بلال العبويني
لطالما كانت البطالة قنبلة موقوتة من شأنها أن تنفجر في أي وقت، حالها كحال الفقر وهو ما يحتاج إلى وقفة جادة للمعالجة على وجه السرعة باعتباره أولوية.
حراك متعطلون عن العمل بالزحف سيراً على الأقدام من المحافظات نحو العاصمة للمطالبة بوظائف، يشكل تحديا جديداً أمام الحكومة التي ما زالت عاجزة عن إيجاد حلول ناجعة لمُعضلة البطالة التي تصل إلى نحو 18.4%، بحسب إحصائيات رسمية.
القطاع العام متخم اليوم وليس بمقدور الحكومة التوسع بالتوظيف، إذ تم تقليص عدد الوظائف للعام الحالي بحدود ستة آلاف وظيفة غالبيتها لقطاعي التربية والتعليم والصحة.
في الوقت ذاته فإن القطاع الخاص يعاني، إذ أن الكثير منه إن لم يوقف التوظيف فإنه يقدم عروضا للموظفين لديه لتقديم الاستقالة أو الخروج من الوظيفة على التقاعد المبكر، وذلك بسبب ما يعانيه من تراجع في الأداء الاقتصادي نتيجة ارتفاع الكلف التشغيلية والضرائب والرسوم وما إلى ذلك.
في أواخر العام الماضي وعد رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بتوفير ثلاثين ألف وظيفة للأردنيين، غير أن هذا الرقم الكبير يصعب تحقيقه طالما ظل الأداء الاقتصادي على ما هو عليه من ضعف في معدلات النمو بحدود 2.3% بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، وبالمقارنة مع النمو السكاني الذي وصل إلى نحو 5.3%.
الرزاز وزع الوظائف على عدة قطاعات منها الريادي، وهذا القطاع يعتبر مدخلاً مهما للقضاء على البطالة وفي تحقيق التنمية المستدامة ، غير أنه يواجه تحديا يكمن في صعوبة توفير التمويل اللازم لكي يتطور.
أما الصناعي، فإنه يعاني من ارتفاع كلف التشغيل وتراجع الأرباح وعدم القدرة على النمو بفعل الضرائب والرسوم المرتفعة وضعف التسويق الخارجي، فضلا عن تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين محلياً.
في حين أن قطاع الإسكان، يعاني من تراجع واضح في أدائه وذلك لاعتبارات كثيرة منها ما ارتبط بتشدد البنوك في عملية الإقراض، وفي ارتفاع الأسعار وفي انسحاب رؤوس أموال من السوق المحلي إلى الأسواق المجاورة والتقديرات تتحدث هنا عن أكثر من ملياري دينار، فضلاً عن مزاحمة العامل الوافد للعامل المحلي للعمل في مثل هذه القطاعات.
ثمة حديث، غير منصف، متعلق بأن "ثقافة العيب" تمنع الأردنيين من العمل بمهن محددة مثل حراسة البنايات التي يسيطر عليها الوافدون وتدر دخلاً جيداً عليهم.
هذه المهنة، وما شابهها، بإمكان الأردني العمل بها لو توفرت لها شروط "الآدمية" والحقوق الإنسانية والعمالية، فمن يعمل بها محروم من الإجازة وليس لديه أوقات عمل محددة وغالباً ما يسكن في غرف البويلرات المميتة على المدى البعيد.
الحكومة لن يكون بمقدروها حل مشكلة البطالة، إلا بقدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفي تقديم امتيازات للقطاعات المختلفة مرتبطة بتخفيض الكلف التشغيلية كأسعار الطاقة وما إلى ذلك، فضلاً عن أن الظرف يحتاج سريعا إلى تنظيم بعض المهن مثل مهنة حراسة الشقق وتحويلها إلى شركات لا تشغّل إلا أردنيين وتتكفل في تأمينهم بحقوقهم العمالية والإنسانية.
"ثقافة العيب"، شماعة ولم يعد لها وجود فعلي على الأرض طالما توفرت الظروف الإنسانية والحقوقية للعامل.
التحرك السريع من الحكومة مطلوب في هذه المرحلة ، وغير ذلك فإن كرة الزحف تجاه عمان ستكون قنبلة حقيقية تنفجر في حضنها، لذا عليها التفكير خارج الصندوق واستغلال جميع الفرص ومنها فرصة مبادرة لندن لتأمين استثمارات مباشرة من شأنها خلق تنمية مستدامة وفتح فرص جديدة لتشغيل الأردنيين.//