بقلم : والد الشهيد اللواء المتقاعد محمد علي سليمان بني فارس نائب مدير الامن العام الأسبق
بسم الله الرحمن الرحيم (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) صدق الله العظيم
ولدي معاذ :
لم يشأ الباري عزّ وجل- وهو الذي لا يُسأل عن حِكمته- أن تكتملَ فرحتُنا بك، فرحلتَ في 31/3/2016 وأنتَ ابن الاثنين وثلاثين ربيعا ، رحلت وانت تقوم بالواجب المقدس في خدمة وطنك عندما كنت تقوم بتدريب زميلك النقيب الطيار اشرف طيفور على فنون القتال والذي التحق بك شهيدا باذن الله بعد شهر بالتمام من رحيلك واستودعناك الذي لا تضيع عنده الودائع
أيها القمرُ المسافرُ في الوجع الدامي، يا مهجةَ الفؤاد، يا شطرَ نفسي ويا شقيقَ روحي، مرَّت الأيام وما زلنا وسنبقى نفتقدُك كل ساعة، نفتقدُ عطاءَك، صوتَك، بسماتِك، نكاتِك المحببةَ إلى القلب ...نشتاقُ إليك يا فلذة الكبد شوقا ممزوجاً بالعزة والكرامة والافتخار لما منحتَنا إياهُ من شرف ....منحتنا ارفع الاوسمه فاي وسام ارفع من وسام ابو الشهيد وام الشهيد وزوجة الشهيد واخو الشهيد ؟؟
يا ابا هاشم ...أيها الساكنُ داراً خيراً من دارنا، أيها الأكرمُ منا جميعا، بأي لسانٍ أرثيك؟ أبلسان أبٍ فقدَ قطعة من نفسه ؟ أم بلسان جندي خدمَ وطنهُ خمسةً وثلاثين عاما علَّمتهُ معاني التضحية والفداء وحب الوطن ؟وهل يجوز رثاؤكَ وأنت مَن اصطفاك الله بالشهادة؟. أيُّ قلمٍ يوفيك حقك وانت الشهيد ؟؟...وليتك تعرف يا ولدي أن سماحتك وإيثارك وطيب معشرك وصبرك وإخلاصك في عملك وحبك لوطنك ومليكك وبرك بوالديك كلها ترثيك على مدى الزمن
حدثتك نفسك كثيرا بالشهادة يا ولدي فكان لك ما تمنيت ... واي أمنية للمؤمن أغلى من هذه الامنية .
أي معاذ ..رحلتٓ عن العيون المحشورة بها الدموع ،ولم ترحل عن القلوب ، قلوب الأب الصابر والأم الثكلى ،والزوجة الملتاعة والأطفال
الأربعة ،قلوب الأشقاء والأهل والعشيرة والمحبين
يا من أسميتُكَ معاذا تيمناً بالصحابي الجليل معاذ بن جبل الذي لا يبعدُ ضريحهُ عن مرقدك سوى بضعة كيلومترات ...في المهج انت ... وفي مقل العيون انت ..، والله يعلم ان الروح قد تلفت
من البعاد ويوم الوصل يحييها
نفس المحبين على الأسقام صابرة
لعل مسقمها يوما يداويها
لا يسهر الليل الا من به الم
ولا تحرق النار الا رجل واطيها
..إلهي استسلمت النفوس المؤمنة الصابرة لقضائك وقدرك،حيث لا رادّ لهما ..يارب فرّج عنّا كل ضيق ، ولا تحمّلنا ما لا نطيق .. إلهي ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله،وماأوحش خلوة من لم تكن أنيسه !
قرَّ عينا يا حبيبي، فأنت وإن غادرتنا بجسدك الذي واريناه الترابَ فما زلت حياً مقيما بيننا.
وإني على الحسرة لا أقول إلا ما يرضي الله: إنا لله وانا اليه راجعون، متأسيا بقول خير البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك لمحزونون).
يقيني أنك في عليينَ بإذن الله مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكثير من أهلك ومحبيك رأوك في المنام تنعم بخير صحبة في الجنانِ التي أُعدّت للأنبياءِ والصديقينَ والشهداء والمتقين.
رحمكَ الله يا ابا هاشم وأسكنك الفردوس الاعلى من الجنة، وأسال الله أن يجبر كسرنا، ويجملنا بالصبر، وأن تكون شفيعا لنا يوم العرض واللقاء. سلامٌ على روحك الطاهرة ... وسلام على أرواح صحبكَ من شهداء الوطن.//