قالت صحيفة The Daily Mail البريطانية نقلاً على لسان مشرفين يعملون في فيسبوك ويقضون أيامهم في حذف التعليقات البذيئة والمسيئة من موقع التواصل الاجتماعي إن رؤساءهم حاولوا معرفة معلومات سرية أدلوا بها لمعالجيهم النفسيين في مقر العمل أثناء جلسات الاستشارة الخاصة.
وحسبما قالت الصحيفة البريطانية، فقد وردت هذه المزاعم في خطاب كتبه «نحو 12 من المشرفين» الذين يعملون خارج مكتب فيسبوك في مدينة أوستن بولاية تكساس، وفقاً لتقرير نُشر في موقع The Intercept يوم الجمعة 16 أغسطس/آب.
وتجدر الإشارة إلى أن شركة Accenture المتعاقدة مع شركة فيسبوك هي التي تعين المشرفين، وتقول تقارير إنهم «مطالبون بمراجعة ما يصل إلى 800 مادة من المحتوى المزعج في نوبة واحدة».
وفي إطار وظيفتهم المثيرة للتوتر-التي تشمل القراءة والمشاهدة والاستماع إلى المواد المسيئة- تُقدَّم للمشرفين استشارات نفسية في مقر العمل ليتكيفوا مع طبيعة عملهم المؤلمة.
ولكن يزعم بعض الموظفين الآن أن مديري شركة Accenture يحاولون انتهاك هذه المساحة الآمنة والسرية.
حيث يدَّعي هذا الخطاب، الذي صاغته مجموعة من المشرفين الساخطين ونُشر بالكامل على موقع The Intercept، أن المديرين بدأوا في محاولات التطفل على جلسات العلاج في أوائل شهر يوليو/تموز، ومارسوا ضغوطاً على المعالجين لإفشاء محتوى محادثاتهم مع الموظفين.
وجاء في الخطاب: «رفض الاستشاري الكشف عما جرى مناقشته في جلسات العلاج، وأبدى قلقه من أن هذا يعد انتهاكاً للسرية. ومع ذلك، واصل المدير الضغط عليه بالقول إنه لا مكان للسرية لأنه ليس مقراً طبياً».
وورد فيه أيضاً: «رفض الاستشاري التحدث مجدداً. وهذا الضغط على استشاري يحمل رخصة لإفشاء معلومات سرية يعد في أفضل الأحوال خرقاً غير مسؤول للثقة التي يكفلها برنامج الصحة، وفي أسوأ الأحوال، يعد انتهاكاً محتملاً للأخلاقيات والقانون».
ووفقاً لموقع The Intercept، يُتًداول هذا الخطاب على نطاق واسع في شركة فيسبوك.
ويشير الموقع إلى أن أحد المعالجين العاملين في مقر العمل استقال بسبب محاولات الإدارة الحصول على مواد سرية.
حيث استجابت شركة Accenture لتقرير الموقع ونفت هذه المزاعم. وقالت الشركة: «هذه المزاعم غير دقيقة. إذ تأتي راحة موظفينا على رأس أولوياتنا وفرق الثقة والسلامة لدينا في أوستن يمكنها الحصول على الدعم الصحي دون قيود».
وليست هذه المرة هي الأولى التي يشكو فيها المشرفون علناً من مواقعهم في التسلسل الهرمي المعمول به في شركة فيسبوك.
إذ كشف تقرير نُشر في صحيفة The Washington Post الأمريكية في شهر مايو/أيار 2019 أن المشرفين تقاضوا أجوراً ابتدائية تبلغ 16.50 دولار في الساعة، وهو مبلغ زعم بعضهم أنه ليس كافياً لتغطية نفقاتهم دون الحصول على وظيفة ثانية.
وزعم بعضهم أيضاً أنهم يُعاملون معاملة «ثانوية» مقارنة بأولئك الذين يعملون في المكاتب الرئيسية لعملاق التكنولوجيا في كاليفورنيا.
وبرغم أن إدارة فيسبوك نفسها ليست مسؤولة مسؤولية مباشرة عن مثل هذه المحاولات المزعومة لانتهاك خصوصية الموظفين، فإنها تمثل أحدث الضربات للشبكة الاجتماعية التي تخوض صراعاً مع سلسلة من التقارير الإخبارية التي تضر بسمعتها.
وقالت شركة فيسبوك لصحيفة Daily Mail في بيان: «يجب على جميع شركائنا تقديم خطة لتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات تراجعها فيسبوك وتوافق عليها. وتشمل تلك الخطة نهجاً شاملاً للراحة النفسية والقدرة على مواجهة الأزمات يضع احتياجات موظفيها في المقام الأول».
وأضاف البيان: «يتلقى جميع القادة ومدربي الصحة تدريباً في التعامل مع هذا المورد البشري، ورغم أننا نعتقد أنه لم يحدث خرقاً للخصوصية في هذه الحالة، تعاملنا مع هذا الحادث على أنه فرصة لإعادة التأكيد على هذا الاعتياد في المؤسسة».
ففي يوليو/تموز 2019 ، وافقت شركة فيسبوك على دفع غرامة بمبلغ خيالي قيمته 5 مليارات دولار لتسوية تحقيق في انتهاك خصوصية بيانات لجنة التجارة الفيدرالية.
وكانت الغرامة التي دفعتها فيسبوك هي الأكبر في تاريخ النزاعات من هذا النوع، وتسلمت قائمة بالالتزامات بما فيها تطبيق «برنامج خصوصية».
وقالت لجنة التجارة الفيدرالية إن سياسة بيانات فيسبوك خدعت «عشرات الملايين» من الأشخاص الذين استخدموا أداة التعرف على الوجه على فيسبوك وانتهكت أيضاً قواعدها ضد الممارسات الخادعة عندما لم تكشف عن أن أرقام الهواتف التي جُمعت لتفعيل خاصية أمان ستستخدم في الإعلانات.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تعرضت فيسبوك لانتقادات حادة من مشرعين بسبب خططها لدمج أنظمة المراسلة في فيسبوك وإنستغرام وواتساب في نظام واحد.
وجدير بالذكر أن فيسبوك استحوذت على إنستغرام عام 2012 وخدمة الرسائل المشفرة واتساب عام 2014، وبدأت في دمج البنية التحتية الأساسية لهما مع تطبيق فيسبوك ماسنجر قبل أكثر من عام.
وفي الوقت نفسه، تعرضت شركة فيسبوك لانتقادات بسبب فشلها في وقف تدفق المعلومات المزورة و»الأخبار الزائفة» على النحو الكافي.
وفي العام الماضي، خضع مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، لاستجواب في الكونغرس الأمريكي، بعد أن تعرضت شركة موقع التواصل الاجتماعي العملاقة لانتقادات بسبب افتقارها إلى التنظيم.