بداية الامر دعوني اوضح أن مفهوم السلطة الرابعة الذي اطلق على وسائل الاعلام واتخذ منحنى الرقابة على السلوكيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الدولة ومؤسساتها العامة والخاصة والمجتمع بكل شرائحة موجود بالاصل كـ ركيزة اساسية في النظم السياسية الديمقراطية التي تحكم بها الشعوب.
ومن هذا الباب انتقل للشرائح والجهات التي كلفت وسائل الاعلام بمراقبتها، والتي تمثل الدولة كنظام سياسي بالاضافة الى السلطات بأنواعها وصولا لفئات وشراح المجتمع ككل، في كل المجالات والقطاعات لأن ما يميز مهنة الصحافة والاعلام انها تتداخل مع كل القطاعات وهذا يحمل اداة الرقابة مسؤولية كبيرة جدا.
ولتحقيق الاثر الايجابي من الرقابة الاعلامية على السلوكيات السياسية والاجتماعية في هرم الدولة، لا بد من اقامة علاقة شرعية بينها وبين مكونات الدولة العامة والخاصة بالاضافة الى المجتمع على اساس المصداقية والثقة في ظل مناخ يتمتع بالحرية الاعلامية وبهذا تكون وسائل الاعلام حققت مبتغاها في عمليات المراقبة والتشخيص والاصلاح للسلوكيات السياسية والاقتصادية والظواهر والثغرات الاجتماعية من خلال مهمتي الانتقاد والتعزيز.
ايضا لا ننسى العاملين في وسائل الاعلام فهم اساس العملية الرقابة واستقامتها وتوازنها مع مسيرة الاصلاح والتعزيز والتوجه العام للنظام الديمقراطي، وهذا يحتم وجود اشخاص لديهم كفاءات متخصصة في علم الصحافة والاعلام يعملون وفق اسس ومعايير تشريعية واخلاقية ومهنية بعيدا عن استئثار او استغلال لمآرب شخصية لان هذة السلوكيات تجعل رقابة الاعلام في حاضنة المساومات العينية والنقدية.
كما ان نجاح رقابة وسائل الاعلام على مؤسسات الدولة يتطلب وجود مسؤولين يتمتعون بالنزاهة والشفافية، ولديهم القناعة التامة بالدور المناطة به وسائل الاعلام لممارسته على سلوكياته الالرسمية المختلفة، فبغير ذلك تكون العلاقة بين وسائل الاعلام ومكونات الدولة الرسمية والخاصة علاقة غير شرعية وهذا معناة تعطيل الدور الحقيقي لوسائل الاعلام ونتيجة الحتمية هي "الانهيار".
ما اود قولة:
ان السلطة الرابعة او ما يعرف "بالرقابة الاعلامية" هي ركيزة اساسية في النظم السياسية الديمقراطية، وهذا يحتم على قيادات هذه النظم وما ينبثق عنها من سلطات ادارك أن من منحهم هذه المناصب والسلطات هو نفسه الذي منح وسائل الاعلام سلطة الرقابة وهو "النظام الديمقراطي"، وان اي خلل في هذه المعادلة يكون تأثيرة مباشرة على الممارسة الديمقراطية للقواعد الشعبية ومكونات الدولة بالتوجيه والتسيس لخدمة فئات وشرائح وسلطات على حساب غيرها، وبالتالي فشل النظام الديمقراطي ككل وهذا معناه "الفوضى".