يبدأ الأطفال الرضع في التواصل منذ يوم ولادتهم، وتكون هناك أوقات حرجة من التطور السريع عندما يكون الدماغ أفضل قدرة على اكتساب الكلام (الإنتاج الصوتي) واللغة (فهم الكلمات واستخدامها).
مع نمو الأطفال الصغار، تصبح مهارات التواصل لديهم أكثر تعقيداً، فيتعلمون فهم اللغة واستخدامها للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم والتواصل مع الآخرين.
الآباء والأمهات وأفراد الأسرة ومقدمو الرعاية هم أهم المعلمين ونماذج الاتصال التي يراها الأطفال، لذلك يجب تعلم كيفية تحقيق أقصى استفادة من هذا الوقت الحاسم، ومعرفة أن تفاعلاتك اليومية مع أطفالك تساعد على بناء أدمغتهم ودعم تطور التواصل لديهم.
هنا ستجد ما تحتاج إلى معرفته عن كيفية التواصل مع أطفالك بإيجابية، و دعممهارات التواصل لديهم.
يتطور الأطفال بمعدلات مختلفة، لكن معظمهم يتبعون جدولاً زمنياً مُتوقعاً لتعلم الكلام واللغة، معالم التواصل هي مهارات يتوقع أن يحصل عليها الأطفال في المتوسط في عمر معين، تعتمد هذه المعالم على بعضها البعض وتساعدنا على معرفة ما إذا كان نمو الطفل على المسار الصحيح.
من المهم للوالدين التعرف على مراحل التواصل النموذجية، حتى يتمكنوا من دعم نمو أطفالهم وطلب المساعدة في وقت مبكر إذا كان أطفالهم يعانون من شيء ما.
خلال السطور التالية ستجد معالم عامة للسمع والاستماع والكلام واللغة والتطور المعرفي لدى الأطفال من الولادة وحتى عمر العام، ضع في اعتبارك أن التطور قد يتغير وأن الطفل قد يتطور بسرعة أكبر في منطقة ما عن منطقة أخرى، وقد لا يتمتع طفلك بجميع المهارات المُدرجة حتى نهاية الفئة العمرية.
1- السمع والتفاهم: فيظهر على الطفل التفاعل مع بعض الأصوات التي تصل إليه، مثل إظهار الدهشة عند سماع الأصوات العالية، الهدوء أو الابتسامات عندما تتحدثين، التعرف على صوتك والهدوء أثناء البكاء عند سماع صوتك.
2- التحدث: يُصدر الطفل بعض الأصوات والغمغمات، يبتسم للناس، لديه صيحات مختلفة لتلبية الاحتياجات المختلفة.
سيبدأ الطفل في محاولة نسخ الأصوات التي يسمعها، ستلاحظ أنه بدأ يستكشف أصواته، ويمكنه رفع صوته أو خفضه أثناء مُحاولة التعبير عن مشاعره، استخدم الضوضاء لتشجيعه على ترديد الكلمات.
يجب توسيع المحادثات الخاصة بك، عند التحدث، تحدث ببطء وابدأ في التأكيد على كلمات معينة، على سبيل المثال، امسك كرة وقل: «هل تريد كرة؟ هذه هي الكرة الخاصة بك.» ثم الصمت لتشجيعه على الاستجابة.
عرّف طفلك على أشياء مختلفة، عندما تنظر إلى شيء ما، أشر إليه وأخبره ما اسمه، اقرأ لطفلك كل يوم، وخاصة كتب الصور والمجلات الملونة.
سوف يبدأ الطفل في فهم كلمات معينة مثل «لا»، ويردد بعض الكلمات أيضاً مثل «ماما» أو «دادا»، وبحلول الوقت الذي يبلغ فيه عمر العام سيفهم أيضاً بعض الأوامر، استمر في الحديث عما تفعله أنت وطفلك وتعريفه على أسماء الأشياء المُحيطة به.
اذكر لطفلك أسماء كل الأشياء التي يتصل بها، مثل: لعبة، وملعقة، وحليب، وما إلى ذلك، وابدأ أيضاً في الإشارة إلى أجزاء الجسم أشر إلى ذراعه وقل «ذراع» وأشر إلى ذراعك وقل «ذراع بابا» أو «ذراع ماما».
يجب استخدام عبارات إيجابية لتوجيه سلوك الطفل، فبدلاً من قول «لا تقف»، يمكن قول «حان وقت الجلوس»، وعندما تحتاجين إلى منع طفلك من القيام بشيء ما ، قولي «لا». لا تصرخي أو تقدمي تفسيرات طويلة.
قومي بغناء الأغاني ذات الحركات التمثيلية، واستمتعي بتمثيل الأغنية مع طفلكِ، يحب الأطفال في هذا العصر تقليد الكلمات التي يسمعونها.
كما ترين يحدث التواصل قبل وقت طويل من نطق الأطفال للكلمات الأولى، والتي تحدث عادةً عند حوالي 12 شهراً، وتستمر المهارات في التطور من 4 إلى 6 أشهر ومن 7 إلى 12 شهراً ومن سنة إلى سنتين ومن 2 إلى 3 سنوات ومن 3 إلى 4 سنوات ومن 4 إلى 5 سنوات وما بعدها.
يتعلم جميع الأطفال التواصل حسب وتيرتهم، لا تقلقي كثيراً إذا كان طفلكِ لا يتكلم بالسرعة التي توقعتها، إذا كانت لديكِ مخاوف حقيقية، فتحدثي مع طبيبكِ حول هذا الموضوع، وقد يوصي الطبيب بطلب المساعدة من أخصائي السمع، أو أخصائي أمراض النطق/ اللغة للتحدث واللغة.
في بعض الأحيان، قد يُخبر الأصدقاء أو الجيران أو غيرهم من المعارف أولياء الأمور بأنه يجب عليهم الانتظار والتعرف على ما إذا كانت مشاكل التواصل مع أطفالهم تختفي مع الوقت أم لا، وعلى الرغم من أنه من الصحيح أن بعض الأطفال يتأخرون في تحقيق بعض التطورات، إلا أن البحث عن التقييم عاجلاً وليس آجلاً أمر مهم لبدء العلاج فوراً عند اكتشاف أي مشكلة، فمعالجة مشاكل الاتصال في وقت مبكر يكون أفضل كثيراً.
هناك بعض المهارات في التواصل مع الأطفال، هذه المهارات هي التي تُمكنك من مساعدة طفلك والتواصل معه بإيجابية؟ هنا ستجد بعض هذه المهارات التي يجب التحلي بها:
– تحدث، تحدث، ثم تحدث أكثر. خلال أنشطتك اليومية، تحدث عما تفعله أنت وطفلك، اسأل وأجب على الأسئلة، سيتعلم طفلك ربط الكلمات التي تقولها بالأشخاص والإجراءات والأشياء والمشاعر التي تصفها.
– شجع تواصل طفلك الذي مازال في بداياته، استمع لأصوات و كلمات طفلك واستجيب لها، بما في ذلك الهذيان، قلّد أصواته أو كلماته وأضف إليها أصوات وكلمات أخرى، حاول أن تُعلمه كلمات جديدة أثناء تحركك الدائم معه.
– اقرأ كل يوم، بدءاً من الأيام الأولى بعد الولادة، يمكن اختيار الكتب ذات القوافي والألوان الزاهية، والصور، اقرأ لطفلك مع محاول التعبير عمّا تقرأه، وأشر إلى الكلمات كما تقولها؛ إذا كان هناك شيء من الموجود في صور الكتب موجود حولك في الحياة الواقعية أيضاً أشر إليه وردد الاسم مراراً للطفل.
قم بإنشاء روتين يومي مثل القراءة على السرير قبل النوم أو القراءة خلال أوقات مُعينة من اليوم.
– استخدم الأغاني ورددها على مسامع طفلك.
– تحدث بوضوح وبشكل طبيعي واستخدم أصوات الكلام الصحيحة.
– صف الكائنات التي لها أحجام وألوان مختلفة، واستخدم كلمات المقارنة مثل طويل وقصير.
– شجع على التظاهر باللعب، مثل التظاهر بالتحدث على هاتف لعبة.
– عندما يكبر الطفل قليلاً ويحاول التحدث معك، لا تقاطع أو تنظر بعيداً، فيجب أن يعرف أنك مهتم بالاستماع إليه.
– انظر لطفلك في عينيه، هذا يجعله يستجيب بشكل أفضل للخطاب إذا نظرت إليه بشكل صحيح.
– الحدّ من مقدار التلفزيون الذي تراه وتسمعه، الكثير من التعرض للتلفزيون يمكن أن يعيق نمو اللغة لدى الأطفال، علاوة على ذلك، يكون تواصلك مع أطفالك أكثر متعة من الصوت على الشاشة.
– اسأل دوماً «لماذا؟»، مثل «لماذا نحتاج إلى تناول وجبة الإفطار؟»، وكن مستعداً للإجابة عليها أيضاً، قد يكون هذا مُناسباً للأطفال الأكبر سناً.
إذا كنتِ تتحدثين إلى طفلكِ بينما تقومين بتغيير حفاضاته، أو إذا كنتِ تغنين لطفلكِ أثناء احتضانه قبل النوم، فهذه أمور إلى جانب كونها ممتعة فهي ضرورية أيضاً، كما سبق الذكر، لتطور الطفل، فدماغه الصغير يمتص الأصوات والنغمات واللغة التي ستستخدمينها ليقول كلماته الأولى.
يميل الأطفال الذين لديهم آباء يتحدثون معهم غالباً إلى تكوين مهارات لغوية ومحادثة أقوى من الأطفال الذين لا يفعل آباؤهم ذلك، كذلك يميل الرضع إلى إيلاء المزيد من الاهتمام والاستجابة بحماس أكبر إلى حديث الطفل أكثر من حديث البالغين، فالأطفال الذين يتعرضون بدرجة أكبر إلى حديث الأطفال يعرفون المزيد من الكلمات في سن الثانية عن أقرانهم.
يحدث 80% من النمو الذهني للطفل خلال السنوات الثلاث الأولى من عمره، يُشكل دماغ الطفل أيضاً الروابط التي يحتاجها للتفكير والتعلم ومعالجة المعلومات، هذه الروابط تسمى نقاط التشابك العصبي، وهي تتشكل بمعدل سريع للغاية، حوالي 700 في الثانية في السنوات القليلة الأولى.
التحدث إلى طفلك يحفز نقاط التشابك الهامة هذه في جزء الدماغ الذي يتعامل مع اللغة، كلما زاد عدد الكلمات التي يسمعها الطفل، زادت قوة تلك الروابط الذهنية، يمكن لهذه العملية أن تعزز مهارات طفلك اللغوية المستقبلية وقدرته على التعلم.