خليل النظامي
بعد هدنة من الوقت عاد الصراع ليتجدد بين تيار الليبراليين والمحافظين في الاردن، ولكن هذه المره يحمل صبغة الصراع المعلن بالطريقة المباشرة والمكاشفة وجها لوجه، حيث في الصراع السابق اخذ المحافظون فيه دور المراقبين للحرب الداخلية المشتعله بين الليبراليين والليبراليين الجدد حول ادارة ملفات عدد من الاجندات السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية في الدولة.
الليبراليون وزعوا قواهم المختلفة على عدة جبهات من ضمنها الجبهة الاقتصادية وجبهة اخرى هدفها السيطرة على المكون الشبابي من خلال اعطائهم مساحة اكبر من الحرية، وثالثة تهتم بتفتيت وتشتيت الرأي العام في القضايا الحساسة، وهذه خطة ذكية ومحكمة للسيطرة بشكل عام أتاحت لهم التعمق والتغول اكثر واكثر في عمق الدولة ومكوناتها المختلفة، ما اثار حفيظة المحافظين حرصا على تاريخهم ورواياتهم التي يمكن تشبيهها بروايات شكسبير وماركيز ما دفعهم لخرق الهدنة غير المعلنة والانتقال بكافة قواهم لجبهة الصراع المحتدم.
حيث اخذ المحافظون الذين لم يكن لديهم سوى رواية بناء الدولة ومؤسساتها منذ التأسيس على تطوير ادواتهم بالانتقال لمرحلة التشكيك والمقارنة بما فعله الليبراليون منذ توليهم السلطة مع ما فعلوه ابان عهدهم، مرتكزين في نشر ارائهم على الثقل الشعبي في الاطراف بعيدا عن العاصمة التي تعتبر مركزا لليبراليين، مدعوما بالوزن العشائري لهم ولامتداداتهم والذي لا يجد ذلك اهتماما عند الليبراليين حيث انهم تيار ينتمي لمنظومة التقدمية والحداثة وينتقد بشدة العادات والاعراف المتوارثة والمفاهيم العشائرية لانها تقف حجر عثرة في اجنداتهم.
الغريب بالامر ان مكونات هذه التيارات يعيشون في قوقعة حربهم ضد بعضهم ببعض متناسين ضعف الحاضنة التي تجمعهم بالرغم من معرفتهم الدقيقة بالظروف التي تمر بها هذه الحاضنة "الاردن"، وبات هدفهم ينصب فقط في تطوير اسلحة الدفاع والهجوم الخاصة بكل منهم، فمن المحاضرات بالجامعات الى الندوات في المنتديات الثقافية وفوضى الصراع بينهم لا تنفك ان تهدأ حتى تشتعل من جديد.
وهنا يعترضنا سؤال مهم يتمحور عن موقف المحايده التي ما زال صمتها مثار استغراب الكثيرين، فمتى ستقول كلمتها؟؟؟.
الخلاصة ان هذا الصراع يعمل على تفتيت المكونات الشعبية ببطء، ويساعد بإضعاف بصر وبصيرة الاحزاب والنقابات والقوى السياسية في الاردن ويعصف باجنداتها المتفق عليها، وطبعا لهذا كله نتيجة حتمية تكمن في اضعاف الدولة ككل، وجعلها لقمة سهلة خاصة في وقت يبحث العدو فيه متربصا عن ثغرة يدخل منها الحصن المنيع.
ما اود قوله،
على القوى المحايدة والتي تفوق قواها قوى التيارات المتطاحنة على الساحة الان، ان تعمل على انهاء هذا الصراع وانشاء "جسد وعقل" جديد يتضمن مزيجا من هذه التيارات والقوى المراقبة للمشهد والخروج بجسم وعقل صحيح يقود الدولة في ظرفها السياسي الاقليمي والاقتصادي العصيب الذي تمر به حاليا.//