وفي متابعة للحديث عن موضوع حملات التشكيك التي يتعرض لها الاردن ، فأنه لابد من التأكيد ان التشكيك بهذه المواقف اخذ يتصاعد مع بدايات الربيع العربي وبلغ اوجه مع الحديث عن صغقة القرن . وسبب ذلك يعود للموقف الاردني المتوازن من احداث الربيع العربي بحيث نجح داخلياً في استيعاب الحراك الجماهيري الاردني المتزامن مع هذا الربيع دون ان يلجأ للحل الامني كما فعلت دول اخرى التي استخدمت العنف والقسوة لقمع جماهيرها مما ادى سقوط هذه الدول في مستنقعات الحروب الاهلية . وبذلك فقد نجى الاردن بنفسه مما كان يدبر له من داخل الغرف المغلقة التي كانت تحاك بها سيناريوهات هذا الربيع واماكن انتشاره . كما نجح الاردن بأن ينأى بنفسه عن التدخل المباشر بأحداث هذا الربيع في الدول الاخرى رغم الضغوط الشديدة التي تعرض لها من اجل ان يفعل ذلك وبنفس الوقت قام باستقبال من قدِم اليه من شعوب هذه الدول هرباً من الاقتتال وبحثاً عن الامان والأمان ، وقتسم معهم لقمة العيش وشربة الماء على قلة ما لديه من كليهما . وهذا الامر لم يرضي البعض ممن كانوا يحركون دمى الربيع العربي ويزودونها بالسلاح والمال لكي يقتل الاخ اخاه ويدمر منزله ويشرد عائلته ، والذين كانت لهم مخططاتهم لنشر هذا الربيع في الاردن لكي تستكمل حلقات الربيع في دول الطوق القريب والذي يليه حول الكيان الصهيوني . ولذلك تم شن حملات من التشكيك بالموقف الاردني من قبل تلك الجهات وتوجيه الاتهامات له بالقيام بادوار مزعومة في هذا الربيع . وقد تم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر هذه الادعاءات بحق الاردن وفي نشر الاشاعات عنه مستعينين بذلك ببعض ابناء الاْردن ممن باعوا انفسهم لأجهزة مخابرات مختلفة واتخذوا من الغرب مكاناً لاقامتهم ولشن حروبهم الاعلامية المدفوعة الثمن وعلى شكل اشرطة فيديو تتحدث عن احداث لم تقع اوتحرف احداثاً وقعت ويتم من خالها توجيه الاتهامات والاساءات للنظام ولرأس النظام جلالة الملك المعظم . وقد وجدت هذه الفيديوهات صدى لدى البعض من ابناء الاردن في الداخل والذين اخذوا في متابعة هذة الفيديوهات وتداولها وغالبيتهم فعل ذلك بحسن نية ولكن بعضهم بسوئها وبهدف اثارة ردود فعل داخلية قد تجعل الاستقرار في الاردن في مهب الريح . بل ان البعض اصبح مصدراً للأخبار الصحيحة والكاذبة عن الاْردن والتي يقوم بإرسالها لابطال الفيديوهات لكي يستخدمونها في فيديوهاتهم القذرة .كما تمت محاولة الاستفادة من الحراك الجماهيري الذي نزل الى الشارع للاحتجاج على حالات الفساد وعلى بعض الاجراءات والقرارات الحكومية القاسية وعلى ارتفاع الاسعار وعلى عدم العدالة بالتعينات وغيرها في محاولة لحرفه عن مساره بالاستعانة ببعض اصحاب الاجندات الخاصة والذين يلبسون لبوس المعارضة او الحراك الجماهيري ، او الطامين الى دور يقومون به او الذي فقدوا ادوارهم ويحاولون ان يبعثوا فيها الروح من جديد ، والذين نزلو للشارع وتقدموا الصفوف واخذوا في رفع سقف الشعارات والمطالب الى ما فوق الخطوط الحمر ، الا ان محاولتهم هذه بائت بالفشل نتيجة لوعي المواطنين المشاركين في هذا الحراك وعدم انسياقهم خلفهم .
ويضاف الى ذلك فأن الاردن قد تعرض الى حملات تشكيك في مواقفه بالنسبة للقضية الفلسطينية في كل مرة كان يجري فيها الحديث عن حل سلمي لها وبلغت حملات التشكيك هذه الذروة مع الحديث عن صفقة القرن واعلان الاردن على لسان جلالة الملك والحكومة الاردنية تمسكهم برفض التوطين ورفض حل الدولة الواحدة ورفض التنازل عن الرعاية الهاشمية على المقدسات الدينية في القدس . وكانت حملات التشكيك هذه ترتفع وتيرتها وتشتد اثر كل تصريح او حديث لجلالة الملك يعلن فيه عن تمسكه بهذه اللاءات الثلاثة حيث كانت تنطلق بعدها حملات التشكيك بهذا الموقف وتأويله على غير حقيقته . ويرافق ذلك شن حرباً من الاشاعات السياسية والاقتصادية بهدف التشكيك بالموقف الاردني او أضعاف اقتصاده وزعزعة الثقة به بالاضافة الى حملات التشويه واغتيال الشخصية لرجالات الاْردن السياسيين والاقتصادين وأظهارهم جميعاً بمظهر الفاسدين من خلال ما ينسب اليهم من أقوال او افعال .وكانت هذه الحملات ترتفع مع كل مرة يعلن الاردن فيها عن موقفه من صفقة القرن . فما هي صفقة القرن التي خرج بها علينا ترامب وادارته ، ولماذا كانت محاولات التشكيك بالموقف الاردني ترتفع كلما أعلن الاْردن ثوابته منها ، ومن هي الجهات التي تقف وراء ذلك ، وماذا تخبئ هذه الصفقه للاردن من صعقات وصدمات؟
هذا ما سأتناوله في مقال قادم
مروان العمد