القاهرة - (د ب أ):
استنكر أحمد قذاف الدم المسؤول السياسي لـ"جبهة النضال الوطني" الليبية ما يتردد عن وجود صفقة بين المشير خليفة حفتر قائد ما يسمى بـ"الجيش الوطني الليبي" وبين أنصار العقيد الراحل معمر القذافي من رجال قبائل وعسكريين يتم بمقتضاها تقديم كافة أشكال الدعم العسكري واللوجيستي لحفتر مقابل قيامه بتقاسم السلطة معهم في حال انتصاره على حكومة الوفاق الوطني والميلشيات الموالية لها بالعاصمة طرابلس.
وشدد، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، على أن "الشيء الوحيد الذي يدفع أنصار القذافي وكل أبناء ليبيا من الوطنيين الشرفاء لدعم الجيش الليبي بمعركته الراهنة هو محاولة إنقاذ وطنهم المختطف على أيدي عصابات إجرامية ومليشيات إرهابية ومرتزقة قدمت إليه من كل حدب وصوب، وتطلعهم سويا للخلاص من كابوس الصراع المسلح والفوضى العارمة التي تغرق بها منذ ثماني سنوات" .
وقال :"لا توجد صفقات لا لتقاسم السلطة ولا لغيرها ... الوطن مختطف وعندما يُسترد سيكون هناك حديث عن المعركة السياسية والتحضير للانتخابات وعقد التحالفات وكل هذا، أما قبل ذلك فلا مجال لمثل تلك الأحاديث".
ووصف ما يثار في هذا الشأن بأنه "تضليل إعلامي تمارسه دول تدعم العصابات والميلشيات والحكومة العميلة الموجودة بطرابلس والتي جاءت للبلاد على متن أحد الزوارق تحت الحماية الإيطالية، ولا تملك من أمرها شيئا ولن تظل قائمة دون حماية العصابات والميلشيات الإجرامية الموالية لها"، وأضاف :"هؤلاء هم من عقدوا الصفات وهم من قتلوا الليبيين ونهبوا مقدرات وثروات البلاد وحولوها إلى مرتع لكافة أشكال الجريمة من تهريب للسلاح وإتجار بالبشر، فضلا عن تحويلها إلى مركز لنشر الإرهاب والفوضى بالمنطقة، وتحديدا لدول الجوار الليبي".
كما استنكر ما يتردد من أن ثمن دعم أنصار القذافي للجيش هو تعهد حفتر بعدم تسليم سيف الإسلام للمحكمة الجنائية الدولية، وقال :"من يقولون هذا يتناسون أن ليبيا غير موقعة على نظام روما المؤسس لهذه المحكمة، وبالتالي فقرارات الأخيرة غير ملزمة لها، كما أن القضاء الليبي برأ سيف الإسلام، وينطبق عليه أيضا قانون العفو ... ولا داع للمزايدة حول دوره أو موقفه فيما يتعلق بالمعركة الراهنة لأنها معركة الليبيين جميعا لا شخصا بعينه ... وهو بالأساس لم يتحدث منذ خروجه من الأسر".
واعتبر قذاف الدم، وهو ابن عم معمر القذافي وطالما وُصف بأنه أحد كبار المسؤولين الأمنيين في النظام الليبي السابق، أن معركة طرابلس أصبحت في حكم المنتهية خاصة مع استدعاء الجيش مؤخرا لقوات الاحتياط، مرجعا عدم حسم المعركة رغم انطلاقها منذ ثلاثة أسابيع، فضلا عن تراجع قوات حفتر في بعض المواقع التي كانت قد سيطرت عليها في البداية، إلى الحرص على حماية المدنيين.
وقال :"الجيش ليس جيش غزاة، وهو يمارس مهامه بحساسية شديدة حرصا على الأرواح وحرصا على مقدرات العاصمة ... هو ليس كالعصابات المجرمة التي لا تتردد في اتخاذ المدنيين دروعا بشرية أو ضرب أحياء سكنية بالصواريخ".
وحول توقعاته لاحتمال تدخل دول خارجية داعمة لحكومة الوفاق عسكريا ضد "الجيش الوطني"، قال قذاف الدم :"ليبيا كانت كالفريسة التي تتنازعها الضباع والكلاب ... واليوم مع دخول الأسد الأمريكي على الخط وإعلانه دعم جهود محاربة الإرهاب في ليبيا سيهرب الجميع ... هؤلاء لن يجرؤوا على اتخاذ أي مواقف تصعيدية فيما بعد، وعلى قطر وتركيا وغيرهما من الدول التي لا تزال ترسل السلاح للمليشيات بطرابلس ويدعمون تسلل الدواعش من تونس لحدودنا التوقف عن ذلك الآن".
إلا أن قذاف الدم، ورغم تثمينه للموقف الأمريكي، عاد ليؤكد على أن موقف الدول الداعمة للجيش لم يأت من فراغ، وقال :"هذا الدعم لم يأت من فراغ وليس مجانيا أو لوجه الله ... هؤلاء تأكدوا أن الدولة الليبية بموقعها الاستراتيجي بقلب أفريقيا وبثرواتها النفطية وشواطئها الطويلة المحاذية للشواطئ الأوربية قد أفلتت نهائيا من قبضتهم وأنه لم يعد بقدرتهم التحكم بأوراقها ... لقد أدركوا أن المليشيات والعصابات والمتطرفين بطرابلس وداعميهم بالمنطقة باتوا وحدهم هم المسيطرون ويلعبون لمصالحهم الشخصية فقط وليس لمصلحة الكبار كما كان الوضع من قبل ... الوضع بشكل عام تجاوز الخطوط الحمراء بالنسبة لهم، سواء فيما يتعلق بالإرهاب أو قوافل الهجرة غير الشرعية".
وعلق على دعوات وقف القتال والذهاب للمسار السياسي بالقول :"الجميع يدركون أن الحل السياسي لم يكن يوما قابلا للتطبيق في ظل عدم توزان القوى ... وتعليق القتال اليوم يعني بلا شك إعطاء فرصة لميلشيات طرابلس لاستعادة قواهم، كما قد يروجون للأمر على أنه نصر سياسي وعسكري لهم".
وأضاف :"البعض لا يدركون جديا حقيقة ما يجري على الأراضي الليبية، فالصراع الراهن ليس بين فرقاء سياسيين فرقتهم الأفكار أو حتى المصالح ليكون الحوار بينهم هو الحل، ما يجري هو صراع بين جيش وطني وبين عصابات إرهابية".
وتابع بالقول :"منذ ثماني سنوات، ونحن نراوح مكاننا في إدارة الصراع من مؤتمر لآخر، يبدو أنه لم تكن هناك إرادة دولية لحل سياسي ... فلو أرادت الدول الكبرى لكان الصراع قد انتهى في أقل من أسبوع مثلما اتخذوا قرار غزو ليبيا عام 2011 ... ولذا لابد أن نحترس من تكرار ذات السيناريو حتى لا نصل لنقطة الضياع وحلول التقسيم وفرض الوصاية ... لابد أن نأخذ زمام المبادرة ونذهب لدولة موحدة بجيش واحد وحكومة واحدة وشرطة وقضاء ... أما باب الحوار بين الفرقاء السياسيين فهو مفتوح وسيظل كذلك دائما".
وفيما يتعلق بإحجام عدد من السياسيين البارزين عن إعلان دعمهم للجيش الليبي، وما إذا كان هذا يعني تخوفهم من أن انتصار الجيش سيؤدي لتضاؤل فرصهم في الوصول لمقعد الرئاسة مقارنة بتعزيز فرص حفتر إذا ما قرر الترشح، قال قذاف الدم :"هؤلاء مجموعة يائسة من العملاء والكومبارس الذين جاءوا مع قوات حلف شمال الأطلسي التي غزت ليبيا عام 2011 ... الجيش جيش ليبيا والانتصار هو لليبيا ... وإذا ذهب حفتر للانتخابات ونجح فهذا حقه... وإذا لم يذهب فهو حر، والأمر ذاته ينطبق على سيف الإسلام أو أي مواطن آخر ... وعلينا جميعا التضافر الآن لتطهير أراضينا من المجموعات المتطرفة التي جاءت إلينا من تونس والعراق وتشاد والسودان ... من يتابع معركة العاصمة سيكتشف أن حجم الأجانب المشاركين بالقتال ضمن مليشيات طرابلس أكبر من عدد الليبيين".
واستنكر قذاف الدم ما يُطرح حول أن الدعم المصري لجهود الجيش الليبي يخفي وراءه رغبة في تقاسم ثروات البلاد النفطية، وشدد :"مصر تحديدا تضررت بشدة من جراء الصراع المسلح ببلادنا وتعرَض أمنها القومي للخطر، وبالتالي عندما تقوم بأي دور لتأمين حدودها فهذا حق مشروع لها ... ومن يثيرون هذه المزاعم يتهمون أيضا دولة الإمارات العربية بذات الأمر، رغم أنها دولة نفطية وليس لها وجود عسكري بمنطقتنا ....وقالوا أيضا إن حفتر وعد الأمريكيين بقواعد عسكرية رغم أنهم يعرفون جيدا أنه لا يستطيع ذلك لتيقنه من رفض الشعب الليبي لأي تواجد لقواعد أجنبية على أراضيه".
وعلق على الأنباء عن سقوط مئات القتلى والجرحى ووجود آلاف النازحين منذ بدء الاشتباكات بالقول :"نعم هناك ضحايا ونحن نأسف لهذا ... ولكن منذ متى والعالم يهتم بدماء الليبيين ... فدماء الليبيين لم تتوقف عن النزيف منذ ثماني سنوات في ظل الصراع المسلح الذي تخوضه الميلشيات، وإذا كان هناك إحصاء دقيق فأعداد من قضوا على يد تلك المليشيات هو الأكبر".