المهندس هاشم نايل المجالي
ان الاخلاق الحديثة تفضل فعل الامر على فعل النهي ، فالصدق خير من الكذب والعدل خير من الظلم والامر بعمل الفضيلة خير من النهي عن الرذيلة .
لأن في الاولى عملاً وعطاءً ووجوداً وحياة ، وفي الثانية تركاً وعدماً وموتاً بدون عطاء ، فكل شيء في هذه الحياة جهاد فالصحة لا تعتمد على الوقاية لوحدها وانما خير الوقاية هو العمل والعطاء والحركة والنشاط ، كذلك العقل عندما يجاهد الافكار الملوثة والاوهام السامة ويعتمد على التفكير المنتج .
فالحياة جهاد تعتمد على الارادة الصحيحة والاستفادة من التجارب والخبرات والأزمات ، والمجتمع يجب ان يكون في حركة دائمة وقوى متفاعلة لان السكون التام موتاً ، فالانسان استطاع ان يلجم الفرس ويركبها ويوجهها كيفما يريد لخدمته لانه اكبر عقلاً .
كذلك يستطيع الانسان وسط هذه الظروف الصعبة والمتضاربة ان يلجم الازمات والمشاكل بحسن التصرف ليستغلها بالعمل والانتاج ويصحح ويصوب الامور بكل عقلانية ، فاذا خمل وكسل او افلت زمام الامور من يده فلن يستطيع ان يحقق اي نجاح بل ستسوقه الظروف الى ما هو اسوأ .
وشأن الامة كشأن الفرد فكل أمة لا تسعى وتعمل لاقامة المشاريع وادارة الامور بحنكة وخبرة ومعرفة ودراية ، وتحول الازمات الى طاقة ومشاريع فانها ستقع في التهلكة وستفشل . فكل ازمة يجب ان تدرس بكل عناية ودراية .
فعدم استغلال الارض الزراعية فشل ، وعدم استغلال المعادن والمواد الاولية فشل ، وعدم استثمار الطاقات الشبابية فشل وليس من امة ناجحة يسيرها شخصيات كالريشة في الهواء بل يجب ان تسيرها الثوابت الوطنية المنتمية للوطن واستثمار كل ما يمكن استثماره .
فالفرس الملجمة هي التي تقاد والامة الناجحة هي التي ترى الفوضى فتنظمها ، وترى الرأي العام ضعيفاً فتقويه ، فالحياة معركة فكيف سنفوز بها حتى لا ننكسر .
ففي الارادة القوية التي يواكبها ويصحبها العمل والتنفيذ والتصحيح وانتهاز الفرص تحقق النجاح ، ولن يكسب المعركة المسؤول الجبان ولا المسؤول الذي لا يريد ان يبتكر حلولاً للازمات ولا يفكر حتى يستغل طاقته ، ولا يطيل التفكير اكثر مما يلزم فالعقلية عند المسؤول هي حركة الفكر في الامور التي نسعى لتحقيقها وعلمه بحقيقة كل الامور التي تعيق العمل والانتاج ، وأي أمة تعظم وترتقي في سماء العزة بخصال من اهمها دراسة أثر الاقتصاد في سياسة الانفاق والاسراف ، حيث يقع الاقتصاد بين حدين خطرين هما البخل في تنفيذ المشاريع التنموية وتطوير البنية التحتية والاسراف فيما هو ليس نافع ، وتقدير ذلك يختلف باختلاف نمط تفكير المسؤولين عن ذلك .
حيث الاسراف المبالغ به والانفاق الغير مبرر وتجاوز حد الاجور العادلة سوف يجر الدولة الى عواقب لا يحمد عقباها فالامة تملك عزتها بقدر عمارة بيت مالها ، اما الدولة المديونة فستبقى ضعيفة ان لم تصحح احوالها من كافة النواحي وتوقف الهدر بالمال العام وتوقف الفساد باشكاله وانواعه .//
hashemmajali_56@yahoo.com