د. حسن المومني
انه من الواضح بأن ما يسمى بصفقة القرن باتت على وشك الاعلان عنها بالمستقبل القريب وبغض النظر عن المواقف الاستباقية للاطراف المعنية خصوصا الفلسطينيين والأردن فان خيارات هذه الاطراف محدودة ضمن سيناريوهات بالرفض والقبول اومحاولة احتوائها وتطويرها لتصبح مقبولة للأطراف،ومن البديهي ان هذه السيناريوهات المحتملة تتطلب الاشتباك والدخول في عملية تفاوضية قائمة على المساومة اقطابها اسرائيل والاطراف العربية المعنية واللاعب الأهم هنا الولايات المتحدة الأمريكية بقضها وقضيضها من حيث قوتها ومكانتها العالمية ودورها المحوري في هذا الصراع التاريخي ممثلة برئيس استثمر كثيرا برؤيته الغير مسبوقة من اجل حل هذا الصراع. هذا اضافة الى ما سبق فان الاطراف المعنية تتمتع بروابط وسياقات استراتيجية مع الولايات المتحدة تجعل من امكانية رفض هذه المبادرة رفضا تاما دون الاشتباك امرا صعبا.
لذا ومن منطلق واقعي قائم على قاعدة ان الاشتباك لا يعني الموافقة فان احتمالية اشتباك وتعاطي الاطراف المعنية وبالذات الأردن هي عالية جدا.اخذين بعين الاعتبار تعقيدات العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية والوضعين الاقليمي والدولي وفق ذلك كله التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن، امام هذا كله يبرز على السطح سؤال مهم جدا متعلق بمدى الاستعداد والتحضير المسبق للتعاطي مع هذه المبادرة وبخاصة وانه ومنذ عامين يتم الحديث والتشاور مع الاطراف المعنية بحسب ما افاد المهندس الرئيسي لهذا المشروع جاريد كوشنر في حديثه الأخير في معهد واشنطن للشرق الأدنى، فالمنطق البديهي في ادارة النزاعات يفيد بأن الطرف الأكثر تحضيرا هو الأكثر قدرة على التعاطي مع متغيرات وديناميكيات المساومة التفاوضية وبالتالي التأثير بتوصياتها علما بان مفاوضات الصراعات المعقدة لا تجري في فراغ وانما في بيئة معقدة وديناميكيات سريعة قد تحمل في كثير من الأحيان مفاجات غير متوقعة ولا تحمد عقباها، ولنا في الأردن تجربة مريرة في مثل تلك المفاجات كما حدث في المفاوضات العربية الاسرائيلية في تسعينيات القرن الماضي، وبالرجوع الى السؤال المركزي هل هنالك استعداد للتحضير من خلال صياغة استراتيجية محكومة بأهداف واضحة للتعاطي مع هذه المعضلة اضافة الى تشكيل فريق او خلية قادرة على ادارة تعقيدات هذا الوضع المعضلة، ام انه هنالك حالة من الاضطراب وقلة الحيلة وبالتالي التعامل بأسلوب كارثي من خلال ردة الفعل القائمة على خطاب عاطفي لا يسمن ولا يغني من جوع مقرون باستراتيجية (انتظر وترقب).
اننا هنا في الاردن وعطفا على ما ذكر من تعقيدات لا نملك سوى حتمية ان يكون هنالك مثل هذه الاستراتيجية حيث نمتلك الكثير من الأدوات والقدرة على صياغة استراتيجية واضحة الاهداف والأولويات سيما اننا تعاملنا ونتعامل مع هذا الصراع منذ نشأته ونمتلك الخبرة الكافية في ادارة النزاعات ممثلة بقيادة حكيمة وخبرات بشرية في هذا المجال وعليه آمل ان تكون لنا استراتيجية مستبصرة تمكننا من التعاطي مع هذا الوضع المعقد لا بل مع تطورات اليوم التالي اي ما بعد الصفقة//.