كثيراً ما سمعنا عن العنبر ورائحته الجميلة التي تُستخدم في الكثير من العطور الثمينة، لكن هل سبق أن عرفت ما هو العنبر، وأن له فوائد صحية متعددة لا يعلم بها معظمنا.
العنبر عبارة عن أحفورة لشجرة تُسمّى بالراتنج، أو الشجرة الصمغيّة، التي دُفنت تحت الأرض، وجرت عليها تغييرات كيميائية وفقدان لكثير من العناصر.
ويكون حجر العنبر أو ما يُسمَّى بحجر الكهرمان على شكل عقيدات غير منتظمة أو قضبان أو على شكل قطرات، فيما تتنوع ألوانه، فهناك اللون الأصفر الذي يتخلَّله اللون البرتقالي والبني، وهناك اللون الأحمر نادر الوجود، بالإضافة إلى اللون الأبيض الحليبي، الذي يُسمَّى عنبر العظام.
ويكمن سبب تعكُّر العنبر في وجود العديد من فقاعات الهواء الصغيرة والدقيقة، ويتميَّز بوجود المئات من أنواع الحشرات والنباتات الأحفوريّة على شكل شوائب داخلها.
ويوجد العنبر الخام في جميع أنحاء العالم، ويكثر وجوده على طول شواطئ بحر البلطيق.
كان العنبر مادة ذات قيمة عالية منذ العصور القديمة، حيث تمّ العثور عليه قبل 11 ألف سنة قبل الميلاد، في مواقعٍ أثرية في إنجلترا.
كان يُعتقد أنَّ العنبر لديه قدرات الشفاء السحريّة، وكان يُستخدم لصناعة طلاء الورنيش منذ 250 قبل الميلاد.
العنبر المطحون كان يحظى بأهمية البخور نفسها، وتم تداوله بين التجار حول العالم.
ويمكن للعلماء تحديد المصدر الجغرافي للعنبر، واستخلاص النتائج حول طرق التجارة المبكِّرة من خلال تحديد نوع العنبر المستخدم في القطع الأثرية القديمة.
قبل 600 عام قبل الميلاد، قام الفيلسوف اليوناني تاليس بفركِ العنبر مع الحرير، وأدّى ذلك إلى جذب الغبار والريش، ويعتقد أن هذه الكهرباء الساكنة هي خاصية فريدة من نوعها للعنبر حتى القرن السادس عشر، عندما أثبت عالم اللغة الإنجليزيّة ويليام جيلبرت أنه كان صفة للعديد من المواد والتي سمَّاها بالتكهرب، وباليونانية إلكترون نسبةً إلى العنبر.
أما في النصف الغربي من الكرة الأرضيّة، فقد قام الأزتيكيون وشعب المايا بنحت العنبر وحرقه كبخور، بالإضافة إلى قيام هنود التاينو في جزيرة هيسبانيولا بإهداء العنبر إلى الرحالة كريستوفر كولومبوس.
وبدأت استخدامات العنبر الفنية في العام 1712، حيث تم تشييد غرفة طعام مصنوعة كاملة من لوحات العنبر للملك فريدريك الأول في دولة بروسيا، وفي القرن التاسع عشر حصل العنبر على أهمية جديدة عندما بدأ العلماء الألمان دراسة الأحافير المتضمنة فيه.
تتنوع فوائد العنبر، ومن أبرزها:
يستخدم للتقليل من آلام التسنين عند الأطفال، بالإضافة إلى التخفيف من الترويل الناتج عن التسنين، وذلك لأن العنبر يحتوي على حمض السكسينيك.عنبر الحوت
هو مادّة شمعية ويعتبر من أنواع الطيب، وسُمّي بهذا الاسم لأنه يُستخرج من بطن أحد أنواع الحيتان الذي يُطلق عليه اسم حوت العنبر.
يتم استخدام عنبر الحوت كمادة مثبّتة لأفخر أنواع العطور، وتتعدد ألوان هذا النوع من العنبر؛ فهناك اللون الأبيض والأصفر والأزرق والأسود والرمادي والمختلط.
أما أفضلها فهو اللون الأشهب، ويأتي بعده الأزرق وأقلّها جودة هو الأسود، كما أن للعنبر الحوت رائحة طيبة تشبه رائحة المسك، ويمتاز باستخداماته وفوائده المتعددة ومن أبرزها:
العنبر البلطيقي
هو عنبر غير محدد اللون أو الشكل وينشأ في منطقة البلطيق، ويُستخدم في صنع المجوهرات ذات الجودة العالية، بالإضافة إلى الإبداعات الفنية.
العنبر الحقيقي
وهو المصطلح الذي يشمل عنبر البلطيق الطبيعي والعنبر المضغوط، وكلاهما لا يحتويان على أي إضافات ونسبة العنبر بهما 100%.
العنبر المضغوط
وهو عنبر مصنوع من قطع صغيرة وحجارة ذابت معاً تحت الضغط العالي، ويصعب تفريقها عن العنبر البلطيقي، ولكنها في العادة منتظمة الشكل.
الأمبرويد
وهو منتج يتكون من قطع صغيرة من العنبر ضمن البلاستيك، ويكون البلاستيك ملوناً.
الكوبال
وهو عنبر شابّ، ويوجد في جمهورية الدومينيكان وما حولها، وهو ناتج مجموعة مختلفة من الأشجار، ويحتوي هذا النوع من العنبر على كمية أكبر من الحشرات مقارنةً بعنبر البلطيق، الأمر الذي جعل قيمته عالية، لكنه يختلف كثيراً عن عنبر البلطيق فهو أصغر عمراً وله خصائص مختلفة، لأن أصله من أنواعٍ مختلفةٍ من الأشجار.
العنبر المقلّد
وهو عنبر غير أصلي ومقلّد مصنوع من البلاستيك والزجاج الملون ويرجع أصله إلى شجر الراتنج الحديث.
العنبر الأخضر
يحظى هذا النوع من العنبر بشعبية كبيرة بين الناس، وغالباً يعتمد سعره على مدى عمق اللون الأخضر فيه، فالأخضر الغامق مثلاً سعره أكبر من سعر العنبر الواقع بين الأصفر والأخضر.
العنبر الأحمر أو عنبر الكرز
وهو عنبر ينتج عن طريق تعريض العنبر لدرجات حرارة عالية جداً، ونسبة اللون الطبيعي فيه هي 2-3% فقط، وكان هذا النوع من العنبر يرتديه الناس الأغنياء فقط، وكان من الصعب جداً العثور عليه، أما اليوم فهو متوفر بكل سهولة وبتكلفة ليست باهظة.
العنبر الأزرق
ويعتبر هذا النوع من العنبر نادر الوجود، الأمر الذي يجعله باهظ الثمن، ونسبة العنبر الأزرق من بين أنواع العنبر هو 0.2%، ويتميز العنبر الأزرق بأن لونه يتّضح عند تعريضه إلى الإضاءة الصحيحة وبالطريقة الصحيحة، فخلاف ذلك سيبدو وكأن لونه بني أو أصفر.
كما أنه يحتوي على مادة الفلورسنت، والتي يمكن أن تتحول إلى اللون الأزرق الفاقع جداً عندما يتعرض العنبر لضوء الفلورسنت، ويكثر وجود هذا النوع في الجمهورية الدومينيكية، ويندر وجوده في منطقة البلطيق.
أما في العصور القديمة فقد كان الناس يعتقدون أن هذا النوع من العنبر يساعد على السيطرة على أرواح الهواء والنار والمياه، وكذلك الحصول على النعم من الآلهة.
العنبر الأسود
وتبلغ نسبته من بين أنواع العنبر الطبيعية 15%، وينتج هذا النوع من خلال خلط شجرة الراتنج مع التربة والحطام والشوائب الأخرى، وعند وضع العنبر الأسود ضد الضوء فسيبدو لونه لوناً غير الأسود كالبني أو الأحمر، لذلك فإن بعض الناس يدعونعدم وجود العنبر الأسود.
العنبر الأصفر
يعتبر الأكثر شيوعاً ونسبته من بين أنواع العنبر الأخرى هي 70%، ويكثر وجوده في منطقة بحر البلطيق، ويحظى بأهمية كبيرة؛ وذلك لجودته المرتفعة، ويعتمد درجة لون العنبر الأصفر على عدد فقاعات الغاز الموجودة فيه، فكلما زاد عدد هذه الفقاعات قلّت درجة لون العنبر الأصفر وأصبح فاتحاً أكثر