فواز الكعابنة الف مبروك التخرج أمريكا بين الدولار وقطبيه النفوذ،،، المعايطة : الهيئة مسؤولة عن تطبيق القانون؛ ولايوجد حزبي بالولادة. منتخبنا يفوز على سبارطة التركي بالتسعة وزارة الخارجية ترحب بالرأي الاستشاري لـ محكمة العدل بعدم قانونية إسرائيل إنتاج: شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأردنية تعمل بشكل طبيعي رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا شبابيا من مركز ماعين حضور مميز لمبدع الكلمة المغناة مارسيل خليفة في "جرش" الفنانة فيوليتا اليوسف صاحبة مشروع "يلا نحلم" على المسرح الشمالي لـ"جرش" رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا شبابيا من مركز ماعين الناطق باسم الخارجية الصينية : تحقيق المصالحة الفلسطينية يخدم القضية العادلة للفلسطينين بعد خلل بأنطمة “Crowdstrike”…”الأمن السيبراني” تواصلوا معنا و ومع المزودين البنك المركزي الأردني: نعمل بشكل طبيعي وبكفاءة عالية الاقتصاد الرقمي: عُطل في أحد أنظمة الحماية العالمية أثر على العديد من الشركات حول العالم القيسي لوكالة الانباء الصينية شينخوا "نبحث عن أسواق تشبهنا" الملكية: لا تغيير على جدول رحلات الشركة “مهرجان جرش” ينظم “ملتقى الفن التشكيلي” دعماً لأهالي قطاع غزة أجواء صيفية عادية في أغلب المناطق اليوم وغدا وفيات الجمعة 19-7-2024 استشهاد 10 فلسطينيين جراء قصف الاحتلال منزلين وسط قطاع غزة
كتّاب الأنباط

هربت من وطني

{clean_title}
الأنباط -

أصدقائى الأعزاء 


عندما هربت من ويلات الحرب فى وطنى، طالبة اللجوء والحماية فى بلادٍ أخرى بعيدة، بدأ شغفى بأدب الحرب، بدأتها فى غربتى بقراءة رواية "كل شئ هادئ فى الميدان الغربى"، من تأليف الكاتب الألمانى "ماريا ريماركه"  كانت تلك الرواية العظيمة تتناول أحداث الحرب العالمية الأولى، وتركز بوجه خاص على حرب الخنادق. وعند وصول النازى هتلر إلى سُدة الحكم أمر بإحراق هذه الرواية تحديداً دون غيرها لأنها تبين بأكبر قدر من الإبداع بشاعة الحرب ولا جدواها... تأثرت كثيراً فى غربتى بتلك الرواية، إستوقفتى فصولها فى كل محطة من محطات حياتى الأخرى، وربما كانت تلك الرواية تحديداً هى مفتاح لجميع إبداعاتى اللاحقة للتأريخ عن أدب الحرب وفنونه، كنت دوماً فى غربتى أردد: لماذا قامت الحرب بيننا وبينهم؟... ثم أعود لأُصبِر نفسى ببضع كلمات أرددها: لستُ نادمة على شىء، ولستُ يائسة من شىء، ولستُ أشكو حقاً من شىء... كانت كلمات جدتى ترن دوماً فى أذنى بأن جدى لم يغير أبداً مواقفه وأن الحرب ستنتهى يوماً ما لا محالة. وإليكم نص كلماتى اليوم:


هل تشتاقين حقاً لوطنك؟... نظرت غاضبة وتحديت محدثى متعجبة: أشتاق؟، فكيف يمكن أن تشتاق لمعاناتك؟، وكيف تشتاق وأنت تدرك أن ما تشتاقه يشتاق قتلك وسجنك وإيلامك... فهل بعد ذلك كله تريدنى أن أشتاق... لا يا سيدى... أنا حقاً لا أشتاق! 


كانت أصعب معاناة عشتها فى غربتى هى تساؤلاتى تلك الحارة على مر السنين، كيف تتحول أنتَ فى غربتك لوطن آخر لأشخاص آخرين ستخلق أنت عذاباتهم على مر السنين؟


كان أول سؤال حقيقى وُجِه لى من مكتب اللجوء فى غربتى الأخيرة، صفى لنا سيدتى إضطراب مشاعرك هنا، بين ما كان يعنيه لكِ الوطن وما عانيته حقاً من هذا الوطن؟... سيدى، لقد عشتْ إضطراب المشاعر داخلى، بين ما يعنيه الوطن وما عانيته حقاً فى هذا الوطن، أتذكر جلياً بوابات المطارات... ساحات الوصول، وتلك الذئاب الرابضة على بوابات التفتيش فى إنتظارنا هنا أو هناك... لا تفارق خيالى بتاتاً قوائم الأسماء والإستجواب والإنتظار وضابط الأمن والسجان... لذلك، لكل ذلك يا سيدى فأنا أبحث هنا بينكم عن وطن... عن هوية... عن أمان، فهل يمكن أن تعطوننى فرصة مهلة أخيرة للحياة؟ 


سألتنى جدتى وأنا فى غربتى، هل نجحتِ؟ هل حققتِ ذاتك يا بُنيتى هناك؟... فإنتفضت لسؤالها كاشفة فى دنيا المنفى يا جدتاه لا يصبح هدفك النهائى هو النجاح، بل ضمان إستمرار المنفى، إنها حرب البقاء بعيداً عن من يريد إفتراسك فى وطنك،  فالأمر يا جدتى الحبيبة أشبه بمعركة لأجل إستمرار الألم حتى لا يتوقف النبض!


وماذا فعلتِ عندما قامت الحرب؟... تنفست باكية كنتُ أمرُ فى أزِقة لا تعرفنى ولا أعرفها، كنت أمشى مع إمرأةٍ أخرى قابلتها صدفة عاشت تقريباً نفس ظروفى أرافقها وترافقنى... وتبدلت أحوالنا إلى أسوأ حال... وكنت أتساءل حينها: فكيف ستولد من بعدنا الأجيال؟... والدى يعمل ويشقى من أجل فقط أن نعيش ونبقى، كنا نسكن البيوت، والآن نسكن الجحور 


لقد عشتُ فى وطنى بعد إشتعال تلك الحرب الطويلة التى إندلعت فيها قرابة الثلاث سنوات، أدركتُ منْ خلالها ما يقفُ وراء كلّ تصرّفٍ، لقد أيقنتُ أنَّ البشرَ متشابهينَ إلى حدٍّ كبيرٍ، الأسماءُ والألقابُ والشِّعاراتُ والرَّاياتُ والأحزابُ هى الَّتى تمنحُ النَّاسَ مساوئَهم، مع أنَّها هى أيضاً مِنْ صنعِهم


إنها كارثة، لكنها حصلت ولا يمكن إنكارها... بهذه الكلمات بدأت جدتى الصابرة حديثها معى، إلا أنها أضافت بأن المزارعون هم الوحيدون الذين يجيدون مهنة الصبر والانتظار... فهم من زرعوا عشبة الأمل فى مقابر الشهداء... وسينتظرونها إلى أن تنمو وتنمو لتغدُوَ شجرة باسقة تستظل بظلها الأجيال


صفى لنا شكل من يحتلون أرضك؟... بإختصار شديد، إنهم يا سيدى قومُ يسرحون ويمرحون ولا يردعهم أى قانون، يأخذون ولا يعطون، ينكرون ولا يشكرون


وماذا قلتِ له قبل أن ترحلين؟... صرختُ فيه بأعلى صوتى قائلة له: أكتب حين تضيق الأماكن حولك... أكتب حين يعم الصمت من حولك... أكتب حينما تصعب الأمور بين يديك... أكتب كثيراً بلا توقف كى أقرأ لك 


هل إستطعتِ التأقلم مع غربتك؟... كان الأمر فى البداية صعباً للغاية، فكنتُ كلما لملمتُ شتات نفسى ومضيت أعود إلى مكانى من جديد، فمازال ينقصنى الكثير من الأشياء وقد ضاعت منى الكثير من الفرص... ثم تأوهت باكية: كم من الوقت يلزمنى لأعود إلى روحى التى أشتاقها؟ كم من العمر سيمضى وأنا مازلت أنتظر؟... ولازلت حتى اليوم أنتظر! 


هل العدو يشبهنا؟... ورغم غرابة السؤال، إلا أننى أعتقد أن العدو إنسان يدافع عن وطنه ورأيه وعالمه، إنه حقاً يدافع عن عائلته عن ترابه عن معتقده... إنه تقريباً يدفع ثمن حبه لوطنه فى إحتلالنا وإغتصاب أرضنا.... إن العدو إنسان يضحى بذاته من أجل وطنه وقضيته... مثلما نفعل تقريباً نحن، ولكن مع إختلاف وتبادل الأدوار


هل حقاً كما سمعت وقعتِ فى حُبْ مُحتل؟... أجبت والدمع يغزو مُقلتىّ... كان حُبى له سلاحى وهزيمتى... فيه العدل والظلم، منه العجزُ والأملُ، به الحربُ والألمُ... فلا أطيقُ بعده إشتياقاً من بعد رُؤياهُ وبُعده، فلا أسفٌ يمحى الجراح ولا فعلٌ حقاً يُبرر... تراه جُرمٌ أم نراه ألمٌ؟ 


هل عاتبتينه بعد إنتهاء هدنة الحرب؟... أجبت بالإيجاب... قلتُ له: أحببتُكَ رجلاً فقيراً لا يملك سوى الدفء بين يديه... أحببتك شهماً مخلصاً لا يتخلى عنىّ رغم كل شئ... أحببتك بقلبى بروحى بعقلى... أحببتُ بساطتك، أحببتُ فقرك، أحببتُ تلك البقع على ثيابك كنتَ أنيقاً دوماً بعينى... وسيماً بالرغم من السواد تحت عينيك وجفاف بشرتك وتقشر شفتيك... تحل عليك لعناتى وأظل أصرخ لنّ أسامحك، ولكننى غصب عنى دوماً أسامحك وأرجع إليك! 


حدثينى عن حب عمرك قبل إندلاع تلك الحرب المخيفة فى وطنك؟... طالما إلتقيت به فى مناسبات عدة، ومراحل عمرية مختلفة... لطالما إلتقت أيدينا وتشابكت أعيننا... رأيت من خلال عيناه دنيا جديدة،  وعالم لا أعماق له... وحين عُدت إلى عالمى الواقعى، أجدنى دائماً أسأل ذاتى نفس السؤال بلا جواب: لماذا أفكر فيه الآن... هل يهمنى حقاً أمره؟... أيُعقل أننى مازلتُ أحبه؟ 


جلستُ على الأرض باكية وشبح الحرب يطاردنى، طفقتُ أحكى: (هذه الصور تُظهر ما رأيته، رأيت هذه المشاهد بعينى رأسى). 


كيف يمكن هزيمة جيش من المحتل؟... من يُريد أن تكون له بصمة واضحة فى نصرة قضايا الأمة، والإنتصار لها، فعليه أن يُصوب عقله صوبَ العلم، لأنه أنجح سلاح فى هزيمة الإحتلال وأعوانه، فكما أن البطون تجوع فإن الصبر على خواء العقول أمرٌ مخيف لا يجبُ التهاون فيه أو السكوت عنه


لماذا تعشقين القراءة خاصةً ووطنكم فى حالة حرب لا نعلم متى ستنتهى؟... أجبت والدمع يغمرنى بأنه لا أظن أن أمة لا تقرأ ولا يكترثُ أبناؤها للعلوم ستنتصر على خصومها يوماً ما... ثم أضفت بكل شموخ وعزة: يكفى أن علمى وقلمى وقراءتى يُكدرُ مزاج المُحتل ويُربكُ مخططاته بذكاء عقلى ورجاحةِ علمى وصوب تفكيرى وإنارتى 


وقبل بدء التفاوض مع محتل وطنى صرخت فى وجه الجميع، قائلة: يا سادة... إن كانت نيتكم غير ذلك وكنتم صادقين بأقوالكم فسمّوا الأمور بمسمياتها، وقِفوا موقفاً شريفاً يحفظ ماء وجوهكم أمام من سيأتى بعدكم من أجيال 


وقبل أن أفتح الباب خاطبت نفسى: من يا ترى يطرق بابنا، أهو عدو أم عابر سبيل؟... فجاءنى صوت لإمرأة عجوز تهمس أنها تريد أن تختبئ فى دارنا... رأيت الحزن فى عينيها أهوالاً... وفى قلبها عبرات لا يسمع أنينها إلا أذناها... وبعد ذهابها، دعوت الله أن ينتصر لهذه المرأة التى ودعتنا ذاهبةً إلى المجهول لا نحن ندرى أين ذهبت؟ وهى أيضاً لا تدرى أرواحنا بأى بقعةٍ سكنت!... شأنها فى ذلك شأن كل اللاجئين من أبناء هذا الوطن فى ظروف تلك الحرب اللعينة القاتمة السواد


بكيت من كلام جدتى وهى تصرخ فىّ: الوطن يا بُنيتى جميل بجميع أحواله بعدله وجوره، بحلوه ومره، بضعفه وقوته، فكل شىء فى الوطن يصير أجمل حتى الموت، نعم حتى الموت فى الوطن أجمل!


وماذا عن مُواطنى بلدك؟... رددت على عبارة فتاة أمريكية، سألتنى: بأنه مسكين هو المواطن العربى فإنه مخير فى العيشِ إما لاجئاً وإما نازحاً أو بالعيش داخلِ وطنه مظلوما مقهوراً ، كادحاً فقيراً ، مسلوب الإرادةِ مجهول المصير


هل طويتِ الصفحة وإنتهت الحكاية؟... لا أظن فالكل مشغول بذاته، فلم يقف أحد من العالم معنا حتى إخوتنا الأشقاء العرب إلا بالكلام ولا شئ آخر غيره! 


وهكذا تُبنى الدول وتُصنع السياسات!... كان ذلك رداً على سؤال حول الوطن الأنسب؟... والذى أتصوره كوطن لحلم كل إنسان عربى يبحث ويبحث ويجد البلد الأنسب والأقرب إلى تصوره وإلى حُلمه 


من هم اللاجئون فى وطنك؟... اللاجئون هم بكل بساطة بعيداً عن كل تعقيدات السياسة هم يا سيدى أُناس يخرجون من أوطانهم بأقدام حافية بقلوب تحبس آهاتها، بأمل العودة... ثم تطال غربتهم فينسون ولا يرجعون، هم قوم يعيشون حياة جديدة بعيدة عن الحروب والدمار ولكنها قريبة من وجع الذكريات 


ما هو حُلم كل إنسان على وطنك؟... إعتدلت باكية أن الإنسان فى وطنى يبحث دوماً على خارطة للزمان يرسمها فى ذهنه عن وطن يعيش فيه محققاً فيه أكبر قدر ممكن من الأحلام والذكريات 


ما هو الوطن الذى طالما حلمت بالحياة فيه؟... هو ذاك الوطن الذى لن أكون مضطرة لأن أختار خيار واحد من بين خيار واحد، وليس من بين متعدد 


سيدتى الجميلة: صفى لنا حال العرب فى وطنك؟... وُجِه إلىّ هذا السؤال فى مؤتمر دولى، فأخذت الميكروفون وصرخت فيه بأعلى صوتى صادحة: الوضع يشبه يا سادة يا كرام يشبه عربى هجر عربى من أرض عربية بمساندة عربية بوعود عربية بأسلحة أجنبية بخيارات وتسويات قالوا عنها أنها دولية... فإفهموها هكذا وبلا تعقيد 


وأخيراً... ما هو ملخص الحديث؟... ملخص الحديث يا أبناء وطنى وعروبتى هو أن ترى الأمور بعقلكَ أنت وتزنها بميزان تفكرك لا بموازينهم، فقبل أن تتابع أخبارك على القنوات الإخبارية حول العالم من حولك تابعها على أرض الواقع تجد الحقيقة كاملة وكامنة فى ذات الوقت، كن محللاً للأحداث وصانع قرار، إسأل عن الحقائق... إستكشف وأبذل جهداً نحو الصواب