وليد حسني
حذَّر الأردنيون موجات الجراد التي تغزو حالياً مناطق شاسعة في الجارة السعودية من دخول الأردن، بدا التحذير حميمياً تماماً، بعد أن وجد الأردنيون ما يتسلون به ويُسقطون ما في أنفسهم من نكبات على موجات الجراد التي يحتمل عبورها حدودنا والتوغل في أراضينا جنوباً وشرقا.
وجه الأردنيون رسائلهم لأسراب الجراد بلغة ناعمة أشبه بالنصائح المجانية، هناك على صفحات الفيس بوك اجتهد الكثيرون لإسقاط ما في واقعهم على عالم الجراد"لا تدخلوا الأردن لأنكم لن تجدوا شيئاً تأكلونه، فقد أكل الفاسدون قبلكم الأخضر واليابس في البلاد"، هكذا بدون مقدمات يظهر الفاسدون في خطاب اليومي الأردني وكأنهم أسراب جراد حولوا الأردن إلى مجرد صحراء قاحلة بعد أن نكَّلوا بكل ما فيه من مظاهر الحياة.
هكذا رأى الأردنيون الفاسدون في بلادهم، فقد حرموا حتى الجراد من وجبات طعامه التي تعينه على التجول والهجرة والبحث عن الطعام.
وقال أردنيون أن أسراب الجراد عقدت اجتماعات ميدانية عاجلة لمناقشة الوجهة القادمة لها تجاه الأردن، وتوافقوا على تغيير وجهتهم بالرغم من بعد المسافات وشقة السفر، واحتمالات المخاطرة بحياة عشرات آلاف الأشقاء من الجراد" في الأردن سيفرضون علينا ضريبة على عبور الحدود، وضريبة على استعمال الهواء، وضريبة على التنقل، وضريبة على محطات الإستراحة، وضريبة على الموت..الخ.
هنا تبرز معاناة الأردني اليومية في حزمة الضرائب الباهظة التي تفرضها الدولة عليه حتى تركته يئن موجوعاً تحت وطأتها ونيرها الحارق..
حتى في موسم الجراد يجد الأردني ما يقوله عن نفسه وما يقتله في حياته وفي معاشه اليومي، وهذه المعاناة المتتالية هي التي حولت الأردني إلى ناقدٍ سياسي واجتماعي لاذع وعلى غير طبيعة الأردني الجاد والصابر بطبعه، إذ من الواضح أنه فقد حتى فضيلة التعامل مع الصبر.
أسراب الجراد حركت قريحة الأردني مجدداً، وانتشلته من صمته الأليم، ودفعت به لإسقاط معاناته اليومية على أسراب الجراد، وكأنه زهدٌ في المواجهة والتعبير المباشر عن ضيقه وعنته بمعاشه اليومي، فذهب إلى الترميز تارة، وإلى المواجهة تارة أخرى، وهو يدرك جيداً أنه يمارس حالة تنفيس لا أكثر ولا أقل.
الجراد سيكون ضحية الفساد والخراب والقحط والمحل مثله مثل الأردني تماماً، هذا ما أجمعت عليه يوميات الأردنيين طيلة الأمس على صفحاتهم، إلا أن الأكثر روعة أن ثمة دعوات لاستضافة الجراد حتى العام المقبل لعله يكون أفضل من العام الحالي شريطة أن يستطيع الجراد احتمال ما يحتمله الأردني في معاشه اليومي..
لهذه الدرجة أصبح حتى الجراد عنواناً مفتوحاً في مواجهة الأردني ليومه سييء التفاصيل..
لكن الأهم من ذلك كله أن لا أحد يريد الإعتراف بأننا في أزمة كارثية، ولا زال المسؤول يغط في نومه دون أن يسمع قرع الأجراس التي بدأت تدفع بعضها بعضاً، فتزحم المكان....//