قررت بلدية في فنلندا إغراء سكانها بالأموال؛ لتشجيعهم على الإنجاب، بعدما تراجعت بشكل حاد معدلات الولادة، وازداد الانكماش السكاني فيها، حيث لم يولد فيها إلا طفل واحد عام 2012.
لكن هذا الوضع المُقلق لسلطات بلدية ليستيجارفي التي تعد واحدة من أصغر البلديات في فنلندا، دفعهم إلى التحرك منذ العام 2013، فقررت وضع خطة حوافز أطلقت عليها «منحة المولود»، التي تمنح بموجبها لكل ساكن 10 آلاف يورو عن كل مولود جديد، على أن يُقسط المبلغ على 10 سنوات.
وقالتهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، اليوم السبت 26 أكتوبر/تشرين الأول 2019، إن الخطة آتت ثمارها، مشيرةً إلى أنه منذ إقرار البرنامج سُجل نحو 60 مولوداً في البلدية، في حين أنه في السنوات السبع السابقة لم يسجل فيها سوى 38 مولوداً.
وأوضح «بي بي سي» أن هذا العدد يُعد إضافة كبيرة لسكان البلدة الذين يقل عددهم عن 800 شخص.
وشجعت هذه الخطة بلديات فنلندية أخرى، حيث تقدم العديد منها حالياً منحة المولود التي تتراوح بين 200 يورو، و10,000 يورو.
لكن رغم هذه الحوافز فإن معدلات الخصوبة انخفضت في فنلندا بشكل ملحوظ، كشأن الكثير من الدول الأوروبية خلال العقد الماضي، ووصلت في عام 2018 إلى 1.4 طفل لكل امرأة، أي أقل من مستوى المُعدل المطلوب لتجنب انخفاض عدد سكانها، الذي يبلغ 2.1 طفل لكل امرأة.
ووفقاً لـ «بي بي سي» فإن فنلندا تُطبق برامج عديدة لدعم الأسر، منها صندوق الطفل، الذي تقدمه للأبوين قبل موعد الولادة، ويتضمن جميع مستلزمات الطفل وألعابه، بالإضافة إلى إعانات مالية تقارب 100 يورو للطفل شهرياً، وإجازات أمومة وأبوة تصل إلى تسعة أشهر مع دفع 70% من الراتب المستحق.
وهذه المساعدات الأسرية التي تقدمها فنلندا تفوق ما تنفقه الدول الأوروبية الأخرى، إلا أن ريتيا ناتكين، المحاضرة في العلوم الاجتماعية بجامعة تامبير، ترى أن سياسات الأسرة في الدول الشمالية المجاورة لا تزال أفضل منها في فنلندا، إذ تقدم السويد مثلاً إجازات أمومة وأبوة أكثر سخاء.
ويعود تراجع معدلات الخصوبة إلى انخفاض قيمة إعانات الطفل وبدلات رعاية الطفل، لأنها لم تزد منذ سنوات، وكذلك الغموض الذي يكتنف الأوضاع الاقتصادية والمناخ.
واشتهرت فرنسا بسياساتها المؤيدة للإنجاب، وبأنها تنفق أكثر من سائر الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على رعاية الأسرة.
إذ تمنح للأبوين «منحة ولادة» قدرها نحو 950 يورو، بالإضافة إلى إعانات شهرية للطفل وبدلات متعددة للأسر، وترتفع قيمة الكثير من البدلات كلما زاد عدد الأطفال.
وتحصل العائلات الفرنسية على تخفيضات ضريبية ومساعدات مالية لتغطية كلفة رعاية الطفل.
وعلى الرغم من أن المال يلعب دوراً كبيراً في تشجيع الناس على الإنجاب، لكن ثمة عوامل اجتماعية أخرى وسياسات مؤيدة لبناء الأسرة تلعب دوراً في رفع معدلات الخصوبة، بحسب «بي بي سي».
وفي إيطاليا على سبيل المثال، ظلت معدلات الخصوبة تنخفض لسنوات، حتى وصلت إلى أدنى معدلاتها في عام 2018، إذ بلغت 1.3 طفل لكل امرأة، لكن مقاطعة إيطالية واحدة خالفت القاعدة، وهي مقاطعة بولزانو، الواقعة على الحدود مع سويسرا والنمسا، إذ بلغت معدلات الخصوبة في هذه المقاطعة 1.67، في حين أن معدل الخصوبة في الاتحاد الأوروبي لم يتجاوز 1.6 طفل لكل امرأة.
وتتميز سياسات الأسرة في المقاطعة بأنها أكثر سخاء مقارنة بسائر أنحاء إيطاليا، إذ تتلقى الأسرة إعانة شهرية للطفل قدرها 200 يورو، أي أعلى من ضعف المتوسط في إيطاليا، بالإضافة إلى مساعدات مالية أخرى لمنخفضي الدخل.
وتوفر المقاطعة أيضاً خدمات أخرى للأسرة غير موجودة في سائر المدن الإيطالية، مثل سهولة العثور على دور حضانة في المقاطعة.