق وجفاء مع بغداد او العكس , وحدوده الاربع لم تكن سلسة ومشرعة على مدى عقود طويلة , فهو يدفع ثمن الشقاق والانشقاق بين العاصمتين البعثيتين , ومؤخرا دفع ثمن الخلاف بين قطر وباقي العواصم الخليجية .

اليوم , هناك لقاء اردني – قطري على مستوى القمة , وسط ظروف متشابكة ومتشابهة , فقطر تعاني من حصار الاشقاء والاردن كذلك , مع فوارق طفيفة , فالحصار على الاردن فرضت نصفه ظروف داخلية لعواصم الجوار وفرضت نصفه قوى اقليمية ودولية بالاتجاهين , والحصار على قطر فرضت نصفه ظروف ذاتية لعواصم خليجية وفرضت نصفه الآخر القوى الدولية المستفيدة من الحصار والازمة بشكل عام بعد ارتفاع اسعار النفط والغاز .

والسؤال هل ستنجح القمة في تعظيم نقاط التشابه وتقليص الفوارق , الجواب مرهون بمدى حيوية العلاقة الثنائية وقدرتها على فهم الحساسيات الذاتية لكل عاصمة , فقطر لن تستطيع التخلي عن تحالفها مع جماعة الاخوا المسلمين والحليف التركي , بوصفهما عناصر القوة في الدور القطري الاقليمي , والاردن لن يستطع ادارة الظهر للاشقاء في السعودية والامارات العربية , فهما جزء رئيس من بنيته الاقتصادية والاجتماعية وعلاقة تتعدى حدود المغتربين والدعم اللوجستي والاقتصادي .

اذن المطلوب توظيف الحساسيات الثنائيةلخدمة الحالة العربية والحالة الداخلية لكل بلد , فالدوحة قادرة بما تملك من علاقات مع الاخوان /الجماعة والتركيبة , ان تمنح المجتمعات الداخلية وجبة سلم اهلي باعادة انتاج علاقة بين الاخون والاقطار الغاضبة من الجماعة , والاردن بما يملك من علاقات حيوية مع السعودية والامارات ومصر قادر على ترطيب الاجواء وازالة موجبات الاحتقان والحصار حسب قدرته , فالرغبة بالضرورة متوفرة وسمعنا من الملك مباشرة هذه الرغبة , لكن قاتل الله القدرة التي فرضت ايقاعها على الاردن بشكل قاسٍ .

قمة ثنائية في ظرف حساس , لعاصمتين على مقدرة عالية من التأثير في المحيط الحيوي , لكنهما بحاجة الى تعميق العلاقة الثنائية بأكبر من التحالف وأقل من الوحدة بحكم الجغرافيا والجيرة , فكل انفلات للاردن من ضغوطات الجوار واثقال المعيشة للاردنيين في صالح قطر والجوار , مع اشتراط تنسيق الجهود وتوحيد عناصر القوة بين العاصمتين , اهلا بأمير قطر ضيفا عزيزا وشقيقا لا يمكن الاستغناء عنه في عمان عاصمة الوحدة .

omarkallab@yahoo.com


تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )