تعيش هاتان الأُختان الأمريكيتان في خوف من أن يتعرَّف عليهما أحد، إنهما نموذج مثير للأسى لضحايا ظاهرة نشر صور اغتصاب الأطفال على الإنترنت.
إذ ربَّت إحداهما خصلات شعرها الأمامية، وبدأت ترتدي الملابس ذات القلنسوة (الهودي). في حين صبغت الأخرى شعرها باللون الأسود. وتتجنَّب كلتاهما الظهور بنفس مظهرهما الذي كانتا عليه خلال مرحلة الطفولة، بحسب ما ورد في تقرير لصحيفةNew York Timesالأمريكية.
فقبل 10 سنوات، فعل والدهما ما لا يُمكن تخيُّله: نشر صوراً ومقاطع فيديو فاضحة لهما على الإنترنت، وكانتا في عمر السابعة والـ11 آنذاك.
وشمل ذلك المُحتوى اعتداءاتٍ عنيفة داخل منزلهم في الغرب الأوسط، ومنها قيامُه مع رجلٍ آخر بتخدير الفتاة ذات السبعة أعوام واغتصابها.
والرجال الآن في السجن، لكن العاقبة الوخيمة للعصر الرقمي هي أنَّجرائمهم تجد جمهوراً جديداً. فالأُختان من بين أول جيلٍ من ضحايا الاعتداء الجنسي على الأطفال، ويبدو أنَّ الإنترنت سيحتفظ بآلامهم إلى الأبد.
وهذا العام فقط عُثِرَ على صور ومقاطع الأُختين في أكثر من 130 تحقيقاً حول الاعتداء الجنسي على الأطفال، شمل الهواتف المحمولة والحواسيب وحسابات التخزين السحابي.
وتقول الأختان إنَّالآثار الرقمية للاعتداء -المُخزَّنة على جوجل درايف أو دروب بوكس أو ون درايف الخاص بشركة Microsoft- تُلاحقهما بلا هوادة، علاوةً على الخوف من تعرُّف أحد المُعتدين عليهما من تلك الصور.
وقالت إي، الأخت الكُبرى التي نُعرِّفها باستخدام الحرف الأول من اسمها فقط لحماية خصوصيتها: «يدور الأمر في رأسي طوال الوقت، مع علمي بوجود تلك الصور على الإنترنت حتى الآن.لأنَّ هذه هي طريقة عمل الإنترنت، وهذا ليس شيئاً سيختفي مع الوقت».
ويُعاد تداول هذا النوع من التجارب المُفزعة في كافة أنحاء الإنترنت، لأنَّ مُحرِّكات البحث، والشبكات الاجتماعية، ومواقع التخزين السحابي تعجُّ بالفرص التي يُمكن أن يستغلها المُجرمون.
وبدأنا فقط نُدرك نطاق المُشكلة مؤخراً، لأنَّ صناع التقنية صاروا أكثر جرأةً في التعرُّف على محتوى الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت خلال السنوات الأخيرة، إذ جرى تعليم (تحديد) 45 مليون صورة ومقطع فيديو العام الماضي، وهذا رقمٌ قياسي.
لكن نفس الصناعة فشلت باستمرار في اتِّخاذ خطواتٍ لمكافحة الظاهرة وإيقافها، بحسب تحقيق صحيفة New York Times الأمريكية.
إذ إنَّ مُقاربات الشركات التكنولوجية بشأن نشر صور اغتصاب الأطفال على الإنترنتغير مُتسقة، وأُحادية الجانب إلى حدٍّ كبير، وتجري في السر لتترُك اليد العليا للمُتحرشين بالأطفال وغيرهم من المُجرمين الذين يبحثون عن تلك المواد على الإنترنت.
وتمتلك الشركات الأدوات التقنية اللازمة لإيقاف إعادة تداول صور الاعتداء، عن طريقمطابقة الصور المُكتشفة حديثاً مع قواعد بيانات المواد المنشورة سابقاً.
لكن صناعة الإنترنت إجمالاً لا تستغل تلك الأدوات الاستغلال الأمثل.
فشركة Amazon مثلاً، التي تمتلك خدمة تخزينٍ سحابي تستقبل ملايين التحميلات والتنزيلات في كل ثانية، لا تُلقي نظرةً على الصور حتى.
في حين أنَّ شركة Apple لا تُجري مسحاً على خدمة التخزين السحابية الخاصة بها، بحسب السلطات الفيدرالية، وتقوم بتشفير تطبيق المراسلة،مما يجعل الكشف عن المُحتوى مستحيلاً.
في حين تُجري منتجات شركات Dropbox وGoogle وMicrosoft مسوحاتٍ للبحث عن الصور غير القانونية،حين يقوم شخصٌ بمشاركتها، وليس أثناء تحميلها.
وتبحث الشركات الأخرى مثل Snapchat وYahoo، عن الصور فقط وليس مقاطع الفيديو، رغم أنَّ مُحتوى الفيديو المحظور انتشر انتشاراً كبيراً طوال سنوات.
وحين سُئِلَت المُتحدثة باسم Dropbox عن تقنية المسح للبحث عن مقاطع الفيديو في يوليو/تموز،قالت إنَّ تلك التقنية ليست من «أهم أولويات» الشركة.
ويوم الخميس الماضي، قالت الشركة إنَّها بدأت مسحها لبعض الفيديوهات الشهر الماضي.
في حين تُجري شركة Facebook، صاحبة الشبكة الاجتماعية الأكبر في العالم،مسوحاتٍ دقيقة لمنصاتها،التي احتوت على 90% من إجمالي الصور التي قامت شركات التكنولوجيا بتعليمها العام الماضي،لكن الشركة لا تستخدم كافة قواعد البيانات المُتاحة للبحث عن المواد.
في حين أعلنت الشركة أنَّ تطبيق Messenger، مصدر الصور الرئيسي لديها، سيجري تشفيره؛ مما سيَحُدُّ من عمليات الكشف بدرجةٍ كبيرة.
وقال أليكس ستاموس، الذي كان رئيساً لأمن المعلومات في Facebook وYahoo: «تُحدِّد كل شركةٍ موازنتها الخاصة بين الخصوصية والأمان، ولا ترغب في فعل ذلك على الملأ. وهذه القرارات لها تأثيرٌ هائل على سلامة الأطفال في الواقع».
وتميل الشركات التكنولوجية على الأرجح إلى مُراجعة الصور، ومقاطع الفيديو، وغيرها من الملفات على منصاتها من أجل تقنية التعرُّف على الوجوه أو الكشف عن البرامج الضارة أو إنفاذ حقوق الملكية الفكرية.
لكن بعض الشركات تقول إنَّ البحث عن مُحتوى الاعتداء هو أمرٌ مُختلف،لأنَّه من المُمكن أن يُثير مخاوف حساسة تتعلَّق بالخصوصية.
إذتكره الشركات التكنولوجية أن يراها الناس وهي تبحث في صور ومقاطع فيديو شخصٍ ما، كما أنَّ كافة التصاوير التي تُعلِّمها المسوحات الآلية تجري مُراجعتها تقريباً بواسطة إنسانٍ لاحقاً.
وقال سوجيت رامان، مُساعد نائب وزير العدل الأمريكي: «من ناحية، هناك أهميةٌ مُلحَّة لحماية المعلومات الشخصية. وعلى الجانب الآخر، هناك الكثير من الأشياء التي تُسبِّب ضرراً كبيراً على الإنترنت».
وصمَّمت شركة Microsoft الطريقة الرئيسية للكشف عن التصاوير غير القانونية في عام 2009، بالتعاون مع هاني فريد، أحد أساتذة جامعة كاليفورنيا في بيركلي الآن.
ويُعرف ذلك البرنامج باسم PhotoDNA، ويستطيع استخدام الحواسيب للتعرُّف على الصور -حتى الصور المُعدَّلة- ومقارنتها مع قواعد بيانات الصور غير القانونية المعروفة.
وربما لم يكُن بالإمكان تحديد الصور ومقاطع الفيديو التي جرى الكشف عنها العام الماضي بدون أنظمةٍ مثل PhotoDNA.
لكن هذه التقنية محدودة الفاعلية بسبب عدموجود قائمةٍ رسمية مُوحَّدة للمواد غير القانونية المعروفة، مما يسمح لأعدادٍ لا حصر لها من الصور بالتسلُّل دون كشفها.
ويجري الاحتفاظ بقاعدة البيانات الأكثر استخداماً داخل مركز تبادل معلوماتٍ مُخصَّصٍ فيدرالياً، والذي يجمع البصمات الرقمية للصور التي أبلغت عنها الشركات التكنولوجية الأمريكية. في حين تحتفظ المنظمات الأخرى حول العالم بقواعد بياناتها الخاصة.
ولكن حتى في وجود قائمةٍ مُوحَّدة، فإنَّ ذلك لن يحُل مُشكلات الصور الأحدث التي تُغرِق الإنترنت، أو الطفرة الواضحة في الاعتداءات عبر البث المُباشر.
يجري تحويل الصورة المُحمَّلة إلى مُربَّع مع إزالة الألوان، مما يجعل العملية أكثر سرعةً واتّساقاً مع مُختلف الصور.
ثم تعثر الخوارزميات على الحواف الموجودة في الصورة، وهي ضروريةٌ من أجل التعرُّف إلى الخصائص المُميِّزة.
وبعدها يجري تقسيم النتيجة إلى جدول، وتُخصَّص قيمةٌ لكل مُربَّعٍ في الجدول، بناءً على خصائصه المرئية، من أجل تكوين بصمة الصورة.
ثم يقوم النظام بمقارنة البصمة المُكوَّنة حديثاً مع الصور غير القانونية المعروفة.
وفي حال عُثِرَ على بصمتين مُتشابهتين بدرجةٍ كافية؛ يُبلغ النظام عن وجود تطابق. وتستطيع PhotoDNA احتساب الاختلافات الطفيفة بين الصور، مثل تغيير الألوان أو الحجم أو ضغط الصورة.
وتجري العملية بطريقةٍ شبه فورية، مما يسمح بإنهاء ملايين المُقارنات في ثانيةٍ واحدة.
وبالنسبة لضحايا مثل إي وشقيقتها؛ فإنَّ صدمة الصور ومقاطع الفيديو التي يُعاد تداولها باستمرار يُمكن أن تكون لها آثارٌ مُدمِّرة. إذ قالت والدتهما إنَّ الأختين نُقلتا إلى المستشفى بسبب التفكير في الانتحار.
وأضافت: «لقد تبخَّرت كل آمالي وأحلامي المُتعلِّقة بتربية أطفالي. حين تتعامل مع هذا الأمر؛ لا تعود قلقاً حيال درجة طفلك في اختبار القبول بالجامعة. ولن ترغب سوى في التأكُّد من قدرة طفلك على اجتياز المدرسة الثانوية، أو النجاة في كل يوم».
ولا تتحدث الأختان علناً حول الجرائم المُرتكبة بحقهما، لأنَّ المُعتدين على الإنترنت يميلون إلى ملاحقة الأطفال الذين تعرَّضوا لاعتداءاتٍ في السابق، حتى بعد اجتيازهم سن البلوغ.
وتُعَدُّ محادثاتهما مع صحيفة New York Times هي أول مرةٍ تتحدثان فيها علناً حول الاعتداء.
إذ قالت إي: «تفقد صوتك بعد هذه التجربة. فأنا لا أستطيع التحدُّث باسمي بسبب تلك الصور.
أُلقِيَ القبض على جوشوا غونزاليز، تقني الحاسوب من تكساس، هذا العام، وبحوزته أكثر من 400 صورة لاعتداءاتٍ جنسية على الأطفال في حاسوبه، ومنها صورٌ لإي وشقيقتها.
وقال غونزاليز للسلطات إنَّه استخدم Bing، مُحرِّك بحث Microsoft، من أجل العثور على بعض الصور ومقاطع الفيديو غير القانونية، بحسب وثائق المحكمة.
ولطالما كانت شركة Microsoft في طليعة الشركات التي تُكافح صور الاعتداءات، لدرجة أنَّها صمَّمت أداة PhotoDNA للكشف عن تلك الصور قبل عقدٍ من الزمن. لكن العديد من المُجرمين حوَّلوا مُحرِّك بحث Bing إلى أداةٍ موثوقةٍ بينهم.
إذ عثر تقريرٌ، أعدَّهموقعTechCrunch،في يناير/كانون الثاني على صورٍ فاضحة للأطفال في مُحرِّك بحث Bing، باستخدام مصطلحاتٍ بحثية مثل «جنس أطفال porn kids». ونتيجةً لذلك التقرير، قالت الشركة إنَّها ستحظر نتائج البحث لذلك المصطلح والمطلحات المُشابهة.
وصمَّمت صحيفة New York Times برنامجاً حاسوبياً يستعين بمصادر مثل Bing، وغيره من محركات البحث.
وعثر النص التلقائي مراراً وتكراراً على عشرات الصور التي قامت خدمة PhotoDNA التابعة لـMicrosoft بتعليمها، لأنَّ بها مُحتوى غير قانوني معروف. لدرجة أنَّ Bing قام بترشيح مصطلحاتٍ بحثية أخرى عند كتابة اسم موقعٍ معروف للاعتداء على الأطفال داخل مربع البحث.
وصاغت الصحيفة البرنامج الحاسوبي ليستخدم مُتصفِّحاً خفياً في فحص مُحرِّكات البحث، من أجل العثور على مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال. ويُجري البرنامج مسوحات الصور دون تنزيلها أو عرضها.
وبحث البرنامج باستخدام أكثر من 30 مصطلحاً مُتعلِّقاً بالاعتداء الجنسي على الأطفال، ومنها مصطلحاتٌ اقترحتها مُحرِّكات البحث.
وفي حين حُظِر وصول كافة الصور إلى المُتصفِّح، لكن البرنامج قام بتسجيل عناوين الويب الخاصة بها.
وجرى إرسال عناوين الويب تلك إلى خدمة PhotoDNA التابعة لـMicrosoft، والتي تستخدمها الشركات التكنولوجية من أجل التعرُّف على تصاوير الاعتداءات المعروفة.
وقارنت خدمة PhotoDNA النتائج التي عثرت عليها عمليات بحث الصحيفة مع بصمات الصور غير القانونية المعروفة، لتعثر على الكثير من التطابقات.
وفي حين لم تعرض الصحيفة أياً من تلك الصور، فقد جرى الإبلاغ عنها لدى «المركز الوطني الأمريكي للأطفال المفقودين والمُستغَلّين» و «المركز الكندي لحماية الطفل»، وهي مراكز تعمل على مكافحة الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت.
وقال المركز الكندي إنَّ إحدى الصور أظهرت فتاةً عارية مُستلقيةً على ظهرها، في حين كانت قدماها مفتوحتين بـ «طريقةٍ شديدة». وتعرَّف مُحلِّلو المركز على الفتاة التي كانت تبلغ من العمر 13 عاماً تقريباً، إذ يُراجع أولئك المُحلِّلون آلاف الصور الفاضحة باستمرار من أجل المُساعدة في التعرُّف على الأطفال المُستغَلّين، وإنقاذهم ومحو تلك اللقطات من الإنترنت. وقال المُحلِّلون إنَّ السلطات أنقذت الفتاة من الخطر بالفعل.
وخرجت عمليات البحث التي أجرتها New York Times على مُحركات بحث DuckDuckGo وYahoo، التي تستخدم نتائج Bing، بصور اعتداءاتٍ معروفة. وإجمالاً، عثرت الصحيفة على 75 صورة من مواد الاعتداء في مُحرِّكات البحث الثلاثة، قبل إيقاف البرنامج الحاسوبي.
وقالت شركات DuckDuckGo وYahoo إنَّها اعتمدت على Microsoft لفلترة المُحتوى غير القانوني.
وبعد مُراجعة نتائج الصحيفة؛ قالت Microsoft إنَّها عثرت على ثغرةٍ في مُمارسات المسح، وإنَّها ستُعيد النظر في نتائج بحثها. لكن عمليات تشغيل البرنامج لاحقاً استمرت في الخروج بنتائج أكثر.
وصف مُتحدِّثٌ باسم Microsoft المشكلة بأنَّها «هدفٌ مُتحرِّك.
إذ يقول «فمنذ لفتت صحيفة New York Times انتباهنا إلى المسألة؛ عثرنا على بعض المُشكلات في الخوارزميات المُخصَّصة للكشف عن الصور غير القانونية، وأصلحناها».
ووصف هيمانشو نيغام، الذي كان مُديراً مُشرفاً على سلامة الأطفال في Microsoft بين عامي 2000 و2006، النتائج التي توصَّلت إليها الصحيفة بأنَّها «فشلٌ كبير.ويبدو وكأنَّ الشركات لا تستخدم الأدوات التي ابتكرتها».
وأضاف نيغام أنَّ ذلك أظهر كيف تبدو الشركة غير مُدركةٍ لطريقة تلاعب المُجرمين بمنصّاتها.
والمُعتدون على الأطفال يُدركون نقاط ضعف Bing جيداً، بحسب وثائق المحكمة والمقابلات مع مسؤولي إنفاذ القانون.
وقبل سنوات، استخدم المُتحرِّشون بالأطفال Bing من أجل العثور على الصور غير القانونية، كما استغلوا خاصية «البحث العكسي عن الصور» بالموقع من أجل استعادة الصور بناءً على عينةٍ منها.
ولم يعثر البرنامج الحاسوبي الذي استخدمته الصحيفة على مُحتوى اعتداءٍ في مُحرِّك بحث Google.
لكن المركز الكندي قدَّم وثائق مُنفصلة تُظهر العثور على صور اعتداءٍ جنسي على الأطفال في Google، مع رفض الشركة إزالتها في بعض الأحيان.
إذ تُظهِر إحدى الصور القسم الأوسط من جسدي طفلتين، يُعتقد أنَّهما أقل من 12 عاماً، وهما تُجبران على القيام بأفعالٍ فاضحة مع بعضهما البعض. وهي جزءٌ من سلسلة صورٍ معروفة تعرض الأطفال وهم يتعرَّضون للاستغلال الجنسي.
وطلب المركز الكندي من شركة Google إزالة الصور في أغسطس/آب من العام الماضي، لكن الشركة قالت إنَّ الصور لا تستوفي شروط إزالتها بحسب ما أظهرت الوثائق. وضغط الباحثون طوال تسعة أشهر حتى استجابت الشركة بنهاية المطاف.
وتعرض صورةٌ أخرى، عُثِرَ عليها في سبتمبر/أيلول عام 2018، امرأةً تلمس الأعضاء التناسلية لطفلةٍ عارية تبلغ من العمر عامين. ورفضت Google إزالة الصورة، مُوضحةً في رسالتها بالبريد الإلكتروني إلى المُحلِّلين الكنديين إنَّ الصورة ترقى إلى حد الاعتداء الجنسي على الأطفال، لكنَّها «لا تخرق القوانين داخل الولايات المتحدة».
وحين سألت New York Times شركة Google في وقتٍ لاحق بشأن الصورة وغيرها من الصور التي تعرَّف إليها الكنديون، أقرَّ المُتحدِّث الرسمي بأنَّها كان يجب أن تُمحى وأنَّ هذا هو ما حدث في النهاية.
وأضاف المُتحدِّث أيضاً أنَّ الشركة لا ترى أنَّ أيّ نوعٍ من التحرُّش بالأطفال هو أمرٌ قانوني، وأنَّه من الخطأ اقتراح العكس.
وبعد أسبوعٍ من إزالة الصور؛ أبلغ المركز الكندي عن صورتين إضافيتين إلى Google. إحداهما لفتاةٍ صغيرة، تبلغ من العمر سبعة أعوام تقريباً، بسائل منويٍ يُغطّي وجهها. والأخرى لفتاةٍ، يتراوح عمرها بين الثامنة والـ11، وهي تفتح ساقيها لتكشف عن عضوها التناسلي. وقالت الشركة للمركز الكندي إنَّ الصورتين لا تستوفيان «شروط الإبلاغ»، لكنها وافقت على إزالتهما لاحقاً.
وقالت ليانا ماكدونالد، المُديرة التنفيذية للمركز: «الأمر يُثير حيرتنا».
لا يقتصر الأمر على مُحركات البحث.
إذ إنَّ المُتحرشين بالأطفال يستغلّون مُختلف أشكال التكنولوجيا ومنصاتها، ويلتقون عبر تطبيقات الدردشة ويُشاركون الصور عبر خدمات التخزين السحابي، بحسب مُراجعةٍ لمئات القضايا الجنائية.
وقال ستاموس، الذي يعمل حالياً أستاذاً بجامعة ستانفورد: «أول شيءٍ يجب على الناس أن يُدركوه هو أنَّأيّ نظامٍ يسمح لك بمشاركة الصور ومقاطع الفيديو، هو نظامٌ موبوءٌ تماماً بتصاوير الاعتداء الجنسي على الأطفال«.
ويُناقش المُجرمون عادةً كيفية استغلال نقاط الضعف في المنصات عبر منتديات ومجموعات الدردشة على الإنترنت، بحسب ما أظهرت القضايا الجنائية. وهم يُراقبون بحرصٍ إجراءات مُحاكمة الأشخاص الذين عُثِرَ بحوزتهم على تصاوير فاضحة، ليتعلَّموا من تجاربهم.
لدرجة أنَّ هناك أدلةً إرشادية على الإنترنت تشرح، بالتفاصيل والرسومات، كيفية إنتاج الصور وتفادي قبضة الشرطة.
وخير دليلٍ على هذا النمط المؤسف التعقَّب الرقمي لضحية اعتداءٍ صغيرة، كانت فتاةً تعرَّضت للاغتصاب بواسطة والدها لمدة ثماني سنوات منذ كانت في الرابعة من عمرها، حسبما ورد في تقرير الصحيفة.
ولا تعلم الفتاة، التي صارت مُراهقةً تعيش في الساحل الغربي الأمريكي الآن، أنّ لقطات الاعتداء عليها موجودةٌ على الإنترنت. وتتمنى والدتها وزوج والدتها أن يظل الوضع على ما هو عليه.
إذ قالت والدتها: «نحن فقط نخشى كافة الآثار السلبية التي قد تنجُم عن الأمر -لأنّني تحدّثت إلى أمهاتٍ أُخريات نُشِرَت صور بناتهن على الإنترنت، مما حطَّم الفتيات معنوياً. وليس عليها أن تقلق حيال وجود الجزء الأكثر سوءاً -على الأرجح- من حياتها على الإنترنت».
وزوج والدتها قلقٌ أيضاً: «بالنسبة لها، يُعتبر الإنترنت مكاناً للبحث عن صور الجراء».
وينشر المُعتدون الجنسيون صور ومقاطع فيديو الفتاة باستمرار على المواقع التي تظهر في نتائج بحث Bing، وغيره من محركات البحث.
وحين تُكشف الصور؛ يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي بإعلام عائلة الفتاة أو مُحاميها. إذ تقول العائلة إنَّها تلقت 350 إشعاراً حول قضايا من مُختلف أرجاء البلاد، في ولايات كانساس وكنتاكي وميشيغان ومينيسوتا وتكساس، على مدار السنوات الأربع الماضية.
وظهرت صور الفتاة في قضيةٍ أبلغت عنها امرأةٌ إلى السلطات، في أعقاب حديثها إلى رجلٍ من ولاية ميشيغان عبر تطبيقFacebook Messenger.
إذ اقترح الرجل على المرأة أن تعيش مع أطفالها حياة العُراة، مع الإشارة إلى أنَّ زنا المحارم هو أمرٌ طبيعي. وعرض عليها الانتقال للعيش معها هو وابنته التي تبلغ من العمر 13 عاماً، والتي قال إنَّه اغتصبها فموياً في الليلة السابقة.
وكان الرجل، سنيهال يوغيشكومار شاه، يتواصل أيضاً مع غيره من الُمعتدين عبر تطبيق Messenger، والذين نصحوه بتنزيل تطبيق Kik للمراسلة وإنشاء حسابٍ على دروب بوكس لتخزين مواده غير القانونية.
وعثرت الشرطة على أكثر من 400 صورة ومقطع فيديو غير قانوني في حساب دروب بوكس الخاص به، وعلى هاتف آيفون الذي يملكه، شملت بعضاً من صور فتاة الساحل الغربي. وعثروا كذلك على مُحادثاتٍ تحوي تصاوير فاضحة بينه وبين مُراهقتين صغيرتين. وهو في السجن الآن.
وظهرت صور الفتاة أيضاً خلال تحقيقٍ أُجري مع أنتوني كويزنبيري، الأخصائي العسكري من مدينة سان أنطونيو الذي نشر مُحتوى اعتداءٍ عبر تطبيق Yik Yak الذي جرى إغلاقه الآن. وأخبر المُحقِّقين بأنَّه كان مُدمناً على تلك التصاوير لسنوات، وحصل عليها عبر مُحركات البحث، وموقع Tumblr، ودروب بوكس، وتطبيق Kik، ومنصة أوميجل لبث الفيديوهات مُباشرةً. وحُكِم عليه بالسجن لأكثر من 16 عاماً.
وقالت والدة الفتاة إنَّها قد تشهد آثار الصدمة بعد سنوات. فأحياناً تغضب ابنتها دون سبب. وتبدو في كثيرٍ من الأحيان وكأنَّها مُنفصلةٌ عن الواقع، وكأنَّ لا شيء يُزعجها.
وأضافت الأم، التي وافقت على إجراء المُقابلة بحضور مُحاميها وشريطة عدم الكشف عن اسمها أو موقعها، أنَّ هناك «أشياء، سيتعيَّن عليها تعلُّمها الآن».
وحين تصير الفتاة في الـ18 من عمرها؛ ستصير المُستلمة القانونية للتقارير التي تُرسلها السلطات حول المواد الخاصة بها. وفي ذلك الوقت، تأمل الوالدة وزوجها أن تكون الفتاة أكثر قدرةً على التعامل مع الأخبار. كما يأملان أن تكون الشركات التكنولوجية قد تمكَّنت من إزالة الصور من الإنترنت بحلول ذلك الوقت.
إذ قالت الوالدة: «أتمنى أن أكون قادرةً على إخبارها بأنَّ الصور كانت موجودةً على الإنترنت، لكنَّها لم تعُد كذلك».
استسلم بعض الأهالي لاحتمالية أن تظل الصور على الإنترنت إلى الأبد.
فعملية منع نشر صور اغتصاب الأطفال على الإنترنت صعبة وتكاد تكون مستحيلة بالنسبة للأسر.
فداخل إحدى الأسر الحاضنة التي تضُم العديد من الضحايا، بدأت إحدى المُراهقات في تناول مُضادات الاكتئاب مؤخراً من أجل التغلُّب على شعورها بأنَّ الاعتداء كان خطأها.
في حين كانت ابنةٌ أخرى بالشجاعة الكافية لتبدأ المُواعدة بعد ثماني سنوات من تعرُّضها للاعتداء. ولكن حين حاول شقيقها، القلق حيال أمرها، البحث عن ما إذا كانت التصاوير الخاصة بها لا تزال موجودةً على الإنترنت؛ داهم عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي منزلهم. إذ إنَّه من غير القانوني النظر إلى مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، بغض النظر عن نوايا الشخص.
وقالت الأم الحاضنة، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها من أجل حماية خصوصية أطفالها: «لم أعُد أخدع نفسي بالاعتقاد أنَّني على ما يُرام. ولكنَّني أُكافح من أجل النجاة يوماً بيوم».
إذ تعرَّضت اثنتان من بناتها للتصوير أثناء اغتصابهن بواسطة والدهن. في حين تعرضَّت الأُخريات للاعتداء دون تصوير. وقالت إن الفارق يكون عميقاً بمرور الوقت.
وأوضحت: «هُن غاضباتٌ لأنَّ تلك الصور ستعيش إلى الأبد».
ولإثنائهن عن الكتابة عبر الشبكات الاجتماعية والمُخاطرة بكشف هوياتهن؛ أخبرت الأم أطفالها بأنَّ صور الاعتداء عليهن تعيش على الإنترنت «ولا أعتقد أنَّها ستُمحى بالكامل على الإطلاق».
وأثبتت الشركات التكنولوجية صحة أقوالها حتى الآن.
إذ مضت 10 سنواتٍ منذ تطوير خدمة PhotoDNA داخل شركة Microsoft، لكن جهود الصناعة من أجل الكشف عن الصور غير القانونية المعروفة -وإزالتها- لا تزال مُتفاوتةً ومُغلَّفةً بالسرية.
وكان رد فعل الصناعة على مُحتوى الفيديو أكثر تطلُّباً بحسب المُقابلات، ورسائل البريد الإلكتروني الداخلي للشركة، والمُراجعات التي أُجرِيَت للآلاف من سجلات المحكمة.
ولا يُوجد معيارٌ شائع للتعرُّف إلى مُحتوى الفيديو غير القانوني، والكثير من المنصات الكُبرى -مثل إيه أو إل وسنابشات وياهو- لا تُجري مُسوحاتٍ لهذا المُحتوى على الإطلاق.
وقد رفضت شركات AOL وYahoo الرد على طلبٍ بالتعليق حول سياساتهم المُتعلِّقة بمُحتوى الفيديو.
في حين قال المُتحدِّث باسم شركة Snap إنَّ الشركة تعمل مع شركاء في الصناعة على تطوير حلٍ للمُشكلة.
وقال المُتحدِّث باسم Kik، قبل بيع التطبيق الشهر الماضي، إنَّ الشركة أيضاً تعمل على حل المشكلة. ويوم الجمعة الماضي، قال مُلَّاك التطبيق الجُدد إنَّه بدأ الآن إجراء مسحٍ للكشف عن مُحتوى الفيديو غير القانوني.
الشركات تبذل بعض الجهد، ولكن لهذه الأسباب هو غير كاف
تشاد ستيل، فهو أستاذٌ بعلم الأدلة الجنائية الحاسوبية في جامعة جورج ماسون، وساعد المُحقِّقين الفيدراليين في القضايا المُتعلِّقة بالاعتداء.
وقد أوضح: «إجمالاً،تكتفي الشركات التكنولوجية بتنفيذ الحد الأدنى الضروري من أجل الحفاظ على احترام الرأي العام لمُنظماتها. لكنها لا تفعل كل ما بوسعها فعله بناءً على التكنولوجيا التي تمتلكها».
وأفاد موظفون سابقون، في Microsoft وTwitter وTumblr وغيرها من الشركات، بأنَّ الشركات التكنولوجية تعلم منذ سنوات أنَّمقاطع فيديو الاعتداء الجنسي على الأطفال تُنشر عبر منصاتها.
وتحدَّث موظفٌ سابق في شركة Twitter عن غيغابايتات من مقاطع الفيديو غير القانونية التي يجري تحميلها بسرعةٍ أكبر من أن تُمحى عبر تطبيق Vine، خدمة نشر الفيديو التي أغلقتها الشركة منذ فترة.
وحدث ذلك عام 2013، حين جرى الإبلاغ عن قرابة الـ50 ألف مقطع فيديو.
وفي العام الماضي، أحالت الشركات التكنولوجية أكثر من 22 مليون مقطع فيديو إلى «المركز الوطني للأطفال المفقودين والمُستغَلّين»، وهو مركز تبادل المعلومات غير الربحي الذي فوَّضته الحكومة الفيدرالية بتأدية دور المستودع لتلك التصاوير.
وواجهت جهود التصدِّي لمُشكلة مُحتوى الفيديو المُلِحّة العديد من العقبات التي صنعتها الشركات نفسها. فقد طوَّرت شركة Google مثلاً تقنيةً للكشف عن مقاطع الفيديو، ومنحتها للشركات الأخرى، في حين تمتلك شركة Facebook نظاماً خاصاً بها أيضاً.
ولكن لا تستطيع الشركتان تشارك المعلومات في ما بينهما لأنَّ بصمات الفيديو التي تُنتِجها كل تقنيةٍ لا تتوافق مع التقنية الأخرى.
وفي عام 2017، أقرَّت صناعة التكنولوجيا عمليةً لتشارُك بصمات الفيديو، من أجل تسهيل مسألة الكشف عن المواد غير القانونية لدى كافة الشركات، بحسب رسائل البريد الإلكتروني السرية وغيرها من الوثائق التي كانت جزءاً من المشروع الذي أدارته Technology Coalition، وهي مجموعةٌ مهتمةٌ بقضايا سلامة الأطفال وتضُم تحت مظلتها كبريات الشركات التكنولوجية.
وأشارت إحدى الوثائق إلى الغرض من المشروع: «صارت مقاطع الفيديو سهلة الإنشاء مثل الصور، ولم تتبنّ الصناعة حلاً -أو عمليةً- قياسياً لتلك المشكلة».
لكن الخطة لم تُحقِّق مُبتغاها.
وأدَّى عدم اتِّخاذ إجراءٍ حاسم في كافة أرجاء الصناعة إلى السماح لعددٍ غير معروف من مقاطع الفيديو بأن تظلّ على الإنترنت.
إذ لا تُمثِّل مقاطع الفيديو سوى أقل من 3% من إجمال بصمات التصاوير التي يمتلكها المركز الوطني الأمريكي للأطفال المفقودين والمُستغَلّين، والتي يصل عددها إلى قرابة الـ1.6 مليون بصمة.
ويجري التعامل مع الصور ومقاطع الفيديو بأساليب تمنح المُجرمين مساحةً كبيرةً للمناورة. إذ لا تُجري أكبر منصات التخزين السحابي مسوحات على المواد أثناء تحميل الملفات، بحسب مسؤولي إنفاذ القانون والموظفين السابقين والتصريحات العامة للشركات، ومنها: أمازون ويب سيرفيسز، ودروب بوكس، وجوجل درايف، وون درايف وأزور التابعتين لشركة Microsoft.
وفي حين قد يجري مسح الملفات لاحقاً، حين يُشاركها المُستخدمون مثلاً؛ يتجنَّب بعض المُجرمين الكشف عن موادهم عن طريق مُشاركة معلومات تسجيل الدخول إلى الحساب بدلاً من مشاركة الملفات نفسها.
وقال غريغوري هاوسهولدر، من ولاية فلوريدا، للمُحقِّقين إنَّه استخدم منصات الإنترنت لثماني سنوات. وكان يُشارك معلومات تسجيل الدخول إلى حسابات دروب بوكس مع المُعتدين الآخرين باستمرار.
وأضاف هاوسهولدر إنَّه كان يُدرك أنَّه يرتكب جريمة، لكنَّه لم يعتقد أنَّه سيقع تحت طائلة العدالة.
قال المُتحدِّث باسم شركة Amazon، التي لا تُجري مُسوحاتٍ على تصاوير الاعتداء مُطلقاً، إنَّ «خصوصية بيانات العميل هي أمرٌ ضروري من أجل كسب ثقة عملائنا». وأشار إلى أنَّ الشركة لديها سياسةٌ تحظر المُحتوى غير القانوني.
وقالت منصة أزور التابعة لـMicrosoft إنَّها لا تُجري مُسوحاتٍ على المواد، مُستشهدةً بأسبابٍ مماثلة.
وأثارت شركاتٌ أخرى نقطة المخاوف حيال الخصوصية، ومنها Dropbox وGoogle. إذ قالت المُتحدِّثة باسم Dropbox إنَّإجراء مسحٍ يُثير شبحاً قد يُضايق أنصار الخصوصية.
وتذرَّعت بعض الشركات، مثل Dropbox وGoogle، بالمخاوف الأمنية حين سُئِلَت عن ممارساتها المُتعلِّقة بالكشف عن المواد وإزالتها. في حين رفض المُتحدِّث باسم Apple تحديد كيفية مسح الشركة لمنصاتها، قائلاً إنَّ تلك المعلومات يُمكن أن تُساعد المُجرمين.
وقال عددٌ من خبراء الأدلة الجنائية الرقمية ومسؤولي إنفاذ القانون إنَّ الشركات كانت مُخادعةً في تذرُّعها بالأمن. إذ أوضح ستاموس أنَّ الشركات «لا ترغب فقط في الدعاية لكون منصاتها مفتوحةً» أمام المُجرمين.
وأضاف: «إذا كانوا يقولون إنَّها «مُشكلةٌ أمنية»؛ فهذا يعني أنَّهم لا يُجرون تلك المسوحات من الأساس».
وأنذرت قضيةٌ مُشينة في ولاية بنسلفانيا بعاصفةٍ من مُحتوى الاعتداء الجديد الذي يصعب تعقُّبه عبر منصات البث المُباشر.
إذ سجَّل أكثر من 10 رجالٍ من حول العالم دخولهم على Zoom، برنامج محادثات مؤتمرات العمل. وكانوا يُدردشون أثناء مُشاهدة بثٍ مُباشرٍ لا علاقة له بالعمل: رجلٌ يعتدي جنسياً على صبيٍ في السادسة من عُمره.
وطلب أحد المُشاهدين، بحسب وثائق المحكمة، من المُعتدي أن يفتح أرداف الصبي. في حين طلب منه مُشاهدٌ آخر أن «يبصُق على وجهه». وكان طلب الثالث: هو «اغتصبه».
وتعرَّض الصبي للاغتصاب الفموي، قبل أن يخترقه الرجل بعنفٍ وسط تشجيع بعض المُشاهدين، الظاهرين على كاميراتهم الخاصة، واستمنائهم أمامها ليراهم الآخرون.
كما يبُثُّ الرجال أيضاً مقاطع فيديو مُسجَّلة مُسبقاً لأطفالٍ صغار -ومنهم أطفالٌ رُضَّع- يتعرَّضون للاغتصاب والضرب والتبوُّل عليهم.
وخلال المُحاكمة، قال المُحقِّقون إنَّ الجُناة كانوا يعلمون عادةً أنَّ البث المُباشر يصعب تعقُّبه ولا يترك أثراً.
وقال أوستين بيري، المُدَّعى الفيدرالي في القضية، خلال المُرافعة الختامية: «لهذا السبب يستخدمون برنامج Zoom. فهو أشبه بـNetflix للأفلام الجنسية للأطفال». وشملت القضايا الأخرى بثاً مباشراً لتلك المواد عبر منصات فيس تايم، وفيسبوك، وأوميجل، وسكايب، ويو ناو، وغيرها.
وليس بمقدور أيٍ من الشركات التكنولوجية الكُبرى الكشف عن البث المُباشر، ناهيك عن إيقافه، باستخدام تحليلات التصاوير الآلية. وهذا رغم أنَّ أحد مُديري التكنولوجيا في Zoom قال إنَّ الشركة أجرت تحسيناتٍ واضحة باستخدام طرقٍ أخرى منذ قضية بنسلفانيا.
وفي حين قالت شركات Facebook وGoogle وMicrosoft إنَّهاتطوُّر تقنياتٍ من أجل العثور على الصور ومقاطع الفيديو الجديدة في منصاتها؛ لكن الأمر قد يستغرق سنواتٍ حتى يصل إلى دقة الكشف عن الصور المعروفة باستخدام البصمة، وفقاً للمقابلات التي أُجرِيتها الصحيفة.
وأُلقِيَ القبض على الرجال في بنسلفانيا عام 2015، فقط لأنَّ جانيل بلاكادار، المُحقِّقة الشُرطية بشُرطة تورنتو، اكتشفت البث أثناء إجرائها لتحقيقٍ سري.
وسجَّلت المُحقِّقة البث المُباشر باستخدام تقنية تسجيل الشاشة، ثم أبلغت العميل الخاص أوستين بيريير من قسم التحقيقات بوزارة الأمن الداخلي الأمريكية.
وأُنقِذَ الصبي في اليوم التالي، وحُكِم على 14 رجلاً من مُختلف الولايات بالسجن منذ ذلك الحين.
وحُكِمَ على ويليام بييرس أوغوستا (20 عاماً)، المُعتدي، بالسجن لفترةٍ تصل إلى 90 عاماً في يناير/كانون الثاني.
وقالمُدَّعى ولاية بنسلفانيا في القضية، أثناء وصفه الجُناة بالوحوش، داخل المحكمة إنَّ أوغوستا «شجَّع الناس من كافة أنحاء العالم على مُشاهدته».