قالت لي : أذكر في عام ١٩٩٠م حينما اندلعت حرب الخليج حيث كنت طفلة بعمر الثلاث سنوات, عندما أصيب الناس بحالة من الذعر والخوف وأعلنت البلاد حالة الطوارئ، وكان قد عمم التلفزيون والدفاع المدني على المواطنين تجهيز الملاجئ للاحتياط في حال حدوث هجمات أو ضربات حربية، واتخاذ كافة الإجراءات للأمن والسلامة ، و أذكر من هذه الاحتياطات والإجراءات الأمنية عندما قام الناس بوضع لاصق على زجاج النوافذ، والاحتياط بالشموع وأدوات الإسعافات الأولية وقد كان الناس في حالة من الترقب لضربات وهجمات عسكرية من قبل إيران .
وأتذكر عندما كانت تحلق طائرات حربية في السماء و يخرجوا إخوتي مسرعين ليتعرفوا على جنسية الطائرة فيقولون هذه طيارة أردنية وأحاديث أخرى لا أتذكر منها إلا أن الطائرة أردنية، فكنت أخاف وأرتعب لأنني لم أكن أدرك ماذا تعني أردنية فكنت أظنها تابعة للعدو فأجري مسرعة إلى الداخل واختبئ تحت الغطاء كي لا تراني الطائرة ،لقد كان الجميع بحالة من الخوف والهلع والقلق والترقب آنذاك.
و بليلةٍ هادئةٍ صافيةٍ من ليالي صيف العام ذاته كان والدي وعمومتي ونسائهم جالسون في بيتنا على " البرندة " أو " الباب" كما جرت العادة حيث كانوا يتجمعون كل ليلة لشرب الشاي والحديث عن الحرب والضربات والصواريخ والعراق وإيران وأمريكا وصدام حسين والخليج , وكنت أنا مستلقية بجانب والدي و أضع رأسي على ساقه وأستمع لأحاديثهم المملوءة بالقلق والترقب والتوتر والخوف، كنت أستمع واتأمل في تلك السماء الصافية الرائعه والنجوم المتلألة فتركت احاديثهم حتى بدت لي كتمتمات وأصوات غير واضحة وبدأت أحصي بعدد النجوم في السماء نجمة نجمتين ثلاثه أربعة خمسة ستة وغططت بنوم عميق,,,, وأستيقظت لأرى نفسي قد كبرت وأصبحت لدي هموم ومخاوف أكبر من مخاوف القصف والضرب والحرب والطائرة ذات الهوية المجهولة.