اشتعلت الساحة الكويتية اليومين الماضيين على وقع الحديث عن تسبب حبوب إنقاص الوزن -التي روجت لها المغردة الشهيرة خلود الزهر (الدكتورة خلود)- في وفاة عروس قبل يوم واحد من موعد زفافها.
وطالب نشطاء الجهاتِ المعنية باتخاذ خطوات جادة لمواجهة الاستغلال السيئ لمواقع التواصل في الترويج لمنتجات قد تشكل خطرا على حياة مستخدميها الذين يقبلون عليها تحت وقع الثقة في شخص المروجين أنفسهم، وقد ردت وزارة الصحة بإعلانها فتح تحقيق في الواقعة.
وبدأت الأحداث مع نشر طبيب أسنان معروف تغريدة أكد فيها وفاة الفتاة وتدعى فاطمة الزهراء عقب تناولها حبوبا للتخسيس أدت إلى مكوثها عدة أيام في العناية الفائقة عقب فشل أجهزة الجسم الحيوية في القيام بوظائفها، لينتهي الأمر بوفاتها الأربعاء الماضي قبل يوم واحد من الموعد المحدد لزفافها في 19 يوليو/تموز الجاري، وهي التغريدة التي أعلن لاحقا حذفها بناء على طلب أهل المتوفاة احتراما للخصوصية.
ونقل حساب المجلس الكويتي (أحد الحسابات الإخبارية المحلية على تويتر) عن والد الفتاة قوله إنها اتبعت حمية غذائية قاسية على مدار أسبوعين، وهو ما تسبب لها في مشكلات طبية، وإن عددا من الأطباء أكدوا له أن المكمل الغذائي المثار حوله الضجة بريء من قتلها.
بدورها أكدت الزهر (وهي طبيبة بوزارة الصحة تشتهر باسم الدكتورة خلود) أنها بريئة من التسبب في وفاة الفتاة، مشيرة إلى تواصلها مع أسرة الضحية وتقديمها التعازي وأنهم نفوا توجيه أي اتهام لها بالتسبب في الأمر.
مشاهدة تغريدات العبدلي نيوز الأخرى
وأضافت الطبيبة -في حديث مع الجزيرة نت- أن المنتج المعروف بالحبة الوردية مكمل غذائي يباع في كبرى الصيدليات بالكويت، ويعتبر بديلا لعمليات بالون المعدة التي تعد أحد أساليب التخلص من الوزن المفرط، ولذلك استغل بعضهم الواقعة لمهاجمتها لأغراض شخصية خاصة بعد بيع نحو ستين ألف علبة من المنتج منذ إعلانها عنه بعد حصولها على ترخيص من وزارة الصحة.
وتركز وزارة الصحة ممثلة في قطاع الرقابة الدوائية جهودها منذ فترة على التصدي لمن يخالفون القوانين عبر الإعلان عن دواء أو مستحضرات طبية دون الحصول على تصريح منها حتى ولو كان المنتج مصرحا به.
ويحظر القانون الكويتي الإعلان عن الأدوية البشرية أو البيطرية والخلطات والتركيبات ومستحضرات التجميل والمكملات الغذائية قبل الحصول على ترخيص من وزارة الصحة التي تملك حق إحالة المخالفين إلى النيابة العامة.
وبحسب نص القانون نفسه فإن المخالفين يواجهون الحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تتجاوز ألف دينار (نحو 3200 دولار) أو إحدى هاتين العقوبتين، وهي العقوبة التي يرى كثير من المتابعين أنها لا تتناسب وحجم الضرر الذي قد يترتب على المخالفة في كثير من الأحيان.
ويؤكد الوكيل المساعد لقطاع الرقابة الدوائية عبد الله البدر أن الوزارة بدأت منذ 2018 حملة مكثفة لمواجهة المخالفين للقانون بعد قيام مشاهير مواقع التواصل وبينهم أطباء وصيادلة ومختصون في المجال الصحي بمخالفة القانون عبر الإعلان عن أدوية أو مكملات غذائية دون الحصول على تصريح من الوزارة.
ويضيف البدر للجزيرة نت أن 26 من المشاهير أحيلوا إلى النيابة منذ بداية الحملة العام الماضي، وأنها عمدت منذ انتشار الواقعة الأخيرة إلى مراجعة ملف التسجيل وإعادة تحليل المنتجات التي دار الحديث حولها، نافيا وجود أي شكوى بهذا الخصوص من أهل الفتاة.
نوع من الغش
ويؤكد الوكيل المساعد بوزارة الصحة أن أكبر مشكلات مثل هذه الإعلانات هو تركيز المعلِن على الآثار الإيجابية للمنتج دون ذكر الآثار الجانبية، وهو ما يعد نوعا من الغش كونه لم يعط المريض الصورة كاملة، بينما تشترط الوزارة ذكر السلبيات والإيجابيات والتأكيد على ضرورة استشارة طبيب معالج.
ويقدر حجم سوق الدواء بالكويت بما يزيد على خمسمئة مليون دينار سنويا (نحو 1.6 مليار دولار) ويبلغ عدد الأدوية المسعرة والمسجلة بالوزارة 5269، وعدد المكملات الغذائية المسجلة 2192 صنفا، ويوجد بالسوق شركة دواء محلية واحدة لديها مصنع للإنتاج والباقي يستورد مما يفتح المجال لوجود عمليات تهريب بعيدا عن الرقابة.
ويرى الإعلامي حمد العلي أن هذه الظاهرة يرتبط بها عدة أطراف أبرزهم المشاهير من أصحاب الحسابات الكبيرة الذين قد يتعرضون للخداع من أصحاب الإعلان أنفسهم بتقديم معلومات مضللة حول سلامة موقف المنتج، وكذلك المستهلك الذي يجب أن يتحلى بالوعي الكافي في التعاطي مع مثل هذه الإعلانات وأن يملك معلومات وافية بشأنه.
ويرفض العلي -في حديث للجزيرة نت- فرض قيود إضافية أو وضع ميثاق شرف يحكم الإعلانات عبر مواقع التواصل انطلاقا من أن اللجوء إليها يتم في الأصل هربا من القيود وبحثا عن مساحة أوسع من الحرية، سواء على مستوى الخبر أو المحتوى الإعلاني، مؤكدا أن الرقابة الذاتية أحد الحلول المطلوب تفعيلها إضافة لدور الجهات الحكومية. (الجزيرة نت)