مروان العمد
لقد عاد الاٍرهاب ليضرب من جديد ، لقد عاد المجرمون ليمارسوا هواياتهم بالقتل والتدمير تارة بأسم الدين وتارة تحت تأثير العنصرية الشيفونية والتعصب العرقي . فبعد جريمة قتل المصلين في مسجدين بنيوزلندا من قبل شخص يميني حاقد عنصري ، والذي قام بقتل خمسين مسلماً في مسجدي نيوزيلندا من غير ان يكون بينه وبينهم أية علاقة او معرفة او خصومة بل فقط لكونهم مسلمين ، قام آخرون وبأسم الإسلام بقتل ثلاثمائة وعشرين شخصاً في كنائس وفنادق سيريلانكا دون ان يكون بينهم وبين الضحايا اي علاقة او معرفة او خصومة سوى انهم مسيحيون يحتفلون في عيدهم بكنائسهم وبعض فنادق سيريلانكا بحجة الانتقام للذين قتلوا في نيوزيلاندا كما أعلنت داعش التي تبنت الهجوم وكما اعلنت الحكومة السيرلانكية بأن هذا هو الهدف من هذه التفجيرات .
وبقدر تألمنا وحزننا على ضحايا نيوزيلندا الأبرياء فأننا حزينون على ضحايا تفجيرات سيريلانكا . فأذا كان دافع مجرم نيوزيلندا للقيام بعمليته كردة فعل على تدفق اللاجئين على الدول الغربية ونتيجة للعمليات الارهابية التي ارتكبتها بعض التنظيمات التي تتدثر برداء الإسلام ، فما ذنب مسلمي نيوزيلندا الذين لم يكن لهم علاقة بهذه العمليات الإرهابية والذين كانوا يعيشون بسلام وامان في نيوزلندا التي ذهبوا اليها بحثاً عن العمل والرزق وربما الأمان . واذا كان مجرمو سيريلانكا يريدون الانتقام لضحايا عملية نيوزلندا فما ذنب مواطني سيريلانكا وضيوفها سواء اكانوا مسيحيين او غير ذلك وما ذنب كنائسها وفنادقها وهم ليس لهم علاقة بعملية نيوزيلندا ومنفذها بل ربما هم عارضوها وادانوها ؟
لقد تعاطف الكثيرون مع المسلمين اثر جريمة نيوزيلندا وخاصة للطريقة الحضارية التي تعامل بها المسلمون معها وكذلك السلطات النيوزيلندية اثر وقوعها الى درجة جعلت العديد من الأشخاص يقدمون على دراسة الدين الاسلامي ويعلنون إسلامهم . والى اقتناع الكثيرين ان الاٍرهاب ليس صناعة إسلامية وان هذه تهمة ظالمة تعرض لها المسلمون ، فهل يريد مجرمو سيريلانكا محو هذا التعاطف والانطباع وإعادة فكرة ان الاٍرهاب هو إسلامي من خلال القيام بهذه العملية الوحشية التي خلفت هذا العدد الهائل من الضحايا وهذا الكم من الدمار ؟ هل هؤلاء المجرمون يدافعون عن الإسلام والمسلمين وينتقمون لهم ام هم يحاربون الإسلام والمسلمين بأفعالهم هذه ؟
لقد نسبت السلطات السيرلانكية الإعتداءات الى مجموعة إسلامية محلية وصغيرة غير معروفة وتدعى جماعة التوحيد الاسلامي وان هذه العملية كانت رداً انتقامياً على الهجوم ضد المسلمين في كريست تشيرش في نيوزيلندا ، الا انها قالت انها تحقق فيما اذا كان لهذه المجموعة دعم خارجي وخاصة ان حجم هذه العملية ووقوعها في عدة اماكن بأوقات متزامنة والوسائل التي استخدمت في تنفيذها يوحي بذلك .
فيما أعلن بيان صادر عن تنظيم داعش أعلنته وكالة اعماق التابعة للتنظيم ان ثمانية انغماسيين تابعين لها هم من نفذ هذا الهجوم والذي اطلقوا عليه الغزوة المباركة التي استهدفت من وصفهم التنظيم بالمحتفلين بعيدهم في إشارة لعيد الفصح المجيد . واوضح التنظيم ان عمليات الهجوم تمت عن طريق تفجير سيارة مفخخة وعن طريق استخدام الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة . وفي وقت لاحق نشرت وكالة اعماق صورة لمنفذي العملية الثمانية من غير إظهار وجوههم باستثناء احدهم .
وسواء ثبت ان من قام بهذه التفجيرات هم جماعة إسلامية محلية وان تنظيم داعش قد تبناها بعد وقوعها ، او انه هو الذي يقف وراءها فأن هذه العملية الإرهابية الدنيئة لا بد وان تكون محل إدانة وإستنكار وإعتبارها أنها ضد الإسلام والمسلمين كما هي ضد مواطنين مسيحيين يحتفلون في عيد الفصح المجيد . وكما عزينا أنفسنا والمسلمين وذوي ضحايا عملية نيوزيلندا ، فأننا يجب ان نعزي أنفسنا واخواننا المسيحيين وذوي ضحايا عملية سيرلانكا ونسأل الله ان يحتسبهم جميعاً شهداء وضحايا لهذا الاٍرهاب الأعمى .//