وجه الأسير مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة في حركة فتح، رسالة إلى حفيدته الأولى تاليا، بمناسبة دخولها عامها الدراسي الأول "الصف الأول الأساسي"، وسلط فيها الضوء على معاناة آلاف التلاميذ الفلسطينيين المحرومين من مرافقة آبائهم لهم بسبب استشهادهم أو اعتقالهم، أو بسبب انتهاكات الاحتلال.
وجاء في رسالة الأسير مروان البرغوثي التي نشرتها زوجته المحامية فدوى البرغوثي على صفحتها على "الفيسبوك": "تاليا حبيبتي، تاليا حفيدتي، حياتي، كل عام وأنت بألف خير، كل عام وأنت حبيبتي، وكل عام وكل أطفال فلسطين بخير. اليوم ستدخلين مرحلة جديدة في حياتك بدخول المدرسة والصف الأول ومعك عشرات الآلاف من أبناء فلسطين، بعضهم لن يرافقهم آباؤهم لأنهم استشهدوا أو يقبعون في زنازين الاستعمار الصهيوني، والبعض من الأطفال في الصف لن يحظى بارتداء ملابس جديدة بسبب الفقر وضيق الحال، والبعض منهم لن يقوى على شراء حقيبة مدرسية، وربما لن يكون له القدرة على شراء ساندويش وعصير، وربما تتعرض بعض المدارس لاقتحامات جيش الاستعمار ويتعرض بعض التلاميذ للغاز والرصاص، والآلاف سيضطر للمرور على الحواجز العسكرية، حواجز الإذلال والاستعباد، حواجز الحط من الكرامة الإنسانية".
وتظهر الرسالة مشاعر الأسير البرغوثي لحرمانه من اللقاء بتاليا ابنة ابنته ربى وتقبيلها، حيث يقول البرغوثي في رسالته: "حبيبتي تاليا، أنا لم يتسنَ لي أن ألتقي معك، أو أن أراكِ، أو أن أطبع قبلة على خديك الجميليين، بل لم أقابل والدتك ربى منذ عدة سنوات، والدتك الحبيبة أميرة قلبي ربى، وهي جميلة مثلك، ولكني أيضاً لم أحضر ميلادها، ولا ميلاد طفلتها، ولم أشاركها فرحة التخرج في المدرسة أو أن ألتقي أساتذتها، ولم أشارك في حفل تخرجها، ولم أرافقها للجامعة، ولا حفل زفافها، ولا عندما أنجبت تاليا الفراشة الجميلة، ولا سارة العصفورة الصغيرة، ومثلي كثيرون ممن حرموا من الحياة الطبيعية مع أبنائهم وزوجاتهم وأحفادهم وعائلاتهم، في سبيل أن تعيشوا بحرية وكرامة وسيادة، ولأن للحرية ثمناً، وهي لا تتحقق بالتمنيات والدعوات وإنما بالتضحية".
ولم يترك مروان البرغوثي أن يخاطب تاليا بعبارات الشوق إليها، وأنه يرقب صورها دوماً شوقاً إليها، ويقول في رسالته: "حبيبتي تاليا، الفراشة الجميلة، أنظر دوماً إلى الصور التي تصلني عبر الزيارة إلى وجهك الجميل البريء، إلى عيونك الرائعة والجميلة، وإلى شعرك وابتسامتك وأنت تلعبين مع أختك سارة ومع ابنة خالك القسام، رومي، وقريباً مع مروان الصغير، وأنا لم ألتقِ أبداً أحداً منكم، لكني أحبكم وناضلت من أجلكم، ومع أبناء شعبي ومع كل هؤلاء المناضلين على مدار عقود من الزمن من أجلكم، ومن أجل أن تعيشوا أحراراً وأسياداً في بلادكم فلسطين أرض الآباء والأجداد والعلم، رافعة للحرية وانتصارا للشعوب".
وبدا البرغوثي فرحاً بدخول أول أحفاده إلى المدرسة، حيث يقول بلغة مبسطة وقريبة إلى الأطفال: "حبيبتي تاليا الفراشة الجميلة، اليوم أنا سعيد، وأشعر بالفرح، لأن أول أحفادي يذهب للمدرسة، فرحان لأن حبيبتي تاليا رايحة تطير مثل الفراشة، والبعض يسأل كيف بدها تطير؟ لكن ما حدا بعرف، أنا بعرف أن تاليا صارت بالصف الأول، وأنها شاطرة جداً، ورايحة تكون شاطرة أكثر في المدرسة، وكل ما تعلمت حرف جديد أو كلمة جديدة أو مصطلح جديد أو درس جديد، رايح يطلعلها جناحين حلوين مثل الفراشة، وتاليا الفراشة رايحة تكون مش بس بنت شاطرة كمان بنت حلوة وتطير بين الورد زي الفراشات والعصافير، ويمكن أعلى وأعلى، ويمكن تاليا تمر فوق سماء السجن، وهيك نشوفها وهي طايرة، ويمكن تهدي عشان أبوسها...".
وتابع: "حبيبتي تاليا الفراشة، أنا بحبك كثير، قد ما في هذه الدنيا من حب ومن شجر وحجر، وكل ما شفت فراشة أو طير أقول له سلموا على تاليا وسارة ورومي وسلموا على كل أطفال فلسطين الحلوين، سلموا على كل الذاهبين إلى مدارسهم، سلموا على تاليا أجمل وأشطر بنت في الصف الأول وسلموا على فلسطين وأهلها". ثم ختم: "جدك مروان أبو القسام.. سجن هداريم 22/ 8/ 2019".